28/12/2017 - 18:12

الأردن: الغرافيتي أداة لإضفاء لمسة جمالية على عمان

يسعى فنانو الغرافيتي في العاصمة الأردنية عمان إلى تحويل جدرانها وأرصفتها والسلالم الحجرية للوحات فنية بألوان زاهية، بهدف إضفاء لمسة جمالية على المدينة رغم ما يعتبرونه عملًا صعبًا في ظل مجتمع محافظ لا يجب تجاوز خطوطه الحمراء.

الأردن: الغرافيتي أداة لإضفاء لمسة جمالية على عمان

سهى ترسم على جدران عمان (أ.ف.ب)

يسعى فنانو الغرافيتي في العاصمة الأردنية عمان إلى تحويل جدرانها وأرصفتها والسلالم الحجرية للوحات فنية بألوان زاهية، بهدف إضفاء لمسة جمالية على المدينة رغم ما يعتبرونه عملًا صعبًا في ظل مجتمع محافظ لا يجب تجاوز خطوطه الحمراء.

بدأ فن الغرافيتي الذي يشق طريقه شيئا فشيئا في الأردن قبل نحو عشرة أعوام مع رسومات في وسط عمّان في منطقتي جبل عمان وجبل اللويبدة اللتين تعدان من أقدم أحياء العاصمة ويسكنهما أجانب كثر.

ويقول صهيب عطار (25 عاما) الذي يعد أحد أشهر رسامي الغرافيتي في الأردن إن "عمّان مدينة جميلة لكنها تفتقد إلى الروح والألوان وهي بحاجة إلى أن تتزين بالمزيد من هذه الرسومات والألوان كي تبدو أجمل".

وينتقد البعض الهندسة العمرانية في العاصمة الأردنية التي استخدم الحجر الأبيض في تشييد أغلب بيوتها ومبانيها، معتبرين أن عمّان المبنية على سبعة جبال ويسكنها نحو أربعة ملايين نسمة مدينة بلا روح.

ويرى عطار وهو يمسك بعلبة طلاء ويرسم على جدار موقف للسيارات في جبل عمّان أحد أقدم أحياء العاصمة أن "الشيء الجميل في الغرافيتي هو أنه يحول هذه الجدران الإسمنتية العملاقة الصماء إلى لوحات ناطقة تنبض بالحياة والألوان وتدخل الفرح والبهجة في نفوس المارة".

ويشير إلى الرسم الجداري الضخم الذي كان منشغلا به ويمثل ثلاث أفاع تخرج برؤوسها من بين الورود قائلا "إنها ترمز للحياة والموت كما أنها تشير إلى إمكان خروج شيء فاسد من شيء آخر جميل".

صعوبات

لا يتجاوز عدد فناني الغرافيتي في الأردن العشرة وهم يواجهون صعوبات في عملهم في مجتمع عشائري محافظ.

ويقول عطار، الشاب الملتحي ذو الشعر الأسود الطويل مع الضفائر المجعدة على طريقة "دريدلوكس" الجامايكية، والذي كان يرتدي سروال جينز مليئا ببقع أصباغ حمراء وبيضاء، إنه "يفضل رسم الحيوانات لأنها تشترك مع الإنسان في صفات كثيرة".

ويؤكد أنه يتجنب رسم "مواضيع لها دخل بالشؤون السياسية أو الدين تجنبا للمشاكل ولسوء فهم بعض الناس".

ويرسم عطار الطالب في قسم الفنون البصرية في الجامعة الأردنية لمنظمات غير حكومية وشركات صغيرة ولوكالات الأمم المتحدة. ويوضح أن "هذا مورد رزقي لكن يبقى هدفي في الحياة أن تستذكرني الناس وتتحدث عن أعمالي كأي فنان كبير".

والأمر نفسه تتحدث عنه رسامة الغرافيتي سهى سلطان (20 عاما) الطالبة في كلية الفنون والتصميم في الجامعة الأردنية والشغوفة بالرسم منذ سن الخامسة.

وتقول إن "عمّان مدينة مليئة بالمساحات والحيطان الفارغة التي تفتقد إلى الروح والألوان كي تبدو جميلة وتنبض بالحياة".

وتضيف سهى "لكن عملنا يقتضي الحصول على موافقات من أمانة العاصمة ومن صاحب البناية (...) ويواجَه أحيانا برفض وعدم تقبل بعض أبناء المجتمع".

وتروي الشابة ذات الشعر الأسود والعينين الخضراوين "أتذكر عندما كنت أقوم برسم وجه كبير لرجل عشائري. جاءني ناس وقالوا لي: ما هذا؟ ما الذي ترسمينه؟ أنت بنت كيف تصعدين السلالم مع هؤلاء الشباب؟ (...) فحاولت أن أفهمهم ما هو الموضوع وما هي الفكرة".

كذلك توضح أن "من الصعوبات التي تواجهنا إيجاد جهة ممولة لأن بعض الأعمال مكلفة وتتطلب ألوانا وعلب طلاء رذاذ بقيمة قد تتخطى ألف دينار أردني".

وتؤكد سهى التي رسمت أولى رسوماتها على مرآب العمارة التي تسكنها قبل خمسة أعوام، أنها تفضل رسم وجوه نساء "لأن المرأة نصف المجتمع لكنها لم تأخذ حقها بعد".

خطوط حمر

ويرى رسام الغرافيتي وسام شديد (42 عاما) أن فناني الرسوم الجدارية ليسوا أحرارا في اختيار المواضيع.

ويقول "عندما نريد أن نرسم غرافيتي يجب علينا أن نكون متأكدين بنسبة ألف بالمئة أن هذا الرسم سيعجب كل الناس. لذا علينا أن نختار مواضيع محايدة لا دخل لها بالدين أو السياسة أو بأشياء تخدش الحياء العام كالتعري".

ويضيف "في مجتمعنا هناك خطوط حمر يجب ألا نتعداها لذلك تراني أرسم وجوه نساء وورودا وطبيعة وأشجارا".

ويوضح وسام أن "أغلب هذه الجدران كانت خالية وتملؤها رسائل من شبان لشابات وأرقام هاتف وأسماء فرق كرة قدم... لم يكن هناك فن".

وتقول فويب كارتر (22 عاما) وهي طالبة أميركية تدرس اللغة العربية في الأردن "أعتقد أن فن الغرافيتي في الأردن جميل جدا ومثير، فهو يضيف الكثير من الألوان إلى هذه المدينة التي تتشابه مبانيها إلى حد كبير".

ويؤكد الأردني رامي صقر (22 عاما) من جانبه "عندما أغادر المنزل وأرى رسما جميلا على الحائط، فإنه يعطيني طاقة إيجابية"، مشيرا إلى أن "جدران عمّان قديمة والغرافيتي يعطيها بعض الجمال".

اقرأ/ي أيضًا | بيت الجار

 

التعليقات