21/05/2022 - 13:16

العراق يودّع مظفر النواب

استُقبل جثمان الشاعر العراقي الكبير مظفّر النواب، اليوم السبت، في مطار بغداد، على وقع موسيقى الشرف وبأجواء من الحزن، غداة وفاته، أمس الجمعة، عن عمر يناهز 88 عامًا في إثر صراع مع المرض.

العراق يودّع مظفر النواب

من تشييع الشاعر الراحل، النوّاب (Gettyimages)

استُقبل جثمان الشاعر العراقي الكبير مظفّر النواب، اليوم السبت، في مطار بغداد، على وقع موسيقى الشرف وبأجواء من الحزن، غداة وفاته، أمس الجمعة، عن عمر يناهز 88 عامًا في إثر صراع مع المرض.

وودّع العراقيون في بغداد الشاعر العراقي الكبير، بتشييع رسمي وشعبي مهيب، عكس التاريخ الثوري والنضالي للشاعر.

ويمثّل النواب أيقونة ثورية وأدبية للعراقيين والعرب، فقد عُرف بمناهضته الأنظمة وانتقاداته اللاذعة للديكتاتورية والتبعية التي لم يتوانَ عن التعبير عنها بقصائده، كما كان مناصرًا متحمسا للقضية الفلسطينية.

من التشييع الرسمي للنواب (Getty Images)

وتقديرًا لما يحمله من قيمة بالنسبة للعراقيين، نُقل جثمان الشاعر بالطائرة الرئاسية إلى مطار بغداد الدولي، حيث أقيمت له مراسيم رسمية بحضور رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي.

وحمل حرس الشرف نعش النواب الذي كُلّل بالورود، بينما رفع أحدهم صورة له بالأبيض والأسود. ومن هناك، يُنقل إلى مقر اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، حيث تجمّع المئات من الأشخاص من أجيال مختلفة بانتظار وصول جثمان النواب، قبل أن يوارى الثرى في النجف تكريمًا لوصيته بدفنه قرب والدته.

وعلى أطراف الطريق المؤدي إلى الاتحاد، تجمّع المئات ممن توشحوا بالعلم العراقي، تعبيرًا عن حزنهم لفقدان هذا الرمز العراقي. وحمل النعش ستّة من عناصر حرس الشرف عند إدخاله إلى باحة الاتحاد حيث قوبل بالهتافات وبترداد أبيات من قصائده وبزغاريد النساء.

رفع بعض المشاركين الأعلام العراقية، وآخرون صوراً للنواب، فيما حمل مناصرون للحزب الشيوعي راية حمراء كبيرة.

وقال الناطق باسم اتحاد الأدباء، عمر السراي، إن هذا "الاستقبال الكبير لا يعني الأدباء فقط بل يعني المواطنين، فهو شاعر شعبي وليس شاعر نخبة".

جثمان الشاعر النواب يصل العراق (الوكالة الرسمية)

وأضاف من مقر الاتحاد "هو يمثل موقفًا لدى المتظاهرين والثوريين لدى جميع محبي الوطن الحقيقيين، يمثل موقف عدم الاصطفاف مع السلطة لمقارعة الطغيان والديكتاتورية".

واشتُهر النوّاب الذي ولد في بغداد في الأول من كانون الثاني/ يناير عام 1934، وتخرّج من كليّة الآداب في جامعتها، بقصائده الثورية بعد سنوات في السجن والغربة أمضاها صاحب قصيدتي "القدس عروس عروبتكم" و"قمم" اللاذعتين. أمّا أوّل قصيدة أبرزته في عالم الشعر فهي "قراءة في دفتر المطر" في عام 1969.

وصدرت أول طبعة كاملة باللغة العربية لأعماله في العام 1996 عن دار قنبر في لندن. وأبرز دواوينه في الشعر الشعبي "الريل وحمد"، في حين كان آخر بيت شعري له على فراش المرض "متعبُ مني ولا أقوى على حملي".

وأمضى النواب سنوات عمره بغالبيتها خارج بغداد، لكنه بقي حاضرًا في وجدان العراقيين الذين ودّعوه بتداول صوره وقصائده على مواقع التواصل الاجتماعي منذ إعلان خبر وفاته.

من تشييع الشاعر الراحل، النوّاب (Gettyimages)

وفي العام 1963، اضطر الشاعر الذي كان شيوعيًا، إلى مغادرة العراق، بسبب الظروف السياسية والصراع بين الشيوعيين والقوميين. هرب إلى إيران عن طريق البصرة، قبل أن تسلّمه السلطات الإيرانية إلى الأمن السياسي العراقي حينها، وفق نبذة عنه نشرها موقع "أدب" المختصّ بالشعر العربي.

وحُكم على النوّاب حينها بالإعدام، لكن خُفف حكمه إلى السجن مدى الحياة، وانتهى به المطاف بسجن في الحلة في وسط العراق. وقد فرّ حينها من السجن، لكنه اعتُقل ثانية بعد سنوات.

وبعد الإفراج عنه، غادر بغداد إلى بيروت ثمّ دمشق، وتنقّل بين العواصم العربية والأوروبية، قبل أن يُصاب بالمرض ويفارق الحياة في الإمارات حيث كان يتلقى العلاج. لم يتزوّج قط وليس له أولاد.

والعودة الأولى للشاعر الذي كان منفيًا في ظلّ نظام صدام حسين، إلى العراق كانت في العام 2011، تزامنًا مع الانسحاب الأميركي إثر الغزو في العام 2003، فهو كان يرفض العودة إلى بلده في ظلّ الاحتلال.

وفي حين برز كشاعر، كان النواب أيضًا فنانًا تشكيليًا، و"واحدًا من أجمل الأصوات العراقية" الغنائية، وفق تعبير الشاعر والكاتب عبد الحسين الهنداوي، مضيفًا أنه "كان أساسًا شاعرًا غنائيًا... أعطى اللغة العامية العراقية بعدًا جماليًا إضافيًا".

وعلى الرغم من أنّه من جيل سابق، لكن قصائده انتشرت على نحو كبير خلال الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة التي هزّت العراق في تشرين الأول/أكتوبر 2019، وتناقلها الشباب تعبيرًا عن رفضهم للواقع السياسي وأملهم في التغيير.

ومن اتحاد الأدباء، قال المصوّر محمد هشام البالغ 27 عامًا، المشارك في التشييع "مظفر وضع لنا مسار ورؤية لجيلي والأجيال التي سوف تليني... مظفر النواب جزء من الأشياء التي ساهمت بإيقاظ وعينا السياسي والاجتماعي ووعينا بحقنا".

وبعد التشييع، ردد متظاهرون في الشوارع المجاورة هتافات منددة ورشقوا الحجارة على سيارات مسؤولين.

التعليقات