20/08/2014 - 18:00

سامي مهنا لعرب "48": سميح القاسم بحث عن صوته بين الاختناقات..

الشاعر ساهم في ترسيخ الهوية الوطنية، وآمن بالتمسك بالأرض، التي قال إنه لا يستبدلها بقطعة من الجنة، وهو المؤمن بالقومية العربية، حتى في ظل ما يتعرض له الوطن العربي من مؤامرات وأزمات

 سامي مهنا لعرب

في أعقاب رحيل الشاعر الفلسطيني، ابن الرامة الجليلية، قال الشاعر ورئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني سامي مهنا لعرب 48 إن سميح القاسم الشاعر ساهم في ترسيخ الهوية الوطنية، وآمن بالتمسك بالأرض، التي قال إنه لا يستبدلها بقطعة من الجنة، وهو المؤمن بالقومية العربية، حتى في ظل ما يتعرض له الوطن العربي من مؤامرات وأزمات.

وأضاف مهنا أن سميح القاسم كشاعر غرف من التراث العربي والإسلامي الذي كان ركيزته الثقافية والإبداعية، فهو شاعر قومي بامتياز بالمفهوم الإبداعي إلى جانب الموقف الفكري.

واعتبر مهنا أن سميح القاسم يعد أحد أهمّ الشعراء الفلسطينيين والعرب في العصر الحديث، وذلك بتقييم النقاد والباحثين، فهو من المجددين في الشعر العربي، بما يتعلّق بمبنى القصيدة "الأوركسترالي" الذي تتعدد فيه الأصوات وتتداخل، وتختلف بشكل فني كبير، ومطوّلات سميح القاسم التي سمّاها سربيات، بأسلوبها الخاص، تعدُّ فتحًا جديدًا في الشعر العربي المعاصر، والتي أصبحت نموذجًا "يُقلّدُ" حتى من كبار الشعراء العرب. وما يميّز سميح القاسم عن معظم شعراء الحداثة، أنه لم ينقطع عن كتابة الشعر العمودي، وهو يعدُّ أحد أهم من كتب القصيدة العمودية في العصر الحديث إلى جانب صديقه الجواهري، الذي يعد عملاق الشعر الكلاسيكي، ولكن سميح القاسم له تجارب وتجديدات في الحداثة تضعه في مكانة عالية بين شعراء الحداثة العرب والعالميين، وبذلك استطاع أن يتوسط النهجين: الكلاسيكي والحداثي، واستطاع أن يساهم بشكل ملحوظ، بإقامة الربط بين التراث الشعري العربي منذ بداياته، وبين تيارات الحداثة، ويؤكد أن الحداثة مصطلح ضمني وليس بنيويّا، وأن شعر الحداثة يتصل بالجذور وينفصل عنها بالقوة ذاتها، وهو لا يشكّل قطيعة مع الإرث الأدبي العربي بل يرتبط به بأسلوب الارتباط والتجاوز.

وقد حظي شعره ونثره بأبحاث ورسائل جامعية ونقد واسع عربيًا، وترجم إلى معظم اللغات الحية، ونال جوائز فلسطينية وعربية وعالمية عديدة.

وأضاف مهنا أن الرعيل الأوّل من شعراء المقاومة"، جيلٌ ينتسب إلى قوة الخلق وشرف الريادة والشجاعة والرؤية والرّؤيا والتجاوز والاختراق. لم تكن المعادلة واضحةً وجاهزةً أمام هذا الجيل، فالانتماء الفلسطيني كان لا يزال يتفقّد جراحه ليتأكّد أنه لا يزال حيًّا. والعالم العربيّ كان أبعد من مجرّةٍ مفقودة، والشّعر كان يبحث عن صوته بين الاختناقات.

وتابع مهنا: قام الرعيل الأول، ومنهم راشد حسين وسميح القاسم ومحمود درويش وتوفيق زياد وحنا أبو حنا وسالم جبران، من الرماد، كمعجزةٍ أسطوريّةٍ، ووطنٍ يتشكّل من طين الانكسارات، وشعرٍ يخرج من محاراتٍ منسيّة، يرتجلون الانتماء والتحدّي والاختلاف وابتكار القصيدة بالحدْس والغريزة والعاطفة، تمامًا كالأسماك التي تولد بعيدةً وتعود إلى وطنها دون مرشدٍ أو دليل.

وعلى الصعيد الشخصي قال مهنا: تميّز سميح القاسم بتواضعه الشديد، ومحبته الكبيرة لكل محيطه ومعارفه، فهو الذي لا يترفع بتعامله على أحد، وتشعر في حضرته أنت أمام صديق وأخ، وتميز بروحه المرحه، وابتسامته الدائمة، وروح النكتة. وهو شديد الملاحظة والذكاء، وعميق الرؤية والتحليل، بارعٌ بأسلوب التعبير، ذو ثقافة واسعة، وحدس مستشرفٍ للأحداث القادمة، عبر تحليل عميق للواقع، وصاحب موقف صلبٍ وشجاع، لم يكترث دومًا للإجماع العاطفي الذي يصيب الحالة الجماعية في المواقف والأزمات الاستثنائية، فتحلى بشجاعة الخروج أحيانًا عن المناخ السائد العام، محتكمًا إلى عقلانية ورؤية بعيدة المدى، دون الاكتراث للرأي العام، وهذه سمات المبدع الحقيقي، الذي يحمل هاجس التغيير لا الانسجام.

لم ولن نفقد سميح القاسم الشاعر، فهو سيبقى حيًا في وجداننا، لكنني أسوة بمن عرفه وصادقه، سنفتقده كثيرًا، فهو ملأ مساحةً في وجداننا لا يعوضها أحد.
 

التعليقات