11/01/2014 - 13:22

سراج لروح العملاق وديع الصافي.. جوقتا سراج وبيات تضيئان فضاءات في زمن كالح..

انتصب العشرات من العازفين والمنشدين على المنصة باداء ملفت، كتيبة من مبدعين في عالم الحب والجمال ،عانقوا واحتضنوا الاتهم واطلقوا صدى حناجرهم باحاسيس كجمرات متوثبة لتستحضر موروث يتوق الكثيرين لعبقه في زمن الاستهلاك والهبوط، يرتلون الحانا قادمة من اروقة معابد موغلة في عمق الارض والتاريخ ومتغلغلة في ثنايا الروح..

سراج لروح العملاق وديع الصافي.. جوقتا سراج  وبيات تضيئان فضاءات في زمن كالح..

وديع الصافي: عبر صوتي واللحن احمل كرامة الوطن وارحل على اهداب الشمس.. الملم وجع الاطفال ودموع المقهورين ..على صوتي يبقى سطرا في تاريخ الكرامة ونجمة في ليل العابرين للحرية.

تكريما لروح العملاق الكبير وديع الصافي الذي نثر الحب والجمال في بقاع وطن متصحر من المحيط الى الخليج وزرع الارض المحروقة زنابقا وسنابل، غصت صالة العرض " في مدينة كرميئيل"،ليل امس الجمعة، بحشد كبير  من عشاق الموسيقى ومغرمي اصالة الغناء الطربي القديم،عشرات من نخبة و خيرة العازفين من الجليل  المتمرسين في جوقتي "سراج" وبيات. ومن على مشارف جبال الرامة الجليلية   اضاءت  ليال كالحة ودفئ في طقس بارد وماطر، لتحيي ذكرى عملاقا عربيا استثنائيا ترك بصمات عميقة في عالم الروح وفي وجدان الارض المنكوبة .. سراج ابت الا ان تكرس روحه وترسخ ابداعية ارثه الذي ربما لايتكرر ..


في قاعة رحبة اتسعت لاكثر من  800 مستمع من متذوقي النغم الاصيل من ابناء الجليل، مشهد حضاري لفت الى حسن وثقافة الاصغاء قل مثيله، الا في اروقة معابد نائية تهيمن عليها الالهة بالابتهالات والتراتيل .

تقدمهم المايسترو سامر بشارة وبدت المنصة كروض من الاقحوان والنرجس يتزين بطيف من الالوان الساحرة جمعت بين "سراج وبيات"حيث انتصب العشرات من العازفين والمنشدين على المنصة باداء ملفت، كتيبة من مبدعين في عالم الحب والجمال ،عانقوا واحتضنوا الاتهم واطلقوا صدى حناجرهم باحاسيس كجمرات متوثبة لتستحضر موروث يتوق الكثيرين لعبقه في زمن الاستهلاك والهبوط، يرتلون الحانا قادمة من اروقة معابد  موغلة في عمق الارض والتاريخ ومتغلغلة في ثنايا الروح.. كان العملاق الصافي احد اهم اركانها وروادها بالعصر الحديث، استحضرت سراج تلك اللوحة الخالدة من موروث حضاري ابت الا ان تحمله عبر الانامل والحناجر لتمرره لجيل بعد جيل..

واعتبر القيمون على العرض انه "حق وواجب علينا ان نكرمه،هذا العملاق الصافي الذي عاش في قلوب الملايين ولم يلق التكريم الرسمي اللائق من الدولة اللبنانية والعالم العربي عند رحيله."
 
افتتح نبيل خوري ابن الرامة صديق لوديع ورافق الصافي في عدد كبير من حفلاته العرض بكلمة عن  الصافي وقال:
اعتدت أن أقدم وديع الصافي وأتكلم عنه بحضوره وعلى مسمعه ودائم ا كان الموقف رهيبا وكم كنت متهيبا
أمامه.. فلكم أن تتخيلوا الآن كم هو صعبٌ ومؤلمٌ أن أتحدث عن وديع الصافي بعد رحيله الجسدي.. فاعذروني
اليوم إن كنت متكلما في صمت، صامتا في كلامي.


وديعنا الحبيب نقول لك نحبك فانت اليوم حاضر بيننا بالروح وبقوة.
روح عملاقة تلك التي سكنت ذاك الجسد واثقلته بهموم الانسانية وآلامها، فبات لا يقدر على حملها ففارقته
وعلت فتهللت بها السماء فرحا ناثرة في المدى براعم نور تنبت في كل ارض خصبة رسلا تحمل في صدورها
شعلة من تلك الروح فتكمل الطريق.


فان غادرتنا بالجسد فصوتك لن يغادر قلوبنا بما يحمله من نزعة انسانية عميقة مخاطبا دائما ارواحنا وانسانيتنا،
فنحن ارضك الطيبة يا وديع التي زرعتها خيرا وجمالا انبتت فينا مواسم عز واثمرت بالوفاء .
*********


وديع الصافي اذا جاز لنا ان نختصره بكلمتين فاسم وديع الصافي يحمل صفة الوداعة والصفاء اي وداعة
الانسان وصفاء الصوت، فهو الصوت والانسان.


وديع الصافي الذي ادهش الكون بصوته ادهشنا ايضا بتواضعه فلا ندري أيهما الأكثر تأثيرا فينا هو أم صوته..
هو منشدٌ ليس كغيره من المنشدين، فإذا كانت أصوات المنشدين يحتويها الزمان فإن صوت وديع الصافي قد
ارتقى ليصبح كالزمان، باق كبقائه، وجالسا كجلوسه على عرش الأبدية.


هو كالبحر المضطرب بهدوئه، الهادئ باضطرابه، المليء بأسراره وغرائبه وجمالاته الذي نعجز عن إدراك
ابعاده. فالذي يستمع الى صوت وديع الصافي ويستوعبه ويفهمه ويغوص في اعماقه، تحمله ذبذبات هذا الصوت
لتنتقل به الى مسارح النفس ليصبح الصوت حالة من الوجد ومشهدا يحاكي الدهر والزمن والسنين والعمر،
وكأن صوته الالهي يخترق ذواتنا ليلامس الأعماق البعيدة لنفوسنا فيفجر فينا صرخة من الآه والانين والحنين
والحب، صرخة تحمل في طياتها صلاة وتسبيحا.


نحن نؤمن بان وديع الصافي صاحب انزه واشرف رسالة فنية في الكون لما تحمله هذه الرسالة من معان وقيم
انسانية بحيث أصبحت وبحق نهج حياة اخلاقي. فهي ليست فقط رسالة صوتية غنائية، ترتقي بالمستمع إلى
أعلى درجات من النشوة الطربية فحسب، إنما ترافقت دائما مع جمال وعمق الكلمة الواعظة. فصار الجمال
جمالين ليكونا مع ا شخصية وديع الصافي الفنية المميزة. فهو الصوت والإنسان.


قبل لقائنا بوديع الصافي عرفناه صوتا عظيما وعندما التقينا به اكتشفنا بعدا جديدا أخرا مهما وهو وديع المحب
والمؤمن والمعطاء بغير حدود.


إن لقاءاتنا العديدة والحفلات المتكررة التي تعد بالعشرات مع وديع الصافي ما هي إلا دليلا واضحا على حرص
هذا الفنان العربي الكبير على التواصل مع أبناء شعبنا في الداخل كجزء لا يتجزأ من الأمة العربية.


وما هذا التواصل ألفريد من نوعه، بيننا وبين فنان عربي بحجم الصافي، إلا برهانا آخرا على أن الصافي يحتل
مكانة كبيرة في ذاكرتنا ووجداننا بما تمثله هذه المدرسة الفنية والثقافية العريقة من دروس في الوفاء والانتماء
للأرض والوطن والعروبة.


واذا كانت الدولة اللبنانية قد بخلت على وديعها الكبير بإعلان يوم حداد رسمي واحد حتى في يوم دفنه، الامر
المؤسف والغير مبرر تجاه فنان كوديع الصافي الذي رفع اسم لبنان عاليا وطاف به الى كل بقاع الدنيا واصبح
رمزا من رموزه، فإن هذا الموقف الغريب والمستهجن قد زاد حزننا غضبا لأننا كنا دائما نتأمل ونصبوا الى
ايفاء الدولة اللبنانية دينها واحقاق وديع الصافي حقه وتخليده بما يستحق.
*********


وديع الصافي وبفضل مثابرته وإيمانه بموهبته الربانية وصبره وصل إلى هذا العمق من قلوب الناس.
فهو أكثر فنان أحب الناس وأعطاهم من ذاته وصحته لأنه يعتبر نفسه واحدا منهم حاملا همومهم العائلية
والوطنية والعاطفية بالإضافة للرسالة الروحية من خلال ابتهالاته وترانيمه للعزة الالهية.


وبكل هذه الرسالات كان هو البادئ كيف لا وهو الذي رنم: أشرق الله بقلبي فرأيت الكون حبي.
وهو القائل: عبر صوتي واللحن احمل كرامة الوطن وارحل على اهداب الشمس، الملم وجع الاطفال ودموع المقهورين، عل صوتي يبقى سطرا في تاريخ الكرامة ونجمة في ليل العابرين الحرية.
*********


وبعد كل هذا نحن الآن أمام الحقيقة التي هي أبلغ من كل شيء.. إنها حضور وديع الصافي السرمدي في
وجداننا وأعماله الخالدة التي سنستمع إلى بعضا منها الليلة علها تكمل ما عجزت بلاغتي عنه

قالوا عنه:
روح عملاقة تلك التي سكنت ذاك الجسد واثقلته بهموم الانسانية والامها، فبات لايقدر على حملها ففارقته وعلت فتهللت بها السماء فرحا ناثرة في المدى براعم نور تنبت في كل ارض خصبة رسلا تحمل في صدورها شعلة من تلك الروح فتكمل الطريق.
نببيل خوري
لوجمعت اصوات المطربين كلهم في صوت واحد لما الفت صوت وديع الصافي صاحب اجمل صوت بين الرجال في الشرق
محمد عبد الوهاب
لااتصور في تاريخ الغناء كله صوتا بهذه الروعة والجمال وهذه القدرة على اثارة الشوق
رياض السنباطي
يجئ من قرى ثلجية هذا الصوت ومن كل جهات الوطن يجئ..فيه رنين معاول..غناء حصادين..فيه قلق امهات وتشوق صبايا وفيه اقمار تسهر على سطوح.
منصور الرحباني


بطاقة تعريف:
جوقة "سراج"  الراماوية بقيادة المايسترو سامر بشارة انبثقت عن جمعية سراج التي تاسست قبل عقد من الزمن وكان هدفها ومازال رفد واغناء الحياة الثقافية والفنية في المجتمع حيث انبثقت الجوقة عن الجمعية في العام 2004 واشتهرت باعمالها وعروضها الموسيقية الغنائية الخاصة وكان اخرها مشروع تكريم الموسيقار الكبير سيد درويش في الذكرى ال120 لميلادهوالذي مازال يعرض حتى اليوم وقد طاف اكثر من 17 بلدة في مختلف مناطق الوطن.


جوقة بيات انطلقت بعروضها عام 2007 وقدمت اجمل اللوحات الفنية الاصيلة في العديد من الاماكن كان ابرزها "تحية لوديع الصافي" بمشاركة الراحل على مسرح الارينا  بعمان في ايار عام 2012 وعرض"طفل المغارة"في الاعياد المجيدة الاخيرة وعروضموسيقى الرحبانية والعديد من عروض طربية والفن الاصيل.

 

التعليقات