29/11/2021 - 20:01

المؤتمر السنويّ الرابع لبيت الذاكرة والتراث في الناصرة

عقدت مؤسسة "بيت الذاكرة والتراث للتوثق والبحوث" مساء أمس الأحد مؤتمرها السنوي الرابع في الناصرة، بحضور حشد غفير من المشاركين والمهتمين في شؤون التاريخ والتراث والذاكرة والرواية الفلسطينية، وعدد من أعضاء الهيئة الإدارية والباحثين والمتخصصين، وقد نُظم المؤتمر لهذا العام تحت

المؤتمر السنويّ الرابع لبيت الذاكرة والتراث في الناصرة

عقدت مؤسسة "بيت الذاكرة والتراث للتوثيق والبحوث" مساء أمس الأحد مؤتمرها السنوي الرابع في الناصرة، بحضور حشد غفير من المشاركين والمهتمين في شؤون التاريخ والتراث والذاكرة والرواية الفلسطينية، وعدد من أعضاء الهيئة الإدارية والباحثين والمتخصصين، وقد نُظم المؤتمر لهذا العام تحت عنوان "التاريخ الشفوي ودوره في صياغة السردية التاريخية".

وأدار حسين كنانة فقرة الكلمات الترحيبية، والتي شارك فيها رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة الذي أشار في كلمته إلى أهمية التاريخ الشفوي في الوضعية الفلسطينية بشكل عام وفي وضعية الفلسطينيين في الداخل بشكل خاص، قائلا إن ما يقوم به بيت الذاكرة هو انتصار للذاكرة التي تعاني من محاولات الطمس والمحو والتغييب.

وأضاف بركة أنه عندما يجري الحديث عن الرواية الشفوية فإنها لا بد أن تواجه مأزقين، أولهما العامل الزمني الذي لا بد له أن يلعب دورا في انحراف الرواية، والمأزق الثاني هو موجة الرواية الصهيونية والخطاب الذي يحاول أن يندس إلى الرواية من أجل تحريفها، لذلك فإنّ مهمة بيت الذاكرة والتراث في التوثيق تنتصر للحقيقة.

وتحدّث د. حسين منصور، باسم الهيئة الإدارية لمؤسسة بيت الذاكرة عن أصل الرواية الشفوية وتاريخها عبر العصور، وعند العرب تحديدا الذين اهتموا بحفظ الرواية وربطها بأحداث سادت في تلك الفترة، مستعرضا مسيرة السنوات الأربع التي مرت على تأسيس بيت الذاكرة والتراث وعلى منجزاتها في مجالات البحث والتوثيق والتطبيق والإصدارات وتوقيع اتفاقات تعاون مع مؤسسات تهتم بهذا الموضوع في مناطق السلطة الفلسطينية.

وفي الجلسة الأولى، التي أدارها د. رياض كامل، تحدث بروفيسور مصطفى كبها، مشددا على أهمية استعمال آلية التاريخ الشفوي، وبخاصة لدى الشعوب والمجموعات التي تتعرض لمحاولات لطمس وتحوير وتغييب وفبركة ذاكرتها، مشيرا إلى ضرورة التناول المهني لهذه الآلية، ومستعرضا المحاذير التي قد تنتج من استعمال غير مهني لها. كما عرض كبها خلال مداخلته بعضا من النماذج لروايات شفوية على لسان كبار السن، كنماذج لعملية تدوين وتوثيق الرواية الشفوية.

وعرّج كبها في مداخلته، على مصطلحات الحدود النظرية لعلم التوثيق الشفوي، والأحاديث والسرديات والسماعية ومشاهدة الحدث من أجل أن تصلح الرواية أن تكون مادة تاريخية يتم معالجتها أكاديميا. كما تحدث عن أصول التوثيق.

أما المحاضر في جامعة النجاح، د. عدنان ملحم، فقد تطرّق إلى استعمال تقنيات التاريخ الشفوي في الكتابات التاريخية للعصور العربية والإسلامية الكلاسيكية مشيرا إلى ما تعانيه القصة السردية في هذه العصور من خلط بين الغث والسمين وإلى التأثيرات السلبية التي كانت للأنظمة عبر العصور على السردية التاريخية.

وقال ملحم إن الأمة العربية منذ تاريخها لم تكن مهتمة بالقراءة والكتابة والتوثيق، إلا في حالات استثنائية يسترعيها أصول العمل في التجارة، بل كان العرب يربطون الأحداث بالظواهر الطبيعية مثل "يوم الحر" أو "عام الجراد"، وما إلى ذلك. كما تطرق إلى تلفيق الروايات لخدمة النزاع ما بين شمال الجزيرة العربية وجنوبها، ومساهمة هذا النزاع في تلفيق روايات كل عن الطرف الآخر، وكانت كل قبيلة تنتدب راويا هو بمثابة الناطق بلسانها، وكانت مهمته نقل الأحداث التاريخية.

وأسهب ملحم في الحديث عن فترة العباسيين التي منها بدأت كتابة التاريخ حين سيطر الفرس والأتراك غير العرب، على الإسلام وهم من جمعوا الأحاديث، وقد أطلق عليهم مصطلح الـ"إخباريين" الذين هندسوا الروايات ونقلوها للمؤرخين.

وفي الجلسة الثانية، التي أدارتها الإعلامية شيرين يونس، تحدث الكاتب الأديب محمد علي طه مستعرضا المواضع التي استعان فيها بآلية التاريخ الشفوي، وقد أكد أن استعمال هذه الآلية في الكتابة الأدبية من شأنها أن تغني النص وتلقي الضوء على مشاهد غيبتها الرواية التاريخية الرسمية.

وتحدّث عن دراسته التي سرقت بعد أن عمل لمدة أربع سنوات متواصلة على توثيقها، وكانت هذه الدراسة تحمل عنوان "اليوم الأخير في كل واحدة من القرى المهجرة"، وتضم قرى منطقة عكا وحيفا والناصرة وبيسان وصفد وغيره، وقد دوّنها الكاتب بخط يده ولم يكن لديه نسخة ثانية عنها وقد قام مموّل هذا العمل بسرقة كل هذه الوثائق. كما تحدث عن توثيقه لثورة عام 1936 والخوف الذي كان يراود الرواة وامتناعهم عن الإدلاء بالمعلومات عن تلك الحقبة الزمنية خشية أن يعود الإنجليز ويحتلوا البلاد مرة أخرى.

بدوره، استعرض بروفيسور إحسان الديك في محاضرته العلاقة الرابطة للسردية التاريخية الشفوية بالفلكلور والانعكاس التبادلي المزدوج لذلك على نصوص ورموز الحكايات الفلكلورية من جهة، وعلى السرديات الشفوية من جهة أخرى.

من جانبها، تحدّثت د. سلوى علينات – عابد عن تجربتها باستعمال تقنيات التاريخ الشفوي أثناء إجرائها لبحثها عن "نساء الحركة الإسلامية" في البلاد، مؤكدة أنه لا مكان لسردية نسوية واحدة بل يجب الحديث عن سرديات نسوية متعددة ترفد بطرائق مختلفة ومركبة، السردية التاريخية العامة.

التعليقات