31/07/2021 - 18:52

مؤتمر "مدى الكرمل" السابع: عرض ومناقشة أبحاث طلبة دكتوراة فلسطينيين

عقد مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية اليوم، السبت، مؤتمره السابع لطلبة الدكتوراة الفلسطينيين في فندق "رمادا أوليفييه" بمدينة الناصرة، إذ قام خلاله عدد من الطلاب الجامعيين بعرض أبحاثهم في المواضيع المختلفة لنيل لقب الدكتوراة.

مؤتمر

من مؤتمر "مدى الكرمل" في الناصرة، اليوم (عرب 48)

عقد مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية اليوم، السبت، مؤتمره السابع لطلبة الدكتوراة الفلسطينيين في فندق "رمادا أوليفييه" بمدينة الناصرة، إذ قام خلاله عدد من الطلاب الجامعيين بعرض أبحاثهم في المواضيع المختلفة لنيل لقب الدكتوراة.

واستهل مدير عام مركز "مدى الكرمل"، د. مهند مصطفى، حديثه لـ"عرب 48" بالقول إن "هذا المؤتمر السنوي ينظم للسنة السابعة على التوالي ويلتقي فيه طلابا فلسطينيين يدرسون لقب الدكتوراة من جميع أنحاء العالم ويعرضون فيه خلاصات أبحاثهم للدكتوراة، ويتم نقاش هذه الأبحاث من خلال الحضور والباحثين والمحاضرين الفلسطينيين الذين يشاركون عادة في المؤتمر، وذلك من أجل التداول والنقاش والحوار في هذه الموضوعات التي تضم جوانب سياسية واجتماعية وتعليمية".

وأشار إلى أن "الهدف من المؤتمر هو إيجاد منصة ثقافية ومعرفية يلتقي فيها الطالب الفلسطيني مع طالب آخر، لأن هذه هي المنصة الوحيد التي تتيح لطلاب الدكتوراة الذين يدرسون كل منهم في جامعته مغتربا، فهذا المؤتمر يشكل منصة للقاء والتداول والنقاش وطرح أبحاثهم باللغة العربية أمام الجمهور الفلسطيني وأمام باحثين وطلاب فلسطينيين خصوصا".


وردا على سؤال حول كيفية اختيار الأبحاث التي يتم عرضها في المؤتمر، أجاب د. مصطفى أن "مدى الكرمل يعلن قبل موعد المؤتمر لمن يرغب في التقدم والمشاركة ببحثه في المؤتمر من طلاب الدكتوراة، إذ تصل ملخصات لمقترحات إلى المؤتمر وتقوم لجنة أكاديمية بدراسة ومناقشة هذه الملخصات ويتم اختيار مجموعة من الأبحاث والدراسات المقترحة على أن يتم عرضها في المؤتمر، وفي وكل عام نحاول أن نطور المؤتمر بشكل أفضل وطبعا الطلاب الذين لا يتم قبولهم لا يعني أن هنالك نقص في أبحاثهم وإنما قد تقرر اللجنة تأجيله إلى العام القادم".

وفي كلمته الافتتاحية في المؤتمر ذكر، د. مهند مصطفى، أنه "للسنة السابعة على التوالي، بمثابرة وتصميم ينظم مركز "مدى الكرمل" مؤتمر طلاب الدكتوراة السابع. لم يعد المؤتمر يوما دراسيا عابرا، بل محطة معرفية وثقافية وتفاعلية وتداولية، يلتقي فيها طلاب فلسطين للدراسات العليا في الناصرة، بدون حدود ولا حواجز، فالمعرفة توحدهم في هذا المؤتمر وليس لذات المعرفة رغم أهميتها هنا ايضا، بل للشغف في مشاركتها مع طلاب آخرين ومع المجتمع وأغلبها معرفة جديدة مجددة".

وأضاف "المعرفة ومشاركتها وتداولها هي تأكيد على مقولة إن الحقل الثقافي أصبح ومن شانه أن يكون الحقل الذي يُوحد فلسطين وشعبها أكثر من الحقل السياسي، إذ أن الحقل الثقافي بات يُوحدنا بإرادتنا، بإرادة طلاب فلسطين الذين يلتقون في هذه المحطة، إلى جانب محطات ثقافية ومعرفية كثيرة، للنقاش، والحوار واللقاء لطرح مواضيع في العلوم الاجتماعية والإنسانية".

وتابع "في الحقل السياسي ترغمنا إسرائيل وتذكرنا كل مرة أن نفكر في أننا شعب واحد رغم أنفها وأنوفنا في أحيان كثيرة، لم تتنصل إسرائيل رغم سياسات التجزئة والتفتيت من التعامل معنا كشعب واحد، كان ذلك في الهبة الشعبية الأخيرة في أيار/ مايو، ليست الإرادة الفلسطينية هي التي وحدتنا فقط، بل تعامل إسرائيل وإرغامنا عبر ممارساتها القمعية التي لم تفرق بين 48 و67 والقدس وغزة في أن نفكر ونتخيل أننا شعب واحد. وهنا يظهر تميز الحقل الثقافي بكل مكوناته، في أنه يوحدنا بإرادتنا هو أكثر الحقول التي نتعامل فيه من ذواتنا على أننا شعب واحد، ومؤتمر "مدى الكرمل" لطلاب الدكتوراة وبرامج أخرى هي مركبات تساهم في هذا الحقل الموُحد والموّحد".

وأكد "ليست المعرفة من أجل المعرفة، أي فهم الظواهر السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ليس ذلك فحسب، وإنما المعرفة هي أيضا حق وهي من أجل الحق. والحق في المدونات التراثية العربية والإسلامية هو جزء من مفهوم العدل ومرات هو كل العدل. إن الربط بين المعرفة والحق ومن أجل الحق، هي المعرفة التي نلناها من تراثنا ونصوصنا العربية والإسلامية. المعرفة كحق، تتمثل في الحق في أن نشعر ونتعلم ونتعقل ونتفكر، وهي مصطلحات تمثل مراتب المعرفة في تراثنا. وأعلى درجات المعرفة هي التفكر ووردت في القرآن 18 مرة. يعقلون في 49 موضعا".

وواصل بقوله إن"المعرفة هي أن نشعر ونتعلم ونتعقل ونتفكر. والشعور وفي مصطلحاتنا المعرفية "الحدس" ليس نقيض المعرفة، بل بداية المعرفة، ثم التعلم والتعقل والتفكر. وليس صدفة أن يكون الشعور والتفكر من أهم أدوات الانتاج الفلسفي عموما وفي تراثنا العربي والإسلامي خصوصا، والتعلم والتعقل هي درجات يجب المرور بها من أجل التفكر. في هذا الصدد لا بد من التطرق لمجموعة من النقاط الهامة التي قد تشوه الحقل المعرفي في مراحل التعلم، وتحديدا التعقل والتفكر.

وأسهب "هنا أريد التطرق إلى بعض النقاط، وأنهي بموقف عن الاستبداد. أولها تضخم الشخصيات، التي تتضخم في ذاتها ويضخمها المجتمع فتتحول إلى رموز ثقيلة، ومن شأن تضخمها أن يسلب الجرأة من أفراد المجتمع على التصريح برأي والاستقلال في الفكر والاجتهاد والعمل. كما يقول المفكر عبد الكريم سروش "إن الذين يفتحون صدورهم لهذا الإجلال والتبجيل فإنهم بالدرجة الأولى يضرون بأنفسهم.. حيث أن سراج العقل يضعف أكثر فأكثر، والواقع أن كل لقب جديد يضاف إلى ألقاب الرمز والشخصيات فإنه يعتبر صفعة جديدة للعقل، وهنا تأتي محاولات تسفيه العقل والعقلانية باعتبارها حالة سلبية وفي بعض الأحيان التعامل مع التعقل، العقلنة والعقلانية نوع من الخضوع. وتتم محاربة العقل من خلال صياغة أدلة لإثبات سفاهة العقل ولدفع الناس في طريق عدم اتباع العقل. وهنا دور المعرفة وهو عقلنة التفكير والعمل، أمام هذا المد من اللاعقلانية في ثنايا حياتنا، بدء في حديث المقاهي مرورا بسجالات شبكات التواصل الاجتماعي مرورا بالخطاب السياسي الغيبي، وتسفيه العلوم الاجتماعية والإنسانية في اعتبارها لا عقلانية، أي لا موضوعية".

وأكمل "هنا نأتي إلى الخلط بين الأيديولوجيا والمعرفة، فالأيديولوجيا هي حالة جزمية، تجزم في كل شيء، هي مرحلة من الهدوء العقلي لذلك هي حالة مريحة، لأن الأيديولوجيا سواء كانت دينية أو علمانية هي خلاصية، لأنها جاهزة في إعطاء الجواب لكل سؤال اجتماعي وسياسي، تعطينا الأيديولوجيا نوعا من الإشباع الفكري وهو إشباع متوهم، فلا نعد نحتاج للمعرفة، وتكون المعرفة في الأيديولوجيا من خلال ملاءمة الواقع للأيديولوجيا حتى لا تبطل مفهومها الخلاصي، بينما يكون البحث والمعرقة العقلانية محاولة فهم الواقع كما هو بموضوعية والتي لا تعني عدم الانحياز لقضية. وهنا الفرق بين اليقين والجزمية، فاليقين هو الذي يسبقه الشك، والجزم هو ذلك اليقين غير المسبوق بالشك".

ولفت إلى أن "تصنيم الأيديولوجيات في سياق محاربة الاستبداد، يدفعنا إلى التفتيش عن هوية المستبد أيدلوجيا، فيتشكل موقفنا ليس كموقف ضد الاستبداد ومع المشروع الديمقراطي بل ضد هوية المستبد، فنكون مع الاستبداد إذا كانت هويته الأيديولوجية تتوافق معنا، ونكون ضد الاستبداد إذا كانت هوية المستبد لا تتوافق معنا أيديولوجيا. لعبت الأيديولوجيات دورا هاما في ثقافة الشعوب وتسييسها وفي عقلنتها، ولكن عند تصنيم الأيديولوجيا وتكون نقيضا للمعرفة وفي بعض الأحيان تحارب المعرفة فإنها تصل لمستوى من اللا تعقل، فالمعرفة ديناميكية والأيديولوجيا متصلبة وصلبة في داخلها، لذلك فعلى عملية إنتاج المعرفة أن تكون موضوعية في منهجيتها ومنحازة في موضوعها، ولا انفصام بين الموضوعية والانحياز ولا تناقض بينهما".

وختم د. مصطفى حديثه بالقول إن "المعرفة تهدف في كونها حق ومن أجل الحق، أي العدل في محاربة الاستبداد بكل أشكاله الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولا تعددية بين من يدعم الاستبداد وانتهاك الحريات وبين من يناهض الاستبداد وحرية الإنسان. التعددية تبدأ بالتوافق على مناهضة الاستبداد، فلا حرية للأوطان دون حرية المواطن، فقد نحرر الأوطان ويبقى الإنسان تحت الاستبداد فيتحول الوطن إلى سجن كبير".

وفي سياق المؤتمر، ترأست الجلسة الأولى، د. أريج صباغ، المحاضرة في قسم علم الاجتماع وعلم الإنسان في الجامعة العبرية، وعضو لجنة الأبحاث والهيئة الإدارية في مدى الكرمل، وجاءت الجلسة تحت عنوان "مقاربات سياسية وتاريخية" شارك فيها طالبة الدكتورة في العلوم الاجتماعية بجامعة بير زيت، أسماء شرباتي، التي تطرقت إلى مناهج التعليم في مناطق السلطة الفلسطينية القديمة (بعد اتفاق أوسلو) والحديثة بين الاستقلالية والتأثيرات السياسية عليها والمراقبة الإسرائيلية المشددة على المناهج سواء في مناطق السلطة الفلسطينية أو في غزة".

وقدم طالب الدكتوراة من كلية التربية في جامعة حيفا، عماد جرايسي، بحثه تحت عنوان "صناعة ابن الحزب في المنظومة التربوية لحركة الشبيبة الشيوعية في إسرائيل"، مستعرضا من خلال بحثه تأثير العائلة على تجنيد الشباب للشبيبة الشيوعية ومفاهيم الوطنية والقومية والحفاظ على هوية الأقلية مقابل الاندماج في المجتمع الإسرائيلي وعدم الانصهار فيه.

وقدم طالب الدكتوراة في الانثروبولوجيا، عز الدين الأعرج، من جنيف بحثه تحت عنوان "ولادة الذات المهرّبة: الحيوانات المنوية والتفاوض على المستقبل في فلسطين/ إسرائيل" استعرض فيها عملية تهريب بويضات الأسرى إلى زوجاتهم وتأثير هذه التجربة على الواقع الحياتي وعلى المرأة والأسير من الجوانب القومية والاجتماعية.

وترأست المحاضرة والباحثة في قسم اضطرابات التواصل في كلية علوم الرفاه والصحة في جامعة حيفا، د. حنين قرواني خوري، الجلسة الثانية للمؤتمر تحت عنوان "مقاربات لغوية وتعليمية" شاركت فيها طالبة الدكتوراة، منى عبد الرازق، مستعرضة بحثها حول "توثيق المهارات اللغوية لدى الأطفال الفلسطينيين الناطقين بالعربية، المشخصين على طيف التوحد". وطالبة الدكتوراة لينا حاج في بحثها حول "ازدواجية اللغة وبرامج التدخل لدى أطفال الروضة العرب"، وكلا الطالبتين تدرسان موضوع علم اللسانيات في قسم الأدب الإنجليزي، في جامعة بار إيلان.

وأخيرا قدمت طالبة الدكتوراة، تغريد زعبي، بحثها حول "تأثير ترجمة الامتحان السيكومتري (البسيخومتري) على مدى نجاح الطلبة العرب مقارنة بالطلبة اليهود". وأشارت زعبي إلى أن امتحان البسيخومتري يشكّل عائقا يدفع الطلاب إلى اللجوء للتعلم في الخارج، مستعرضة تأثير ترجمة الامتحان على مدى نجاح العرب الطلاب فيه مقارنة باليهود. وقالت إن من يترجم الامتحان هو شخص يجيد اللغة العربية ولكنه ليس عربيا، وفي بعض المواقع لوحظت نصوص مترجمة يزيد عدد كلماتها في العربية بنحو 60 كلمة عن النص العبري، معتبرة أن الترجمة تشكل عائقا أمام نجاح الطالب العربي في امتحان البسيخومتري.

التعليقات