28/05/2022 - 17:52

"المركز العربي": انطلاق أعمال مؤتمر "الثورة الجزائرية في ذكرى انتصارها الستّين"

انطلقت، اليوم السبت، في الدوحة أعمال الدورة التاسعة لمؤتمر الدراسات التاريخية، الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وموضوع هذه الدورة هو "الثورة الجزائرية في ذكرى انتصارها الستّين"، وتشارك فيها نخبة من الباحثين والأكاديميين المتخصصين في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر.

من افتتاح المؤتمر

انطلقت، اليوم السبت، في الدوحة أعمال الدورة التاسعة لمؤتمر الدراسات التاريخية، الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وموضوع هذه الدورة هو "الثورة الجزائرية في ذكرى انتصارها الستّين"، وتشارك فيها نخبة من الباحثين والأكاديميين المتخصصين في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر.

الآفاق الفكرية للثورة الجزائرية

اِفتَتح المؤتمرَ الباحثُ في المركز العربي، محمد حمشي، وعرّف في كلمته بالمؤتمر ودوراته السابقة، ثم تطرّق إلى موضوع دورته التاسعة وأهميته ومسوغات اختياره، ليقدّم بعدها المؤرخ الجزائري، ناصر الدين سعيدوني، محاضرة افتتاحية بعنوان "تأملات في الثورة الجزائرية في ذكراها الستين"، حاول فيها تقصي الكيفية التي أثّرت بها الثورة الجزائرية في محيطها العربي والإسلامي، والمُكنة التي اقتدرت بها هذه الثورة على تخطي إطارها المحلي واكتساب بُعد عالمي وإنساني، وكذلك الطريقة التي شكّلت الثورة الجزائرية، باعتبارها ظاهرة تاريخية تندرج في الزمن الطويل وليس حدثًا حربيًّا محدودًا زمنيًّا، حصيلةً للتاريخ الجزائري المعاصر، ومشروعًا تحرريًّا توّج المقاومة الشعبية الجزائرية، ووحّد الشعب الجزائري وجنّده، وصاغ المجتمع الجزائري المعاصر الذي وُلد من التحدي والمآسي.

أضف إلى هذا الطريقة التي تفاعلت بها قيم الأصالة والانتماء الحضاري والأفكار التقدمية والحداثية في الثورة الجزائرية، لتشكل القاعدة الصلبة التي قامت عليها الدولة الجزائرية المعاصرة. وقد حاول الباحث تقديم إجابات عن الكيفية التي وظّفت بها الثورة الجزائرية تناقضات المجتمع الاستعماري، وتعاملها مع المعارضين والمتعاونين مع الاستعمار، والأدوات والأساليب التكتيكية والإستراتيجية التي اعتمدتها لتحقيق أهدافها.

وتساءل: أكانت الثورة الجزائرية حرب استقلال أم ثورة تحرير؟ وبأي كيفية طرحت مسألة السلطة والشرعية بعد الاستقلال؟ وكيف تحوّلت إلى مشروع تنمية؟ وهل أعطت الكتابات التاريخية الجزائرية والعربية والأجنبية للثورة الجزائرية حقّها بصفتها ظاهرة تاريخية فريدة؟

تناولت الجلسة الأولى من اليوم الأول، التي ترأّستها، آيات حمدان، جوانب من الآفاق الفكرية للثورة الجزائرية. واستُهلت بورقة للزواوي بغورة عنوانها: "الثورة الجزائرية من منظور الفلسفة الاجتماعية".

عرج فيها الباحث على الخطاب الرسمي الجزائري، الذي عمد إلى حصر الثورة الجزائرية في المناحي العسكرية والحربية فقط. واستشهد الباحث في ذلك بعملية كتابة تاريخ الثورة التي شرع فيها حزب جبهة التحرير الوطني، في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، والتي كانت خير دليل على ذلك.

في حين أن المتأمل الحصيف للأمر يحذق بما لا يدع مجالًا للشك بأن هناك مندوحة في أمر الثورة الجزائرية، لا يدان لنا باختزالها في المجال العسكري الصرف، فهي عملية شديدة التعقيد سواء من جهة التجربة السياسية السابقة عن الثورة، أو عناصرها التكوينية والبنيوية، أو طرائقها وأساليبها في الكفاح، أو في آثارها وأبعادها وآفاقها، وقبل هذا وذاك، نوعية الفاعلين الاجتماعيين القائمين بها.

وتناولت ورقة نور الدين ثنيو، "الثورة الجزائرية في الزمن الطويل"، وفيها حاول فيها الإجابة عن سؤال مركزي: لماذا لم تخمد لحظة ثورة الفاتح من تشرين الثاني/ نوفمبر، رغم مرور ستين سنة على استقلال الجزائر في عام 1962؟ حيث ما تزال إلى يوم الناس هذا تلقي بظلالها على العلاقات بين الجزائر وفرنسا، حيث تشهد في الآونة الأخيرة اضطرابات أكثر من أي وقت مضى.

وأكد الباحث أن هذه الثورة من خلال تطوراتها وتداعياتها وما تمخض عنها، تكشف عن تاريخ إشكالي معقد؛ هو التاريخ المعاصر "للجزائر الفرنسية" والتاريخ الحديث للجزائر المستقلة.

أما الجلسة الثانية من اليوم الأول، فترأّسها رئيس قسم الأبحاث بالمركز العربي، حيدر سعيد، وشارك فيها مصطفى كيحل بورقة بعنوان "أي أفق أيديولوجي للثورة الجزائرية؟"، هدفت إلى التركيز على المناحي الأيديولوجية التي كانت وراء الثورة الجزائرية، والروح الناظمة لها والمسلك الذي تنتظم فيه تحولاتها ومنعطفاتها الكبرى، من منطوق أنه لا توجد ثورة بلا نسق ثوري وبلا أيديولوجية ثورية تمهد لها وترافقها في مسيرتها. وحاول الباحث الإجابة عن سؤال مركزي: ما نظرية الثورة الجزائرية؟ وهل للثورة الجزائرية أيديولوجية تستند إليها وفلسفة توجه بوصلتها؟ أما الباحث ياسر درويش جزائرلي، فأكد في ورقته "الثورة الجزائرية: نشأة نقد الاستشراق وميلاد صراع الحضارات"، أن سنوات الثورة الجزائرية شهدت نشأة فكر نقدي يحرر الشعوب المستعمرة من التصور الذي نسجه المستشرقون عن هذه الشعوب، والذي كان جزءًا من سياسة الاستعمار.

وبما أن الاستشراق الحديث كان أيديولوجية الاستعمار، فمن المنطقي أن تخضع هذه الأيديولوجية للنقد والتفنيد في زمن انحسار الاستعمار.

جوانب من الفاعلية المحلية للثورة الجزائرية

ترأّس الجلسة الأخيرة من اليوم الأول، كمال طيرشي، وقدم فيها عبد السلام كمون ورقة عنوانها "إشكالية الصراع بين السياسي والعسكري إبان الثورة الجزائرية"، طرح فيها إشكالية داخلية مهمة مست الثورة الجزائرية، تتمثل في الصراع بين السياسي والعسكري، وقد حاول الباحث استعراض الكيفية التي عالجها بها المؤرخون في الجزائر، متسائلًا: ألقي هذا الصراع اهتمامًا كبيرًا لديهم، باعتباره صراعًا جوهريًا بين الطرفين، أم حاولوا تجاهله والسكوت عنه؟ وإن كان كذلك، فما هو السبب في ذلك؟ أما الباحث عمر بوضربة، فجاءت ورقته بعنوان: "معركة التدويل: استراتيجية جبهة التحرير الوطني لتدويل المسألة الجزائرية في الأمم المتحدة".

وقد حاول فيها الإجابة عن الإشكالية الأساسية التالية: ما مفهوم التدويل لدى جبهة التحرير الوطني؟ وكيف استطاعت الجبهة أن تخترق كواليس الجمعية العامة وتسجل القضية الجزائرية في جدول أعمالها منذ عام 1956؟ وكيف تطور تعامل هذه الهيئة الدولية مع القضية؟ وكيف أثرت توصيات الجمعية في تطور الحل التفاوضي بين جبهة التحرير الجزائرية والحكومة الفرنسية؟

وقد تخللت الجلسات مداخلات ومناقشات وأسئلة من الحضور والمتابعين أجاب عنها المشاركون، وقدّموا إيضاحات وإضاءات. وتابع البثّ المباشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتفاعل معه عدد كبير من متابعي صفحات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

التعليقات