15/10/2013 - 12:23

مجد الكروم: يوم دراسي حول حقوق فلسطينيي الداخل الثقافية وكيفية تحصيلها

عقد مركز "مساواة لحقوق المواطنين العرب"، وبالتعاون مع " جمعية المنار – مجلة الغد الجديد"، الجمعة، 4.10.2013، يوما دراسيا تحت عنوان "حقوقنا الثقافية، ممن وكيف؟"، في مبنى المركز الجماهيري - مجد الكروم، وقد شارك فيه عدد من المبدعين والمشتغلين في الحقل الثقافي، وجمهور من مختلف أنحاء الداخل الفلسطيني.

مجد الكروم: يوم دراسي حول حقوق فلسطينيي الداخل الثقافية وكيفية تحصيلها


عقد مركز "مساواة لحقوق المواطنين العرب"، وبالتعاون مع " جمعية المنار – مجلة الغد الجديد"، الجمعة، 4.10.2013، يوما دراسيا تحت عنوان "حقوقنا الثقافية، ممن وكيف؟"، في مبنى المركز الجماهيري - مجد الكروم، وقد شارك فيه عدد من المبدعين والمشتغلين في الحقل الثقافي، وجمهور من مختلف أنحاء الداخل الفلسطيني.

افتتح اليوم الدراسي القائم بأعمال مدير مركز "مساواة"، المحامي نضال عثمان، مؤكدا على أهمية خلق حراك ثقافي يؤثر على الظواهر الاجتماعية، منوهًا، بأسف، إلى أن العنف  بشكل أو بآخر بات يعد جزءًا من ثقافتنا، وأن هذا يتطلب حلًّا من المعنيين، معتبرًا أن  الثقافة ليست الأدب والفنون على أشكالها فحسب، إنما تتجاوز ذلك لتشمل أنماط وسلوكيات الحياة بمجملها، والقيم والمبادئ.

وضع الثقافة على أجندات الانتخابات المحلية

أما كلمة البلد المضيف فكانت لرئيس جمعية "المنار"، السيد محيي الدين خلايلة، الذي قال: "كلما غرسنا الثقافة في مجتمعنا كلما ارتقينا به أكثر، الثقافة من الركائز الأساسية في بناء الأمم، ولكل أمة ثقافة تمتد منها خصائصها، ولكل ثقافة سماتها المميزة لها، وثقافتنا العربية وازنت بين جوانب العقل والوجدان معًا، وهذا ما يميزها"، وحول اللغة العربية قال إنها "ليست لغة أداء وتواصل وحسب، إنما لغة فكر وإنتاج معرفي، وعليه فعنايتنا بها أولوية وواجب، فهي مرآة هويتنا وثقافتنا."

بدوره، قال مدير مركز "مساواة" السيد جعفر فرح: "عملنا في مساواة، مؤسسةً حقوقية، على مكافحة العنصرية في مختلف نواحي الحياة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وقد كان لنا نقاش طويل حول دور مساواة في الشأن الثقافي، إلى أن وصلنا إلى قناعة بأن مسؤولية كبيرة تقع علينا في المساهمة بطرح الثقافة مطلبًا حقوقيًّا إلى جانب قضايا أخرى، وألا تبقى هذه المسؤولية محصورة في المثقفين فقط، إذ نرى أن لكل الأطراف دورًا كبيرًا في هذا المضامر."

وأضاف فرح: "هناك فجوة بين جيل النكبة وما بعده، ومن مسؤوليتنا الثقافية إنتاج مشروع ثقافي وطني جامع، يحمي ثقافتنا ويطورها، وقد اخترنا هذا اليوم قبل الانتخابات لأن الثقافة لا تكون على أجنداتها في القرى والمدن العربية، وعلينا أن تكون لدينا مسؤولية لجعلها على سلم أولويات الانتخابات."

حقوقنا الثقافية، ممن وكيف؟

وقد أدار الجلسة الأولى المعنونة بـ "ثقافة بلا سياسة، سياسة بلا ثقافة؛ أين تكمن المشكلة؟" الشاعر والباحث علي مواسي، مفتتحًا إياها بالتأكيد على أنه في سبيل تحقيق طموحاتنا الثقافية يجب علينا الإجابة على مجموعة من الأسئلة، قائلًا بعد طرح الأسئلة: "ولعل السؤال الأهم، كيف نواجه الحرب اليومية التي يشنها المستعمرُ على هويتنا، وثقافتنا، ولغتنا؟! كيف تمأسس المؤسسة الإسرائيلية لكل هذه العداوة تجاهنا؟! بأي الأدوات والخطط نحمي أنفسنا؟! كيف يسترد دافع الضرائب العربي أمواله، حقّه، ليستثمرها في إنتاجه الثقافي والمعرفي والتربوي؟! بلدياتنا كم تستثمر من ميزانيتها لدعم الآداب والفنون؟ كيف لنا أن نحرر أموالنا من أفواه المجنزرات والبلدوزرات البانية للمستوطنات والهادمة لوجودنا؟! كيف نخلّصُ ثقافتنا ونحميها؟!

سلمان ناطور: الثقافة فعل مقاومة؟

أما الأديب سلمان ناطور، مدير مشروع الثقافة الفلسطينية في مركز "مساواة"، فقد قال في محاضرته الشاملة عن الثقافة الفلسطينية، إن سؤال الثقافة أهم من الجواب، وعلى الثقافة أن تطرح الأسئلة الصعبة والصحيحة، شرطًا للوصول إلى الأجوبة الصحيحة"، وأضاف: "حقوقنا تبدأ منا وواجباتنا تبدأ منا، فإلى أي مدى نتعامل مع الثقافة بشكل صحيح، وكيف نتعاون مع مؤسسات الثقافة وما هو دورنا؟ هل فعلا نحن نبني هوية على أسس ثقافية راسخة؟ ما هو دور سلطاتنا المحلية في التطور الحضاري والثقافي؟ كم سلطة محلية عربية أقامت قسما خاصا بالثقافة وخصصت له بندا في ميزانيتها؟ أين الثقافة في الدعاية الانتخابية اليوم؟ كم من رئيس مجلس يتباهى بأنه قدم الثقافة في بلده ورفعها إلى المستويات التي يستحقها أهل بلده؟ أينما تحضر الثقافة تهرب الهمالات، فهل تخلو بلداتنا من الهمالات والعنف؟"

الوطن العربي فضاؤنا، ولنا مكان في الورشة العالمية

وتابع: "نحن شعب له تراث وجذور في التاريخ، وله إنجازات، ونعيش في منطقة كان فيها الاندماج الثقافي من أهم مكونات ثقافته؛ شعوب كثيرة عاشت هنا، والحضارة الفلسطينية اليوم مزيج من هذه الحضارات، وفلسطين قادرة على أن تتفاعل معها. ثقافتنا هنا في الداخل جزء لا يتجزأ من الثقافة الفلسطينية، ونحن لا نتواصل معها بل موحدون فيها ونشكل ركنًا فاعلًا ومؤثرًا فيها، كذلك إننا جزء لا يتجزأ من الثقافة العربية من المحيط إلى الخليج، والعالم العربي فضاؤنا الثقافي ووطننا الحضاري، ولا يجوز لأحد أن يسلب منا هذا الانتماء العضوي."

واختتم ناطور بالقول: "نريد أن نكون شركاء في ورشة الثقافة الحضارية الإنسانية، والثقافة العالمية، لكي نستطيع أن نكون جزءًا من الورشة العالمية يجب أن نطور أدواتنا الإبداعية ونعمق جذور ثقافتنا، أن نرتقي بها إنسانيًّا وفنيًّا، مضمونًا وشكلًا. نريد أن ننقل ثقافتنا إلى العالم وننقل ثقافة العالم إلينا."

الدكتور نهاد عليحول السياسة والثقافة لفسطينيي الداخل

بعد ذلك تحدث المحاضر والباحث في جامعة حيفا وكلية الجليل الغربي، الدكتور نهاد علي، حول "الثقافة والسياسة، فلسطينيو الداخل في السياق الإسرائيلي"، مبينًا أن أن علاقة الفلسطيني داخل الخط الأخضر بثقافته مرت بمراحل عدة بعد النكبة، أولها الانقطاع إثر النكبة مباشرة، وذلك بسبب العدائية التي واجهتها هذه الثقافة من المؤسسة الصهيونية، ثم الاغتراب بسبب سياسات تشويه الهوية العربية وطمسها، وإحلال قيم غربية إسرائيلية محلها، ثم مرحلة بدايات تبلور الوعي السياسي – الثقافي بعد يوم الأرض، ثم مرحلة النهوض القومي والوطني الثقافي.

وأشار د. علي في محاضرته إلى أن دافيد بن غوريون، رئيس حكومة إسرائيل، اقترح في إحدى جلسات الحكومة اتخاذ قرار بمنع تعليم اللغة العربية في المدارس العربية، وأضاف قائلا: "نحن موجودون في أزمة كبيرة، وهناك جدل صارخ في بعض الأوساط حول فصل الثقافة عن السياسة، وهذا شيء مستحيل، وإذا كانت وظيفة المثقف أن يحلم، فوظيفة السياسي أن يحقق الحلم، وإذا كان هناك رسم لأبعاد كبيرة وعملية الاختزال والتخصيب بين البعدين للمثقف والسياسي هناك عقلنة للعملية الثقافية ومع كل حبنا للثقافة واهتمامنا ليست هناك ثقافة غير ملتزمة، أو بدون أحلام.

وأضح د. علي أن استطلاعات رأي أجراها حول الثقافة وطبيعة في الحياة في إسرائيل، أوضحت أن الغالبية العظمى من الإسرائيليين يرون أن ثقافة المجتمع والدولة يجب أن يكون غربيًّا، موضحًا أن نسبة 50% من العرب تقريبًا ترى ذلك أيضًا، وذلك بالتأكيد بتأثير السياق الإسرائيلي الذي يعيش فيه العربي، والذي يجعله منقطعًا قسرًا عن محيطه العربي، الثقافي، والاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي.

شهادتان للشاعر سعود الأسدي والفنانة روضة سليمان

بعد مداخلتي الأديب سلمان ناطور والدكتور نهاد علي، دعا مواسي كلا من الشاعر سعود الأسدي والفنانة روضة سليمان ليتحدثا عن تجربتيهما، كل في مجاله، والصعوبات والتحديات التي واجهها كل منهما، فقال سعود الأسدي: "أول ما كتبت من شعر كان باللغة العامية، وهي لغة الأم التي تهدهد بها لأطفالها، وكنت في حينه طالبًا في الجامعة أدرس اللغة العربية، ولما رآى أبي (الشاعر الشعبي أبو سعود) ما كتبت، سألني: هل ذهبت إلى الجامعة لتكتب باللغة العامية؟ قلت له إن هذه اللغة بالنسبة الأولى، لغة الأم ومنها أبدأ، وأن الأجيال يجب أن تحفظها وتحترمها لأنها مكون أساسي من مكونات الهوية."

وتحدث الأسدي عن أولى لقاءاته بالكتب العربية في مكتبة الجامعة العبرية، وشعوره عندما اكتشف أن كل الكتب منهوبة من مكتبات الفلسطينيين، العامة والخاصة، على يد العصابات الصهيونية، وعليها أسماء أصحابها؛ وقد روى كيف أن جيلًا من الفلسطينيين بعد النكبة، أي في زمن الحكم العسكري، كانوا إن حصلوا على نسخة من كتاب معين نسخوه بخط أيديهم ليحتفظوا به ويتبادلوه بينهم"، مؤكدًا على الحصار الثقافي الذي كان يعيشه الناس في حينه.

ودعا الأسدي في كلمته إلى العودة لتراث العرب الحضاري الغني، الممتد إلى عصور بعيدة، والاعتزاز به، وكذلك الاطلاع على الآداب والعلوم العربية، قديمها وحديثها، والمحافظة عليها، وتعليمها للأبناء لصون موروث الأمة وتعزيز هويتها."

وتحدثت الفنانة روضة سليمان، مديرة مسرح "السرايا" في يافا عن الصعوبات التي يعانيها المسرح العربي في البلاد، من شح في الميزانية، وانعدام للدعم المعنوي والمادي، قائلة إن وضع المرح العربي محزن للغاية في هذه الأيام.

ونوهت سليمان إلى أن تمركز الحياة في بعض مدن الشمال الفلسطيني يجب ألا يأتي على حساب المركز، وخصوصًا يافا ومنطقتها، وأن الدعم والاهتمام أيضًا يجب أن يوجه إلى تلك المنطقة، خصوصًا مع ما يعنيه أهلها من عنصرية وتمييز يوميين، مبينة أن مقارنة ما يحصل عليها المسرح الذي تديره مع المسارح اليهودية في المنطقة يبين حجم التمييز الصارخ.

 ودعت سليمان إلى وضع خطة لإنقاذ المسارح العربية في البلاد، خاصة وأن هناك طاقات كثيرة تحتاج إلى الدعم والتشجيع لتستمر في الإنتاج، وفي ظروف تضمن لها حياة كريمة، وتساعدها على العمل بإبداعية وحرفية عالية، مؤكدة على أن النجاحات التي يحققها المسرح والسينما الفلسطينيان في الآونة الأخيرة يقتصر على جهودات فردية يتيمة، دون مأسسة ودعم ثابت ودائم.

ثقافتنا، ما لنا وما علينا، كيف تعمل مؤسساتنا؟

تمحورت الجلسة الثانية من اليوم الدراسي حول عمل مؤسسات الداخل الفلسطيني في الشأن الثقافي، وقد عنونت بـ: "ثقافتنا، ما لنا وما علينا، كيف تعمل مؤسساتنا؟"، وأدارها الأستاذ رائد نصر الله، الذي شغل في نهاية التسعينات منصب المدير الإداري لمسرح "الميدان".

افتتح نصر الله الجلسة قائًلا: "بمقدورنا، رغم كل ما حولنا من معيقات، أن نخلق حالة وحراكًا ثقافيًّا بمشاركة الجمهور، وهذا هو مكمن الإبداع"، ثم تحدث عن تجربته في إدارة مسرح "الميدان"، وعن الصعوبات التي كانوا يواجهونها فيما يتعلق بسياسة توزيع الميزانيات، منوهًا إلى أن بلدية حيفا في حينه كانت تحاول الحصول على مقابل سياسي مقابل تمويل أنشطة المسرح، وأن رفض هذه المحاولات كان سببًا كافيًا لعدم الحصول عليه. وأشار أيضًا إلى عدة طرق اتبعتها إدارة المسرح لتفعيله وتعزيز صلته بالجمهور، من بينها توفير تذكرة بسعر معقول، تسمح بمشاهدة أكثر من مسرحية في أوقات مختلفة وفقًا لاختيار مشتريها.

وحاور نصر الله المتحدثين في الجلسة، وهم أصحاب مبادرات ثقافية ومسؤولو مؤسسات تنشط في حقل الثقافة.

 وفي حوار مع الأستاذ فريد غانم، رئيس مجلس المغار المحلي، قال: حبي الاول هو الادب وطموحي ان اتفرغ للمجال، ومجال الثقافة وما الى ذلك، ولكن للضرورة احكاما، وبعد مداولات صعبة، قررت اترشح لرئاسة السلطة المحلية، والجمهور عموما بمن فيهم المثقفون يوجهون انتقادات بعضها بناء وبعضها ينبع من جهل بالتفاصيل، السلطة في اسرائيل هي سلطة مأزومة لانها لا تقدم الحد الأدنى من الخدمات للمواطن. جمهورنا من المثقفين والجمهور الاخر لا يحضر الفعاليات الثقافية بينما في الاعراس يحضرون، ويجب ان نبحث مجددا في كل مفاهيم تسويق الثقافة وهناك قصور في ايجاد الوسائل لذلك.

 

وقال مسؤول السلة الثقافية في المجتمع العربي، الفنان خضر شاما، إن "السلة الثقافية تحصل على تمويلها من وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، والهدف منها العمل مع طلاب المدارس في في ستة مجالات فنية وثقافية، وذلك لتطويرهم وتعزيز مواهبهم في هذا المجال"، وأوضح شاما أن هناك مشكلات عدة تواجههم في العمل على استثمار الميزانيات، منها أن البلديات، ورغم كل الرسائل التي ترسلها إدارة السلة لهم، لا يعملون على طلب الميزانيات الخاصة بهذا المشروع، وهي حق طلابنا، وبالتالي تعود للوزارة بسبب الإهمال الإداري، وأضاف أن هذا الأمر ينطبق كذلك على إدارات المدارس، فمن بين 100 مدرسة عربية تراسلها السلة الثقافية، لا تستجيب لهم سوى مدارس قليلة جدًّا.

وأوضح شاما أيضًا أن مركزي الأنشطة اللا منهجية في المدارس، أو الشؤون الثقافية والفنية، يكونون عادةً غير مؤهلين، وبلا رؤى وخطط مستقبلية، ودون أي تصور، وهذا أيضًا يعيق تطوير هذا الجانب لدى الطلاب في مجتمعنا.

أما السيدة مها  زحالقة – مصالحة، مديرة قسم الثقافة والتربية اللامنهجية في مجلس كفر قرع المحلي، فتحدثت عن صعوبة تجنيد الجمهور لحضور نشاط ثقافي ما، مشيرة إلى أن المدارس العربية لا تشجع الطلاب على تلقي الثقافة الفلسطينية بالشكل الصحيح، فهناك دائمًا "بعبع" صنعناه بأنفسنا يهددنا إذا ما تناولنا واهتممنا بثقافتنا الوطنية، وعلينا أن نحطم هذا "البعبع" الذي يخيفنا تمامًا إذا ما أردنا التغيير والتطوير. وقالت أيضًا إن الثقافة في البلدات العربية مهمشة والمسارح مجرد كماليات، وأن الناس عندما يسألون رئيس مجلس ما ماذا فعل خلال دورته، فإنهم لا يسألونه عن الفعل الثقافي.

وأوضحت زحالقة أنه ورغم كل ذلك، حقق قسم الثقافة في كفر قرع إنجازات ثقافية مهمة، تحولت بها البلدة إلى خلية نشطة تستقبل الأدباء، والفنانين، والمبدعين من مختلف المجالات، وأنها صارت عنوانًا ثقافيًّا يقصده الناس من المنطقة كلها، وذلك تحقق بالإرادة والإصرار رغم كل المعيقات الممكنة، مؤكدة أنها تشعر بفخر كبير لأن الجيل الشاب على الأقل بات يعرف رموزه الثقافية والأدبية والفنية أكثر.

وقال الشاعر سامي مهنا، رئيس اتحاد الكتاب في الداخل الفلسطيني: "اتحاد الكتاب حالة نسعى لتكوينها وترسيخها، لتكون مؤسسة وطنية إلى جانب مختلف المؤسسات المعبرة عنا جماعيًّا، وطبعًا ليس من السهل أبدًا إنشاء مثل هذا الجسم لأسباب عدة"، وأضاف: "الهدف الأسمى بالنسبة لنا خلق حالة سياسية وثقافية واجتماعية نشطة من خلال الاتحاد، تعبر عنا همومنا وآمالنا وطموحاتنا، ولإنجاز مثل هذا نحتاج إلى تعاون وتنسيق وتشبيك مع كل الجهات الممكنة، من أحزاب، ومؤسسات مجتمع مدني، وشخصيات أدبية وأخرى تنشط في الحقل الثقافي."

ونوه مهنا إلى أن "من أهداف الاتحاد التواصل مع الفضاء العربي وتعريفه بطاقات الداخل الفلسطيني الأدبية، بعيدًا عن الوجدانيات والعاطفة، إنما من خلال عمل ممأسس وتواصل يحترم هذه الطاقات لما تنتجه، وتمامًا كما تستحق. "

وتحدث الفنان جمال حسن، مدير جمعية "عناة" للفنون والثقافة، مستعيدا مسيرة عشرين عاما في تأسيس وإدارة جمعية "إبداع"، ثم جمعية "عناة"، والتضحيات التي يضطر الفنان إلى تقديمها من أجل النهوض بالحركة الفنية في البلاد على حساب وقته، وراحته، وكرامة عيشه، ثم ليبدأ بعد ذلك تطوير فنه متأحرًا، بدلًا من أن يكون الأمر عكسيًّا.

وقال حسن إنه إذا كان المسرح يحصل على ميزانيات قليلة، ويقبل عليه الجمهور عندما يكون هناك جهد منظم، فإن الفن التشكيلي لا يحصل على أي تمويل، والجمهور يقبل عليه بشكل قليل جدًّا ونادر.

وعن الحياة الثقافية في مدرسة "بير الأمير" في الناصرة، ودوره في تنشيطها، قالت المربية إيناس زعبي، مركزة الفعاليات الثقافية في المدرسة:"نؤمن في مدرستنا بطاقات طلابنا وإبداعاتهم، ونقدر الثقافة والفنون كثيرًا لدورها في تنشئة أجيال مبتكرة ومُطورة. رصيدنا كبير ومدرستنا تتبنى كل مشروع ثقافي وفني جدي يتضمن إبداعًا وإفادة، وقد عملنا مع السلة الثقافية في سبيل إنجاز عدد من المشاريع الثقافية، ولعل المشروع الأهم هو تشجيع القراءة، الذي استضفنا خلال عددًا من الأدباء، والكتاب، والمترجمين، والناشرين، بهدف جعل الطالب قريبًا من الكتاب، بل إننا في آخر السنة الدراسية الماضية قمنا بإصدار كتاب يضم نصوصًا للطلاب لتشجيعهم على الكتابة الإبداعية."

وأضافت زعبي: "نحاول قدر الإمكان إشراك الأهل في مشاريعنا الثقافية والفنية، ليكون الطالب على اتصال بعالم الثقافة والأدب والفنون في بيته أيضًا، لا في المدرسة فقط، وهكذا نعزز أيضًا اهتمام الأهل بهذا المضمار."

وتحدثت الحكواتية وأمينة المكتبة العامة في مجد الكروم، فاطمة كيوان، عن دور المكتبة في تعزيز المعرفة والثقافة في البلدة، وخصوصًا بين صفوف الطلاب على اختلاف مراحلهم الدراسية، مشيدة بالدعم الذي حصلت عليه المكتبة من مؤسسات المجتمع المدني مثل مركز "مساواة"، الذي نظم عددًا من الأيام اللقاءات التدريبية والأيام الدراسية لتطوير عمل أمينات المكتبات. منوهة إلى أن نشاط أمينات المكتبات في مختلف المكتبات ولقاءاتهن المستمرة والتشبيك بينهن وتبادل التجارب والخيرات يساهم جدًّا في تطوير الثقافة والقراءة من خلال عمل المكتبات، داعية إلى الضغط لإقامة المزيد من المكتبات في مختلف القرى والمدن العربية في الداخل الفلسطينية.

واستعرض مدير المركز الجماهيري في مجد الكروم، الأستاذ إبراهيم خلايلة، الصعوبات التي واجهها مع زملائه في العمل الثقافي منذ تأسيس مسرح الحكواتي في القدس المحتلة، ثم افتتاح المركز الجماهيري في مجد الكروم عام 2003، مشيرا إلى أن الميزانية التي يحصل عليها المركز هي "صفر" شيقل إن كان من البلدية أو من الوزارات المعنية، مؤكدا على أنه وبالرغم من ذلك يجهد المركز لتنظيم الفعاليات والبرامج التربيوة والثقافية بشكل دائم، بالاعتماد على أهالي البلد أنفسهم، والطاقات الفردية من الحريصين.

وطالب خلايلة كل بلدية أو مجلس في الداخل الفلسطيني بتوظيف ولو فنانًا أو كاتبًا واحدًا على الأقل، يكلفه بالإنتاج الإبداعي، منوهًا إلى أنه لو حصل ذلك فإن الفائدة ستعود على المبدع الغريب واليتيم في مجتمعه، وفي الوقت نفسه على الإنتاج الثقافي، محلّيًّا وقطريًّا.

وكان آخر المتكلمين في هذه الجلسة المستشارة التنظيمية دنيا مخلوف، مشيرة إلى أن العمل الثقافي، مثل أي قطاع، يحتاج إلى مختصين ومستشارين تنظيميين مثل أي قطاع آخر، وهذا ما ينقص العمل الثقافي في الداخل الفلسطيني، وفقط بذلك نطور واقعنا الثقافي ونجعله أكثر نجاعة، ومن واجبنا جميعًا النهوض بالمهن والتخصصات العربية لتحقيق ذلك.

وأشارت مخلوف إلى أن التشبيك الحقيقي بين المؤسسات، التشبيك بمعنى التخطيط والعمل المشترك والتكال، لا التواصل، يكاد يكون معدومًا، ولهذا نجد فعاليات وإنتاجات ثقافية متكررة وغير متجددة، كأنها نسخ متشابهة، وهذا يجعل ثقة الجمهور بالأنشطة الثقافية متدنية، ومسؤوليتنا جميعًا تغيير ذلك.

وفي الختام، أكد السيد جعفر فرح في معرض تلخيصه لليوم الدراسي، على ضرورة التشبيك بين المؤسسات الثقافية، وطالب السلطات المحلية بإدراج الثقافة على رأس سلم أولوياتها، وكذلك مرشحي البلديات والقوائم بجعلها من ضمن أهم المواضيع على أجنداتهم خلال حملاتهم الانتخابية.  

التعليقات