16/01/2023 - 18:22

المركز العربيّ يختتم أعمال الدورة الرابعة للمدرسة الشتويّة

شارك في الدورة 51 باحثًا وباحثة، ما بين مشاركين ومحاضرين ومعقّبين. وقد عرض المشاركون مشاريعهم البحثية التي تناولت الجوانب المختلفة للثقافة السياسية في حالاتٍ عدة، وعقّب عليها الأكاديميون والخبراء من أساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وباحثي المركز العربي، وكذلك عددٌ

المركز العربيّ يختتم أعمال الدورة الرابعة للمدرسة الشتويّة

خلال إحدى ورشات عمل المدرسة الشتويّة

اختتمت، يوم الإثنين 16 كانون الثاني/ يناير 2023، أعمال الدورة الرابعة لبرنامج المدرسة الشتوية، التي ينظّمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، والتي انطلقت أعمالها في 7 كانون الثاني/ يناير، وكان موضوعها هذه السنة: "إعادة النظر في الثقافة السياسية: عن العلاقة بين السياسة والقيم السائدة".

وشارك في الدورة 51 باحثًا وباحثة، ما بين مشاركين ومحاضرين ومعقّبين. وقد عرض المشاركون مشاريعهم البحثية التي تناولت الجوانب المختلفة للثقافة السياسية في حالاتٍ عدة، وعقّب عليها الأكاديميون والخبراء من أساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وباحثي المركز العربي، وكذلك عددٌ من الباحثين والأكاديميين من المتخصّصين في موضوع الثقافة السياسية. كما شهدت هذه الدورة ثماني محاضرات عامة، قدّمها عدد من الخبراء البارزين في الموضوع.

أثر الثقافة السياسية في السياسة الخارجية وأنماط التصويت

وافتُتحت أعمال اليوم الخامس من برنامج المدرسة الشتوية، يوم الأربعاء 11 كانون الثاني/ يناير، بمحاضرةٍ لوالتر أرمبرست عنوانها "أنماط وأحداث: في أنثروبولوجيا الثورة"، أشار فيها إلى أن الأنثروبولوجيا لا تملك تاريخًا طويلًا من الاشتباك الواضح مع موضوع الثورة بوصفها ظاهرة سياسية واجتماعية. لكن إثر الحاجة إلى تفسير الاضطرابات السياسية الأخيرة في عدد من المناطق، ظهرت اتجاهات فكرية جديدة حول هذه المسألة، وباتت هناك جهود حثيثة لصياغة رؤى أنثروبولوجية جديدة حول الثورات السياسية، ومراجعة التقاليد البحثية التي يُمكن البناء عليها لبلورة أنثروبولوجيا حقيقية للثورة. واختتم الباحث محاضرته بالحديث عن الآفاق البحثية والميزات المنهجية التي يُمكن أن تتأتّى من أنثروبولوجيا الثورة؛ سواء أكان التركيز على الأحداث أم الأنماط الاجتماعية الطويلة المدى.

وعرضت هيا مهنا النعيمي ورقةً بعنوان "السرديات الاستراتيجية والسياسة الخارجية: دراسة حالة الدول العربية الصغيرة"، حاولت فيها من خلال دراسة حالتَي قطر والإمارات العربية المتحدة، تقديم إطار نظري لدراسة الدور الذي تضطلع به السرديات الاستراتيجية، وتحاول الدول الصغيرة من خلاله بناء هوياتها وتشكيل تصوراتها للقضايا والسياسات داخل المنطقة، وعلى الصعيد الدولي. ثمّ قدمت نارمين بت ورقة بعنوان "محددات التصويت للمتعاونين السابقين مع الجماعات المتمردة في أفغانستان"، بيّنت فيها، استنادًا إلى بحث ميداني قام باستطلاع الرأي العام في مدينة كابول، أن الاحتمال قليل فيما يتعلق بتصويت المستجيبين لمصلحة المرشحين السياسيين الذين لديهم تاريخ من التعاون، وأن احتمال تصويت المستجيبين لمصلحة المتعاونين من الإثنية نفسها، أعلى من احتمالية تصويتهم للمتعاونين الذي لا يتشاركون معهم الانتماء الإثني.

الثقافة السياسية محركًا للفعل السياسي: إجابات من الصين وإيران وتونس

افتُتح اليوم السادس، الخميس 12 كانون الثاني/ يناير، بمحاضرةٍ لونفانغ تانغ، عنوانها "كيف تمنع الثقافة السياسية صدام الحضارات؟ دروس من التجربة الصينية"، أظهر من خلالها، استنادًا إلى بيانات رابطة مسح القيم العالمية، أنّ المستجيبين الصينيين يعبّرون عن مستوى عالٍ من الرضا عن الديمقراطية في بلادهم، وأنّ فهمهم للديمقراطية لا يختلف كثيرًا عن المفهوم الغربي لها. واستنتج أنّ الثقافة السياسية، كما حددها تصور الناس للديمقراطية، يجب أن تُدرج في نظرية الديمقراطية.

وعرض روبرت السعدي ورقةً بعنوان "تحولات المواقف السياسية وقت الأزمة: الثقافة السياسية في إيران المعاصرة"، حاجّ فيها، استنادًا إلى التحليل الكمي لبيانات المسح الاجتماعي المنجزة والتحليل الكيفي للحركات الاجتماعية المطالبة بالإصلاحات في إيران، بأنّ المجتمعات تلجأ إلى الاحتجاج عندما يُواجَه التغيّر الثقافي (انخفاض الثقة بالحكومة) بالقمع بدلًا من الإصلاح من الدولة. كما قدّمت كارمن فولكو ورقة بعنوان "عندما تعوق القيم بناء التحالفات: دراسة في حالة المعارضة التونسية ما بعد تموز/ يوليو 2021"، أشارت فيها إلى أن إبرام التحالفات في تونس، ما بعد تموز/ يوليو 2021، يتبع أنماط تنسيق معارضة مماثلة للمعارضة المنبثقة من فكرة الدولة التونسية ذات الحزب الواحد. وفي أثناء وقوع الانقلاب الرئاسي لقيس سعيّد، فضّلت القوى السياسية أن تتّحد بشكلٍ حصري وانتقائي، مدفوعةً بـ "الانقسام العلماني - الإسلامي" الذي تغذيه الدولة التونسية.

الثقافة السياسية في منظور المؤشر العربي

في اليوم السابع، السبت 14 كانون الثاني/ يناير، أدار محمد المصري ورشة عمل عنوانها "قياس الثقافة السياسية من خلال استطلاعات الرأي: المؤشر العربي أنموذجًا"، ذكر فيها ملامح الثقافة السياسية في المجتمعات العربية من خلال عرض نتائج تقرير المؤشر العربي 2022، وشارك في ورشة العمل عبد الكريم أمنكاي الذي تطرق إلى تحديات قياس الثقافة السياسية، وعمار شمايلة الذي قدّم عرضًا حول المشاركة السياسية والثقة بالمؤسسات العامة في الوطن العربي، استنادًا إلى تقرير المؤشر العربي 2019/ 2020. بعد ذلك، جادل جوزيف رودريغيز في ورقته "التعليم من أجل الديمقراطية: التنشئة السياسية لأزمنة غير ديمقراطية"، بأنّه لا يوجد من يولد مواطنًا ديمقراطيًا، وأن التنشئة الديمقراطية تتطلب عملًا شاقًا؛ ما يضع على عاتق المؤسسات الديمقراطية مهمة تنشئة المواطنين وتشكيلهم ليكونوا أكثر ديمقراطية.

تمثلات الثقافة السياسية في المشاركة والتعبير السياسيين

افتتح ستيفن ويلش اليوم الثامن، الأحد 15 كانون الثاني/ يناير، بمحاضرة عنوانها "دراسة الثقافة السياسية: الإشكاليات المفهومية والآفاق البحثية"، أجاب فيها عن عدة أسئلة؛ منها: ما مفاهيم "الثقافة السياسية" الرئيسة؟ وهل تختلف الاستخدامات المُقارَنة عن الاستخدامات السوسيولوجية للثقافة السياسية؟ وكيف تتغير الثقافة السياسية؟ وكم تبلغ سرعة تغيرها؟ وما العلاقة بين الثقافة السياسية والديمقراطية؟

وعرضت جوليا ماكاريو ورقةً بعنوان "تحدي قيم الإلحاق: المشاركة السياسية للمرأة داخل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن"، سعت فيها إلى فهم "لغز" المشاركة السياسية للمرأة داخل الجماعة في الأردن، اعتمادًا على الإطار النظري الذي توفره دراسات الأفعال الأدائية والسياسية من خلال النظر في طبيعة عمل النساء ومشاركتهن، وسرد وجهات نظرهن حول الجماعة، وعكس فهمهن لطبيعة القيادة والسلطة داخلها؛ بما في ذلك فروع الحزب السياسي المتمثل في جبهة العمل الإسلامي منذ عام 1992. كما قدم ماركو يوفانوفيتش ورقةً بعنوان "مؤشرات المواقف المناهضة للولايات المتحدة في الدول العربية"، جادل فيها بأن الهيمنة، ونمط التدين، والرضا الأميركي عن الظروف الداخلية في بلد معيّن، والانفتاح العام على العالم، كلها عوامل تساهم في تحديد مقدار العداء السياسي والمجتمعي لدى شعوب الدول العربية تجاه الولايات المتحدة الأميركية.

الدين والأيديولوجيا والمواطنة في العالم العربي

اختُتمت أعمال اليوم الأخير من المدرسة الشتوية، الإثنين 16 كانون الثاني/ يناير 2023، بمحاضرة ساري حنفي، وكانت بعنوان "فهم الثقافة السياسية في العالم العربي من خلال التوافق الديني والأخلاقي"، التي حاجّ فيها بأنّه توجد أدلة كثيرة على أنّ أشكال التوافق الديني لا تتعلق بكيفية تصور الفاعلين الاجتماعيين للدين فحسب، بل تتعلق أيضًا بمجالات الحياة الأخرى (أي مصادر الأخلاق السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها)؛ لهذا، فإن التوافق الديني (أو عدمه) لا يعدُّ سوى عملية معقدة من التوافق الأخلاقي (أو عدمه). وعرضت آيفر أردوغان شافاك ورقةً بعنوان "ما بعد الإسلاموية في تونس وتركيا: مسارات متباينة"، جادلت فيها بأنّ الاختلافات في المسارات السياسية للحركات الإسلامية في مصر وتونس تتشكل، إلى حدٍّ بعيد، من خلال أساليب قيادة الأحزاب، وفهمهم للديمقراطية، والسياسة داخل الأحزاب، والخيارات الاستراتيجية والتكتيكية للأحزاب في الأوقات الحرجة؛ مثل تشكيل التحالفات، ورؤيتهم لصياغة الدستور، والاختيار بين النظام الرئاسي والبرلماني. وقدّمت باولينا فارسا الورقة الأخيرة بعنوان "فكرة المواطنة في العراق: بين شعارَي ’لا دولة‘ و’نريد وطنًا‘"، حاولت فيها الإجابة عن سؤالٍ رئيس؛ وهو: ما الذي يُشكّل اختلافًا جوهريًا بين الدولة واللادولة، وبين الدولة والوطن بالنسبة إلى العراقيين المعاصرين؟ وحاجّت بأنّ الهوية الوطنية للعراقيين تتشابك مع خطاب شرعية الدولة والمجتمع المدني، إذ بات الاحتجاج طقسًا أدائيًا لتحرير المواطنة.

واختتم هاني عواد، الباحث في المركز العربي، أعمال الدورة الرابعة للمدرسة الشتوية، وأعرب عن شكره للمحاضرين والمعقّبين والمشاركين، وللّجنتين التوجيهية والتنظيمية، وأشار إلى نجاح هذه الدورة وتحقيقها أهدافها، من خلال توفير مساحة أكاديمية للمشاركين للانخراط في نقاشات معمّقة، وعرضِ أبحاثٍ تحمل منظورات ومناهج وتخصّصات مختلفة في دراسة الثقافة السياسية. وأكّد أنّ اهتمام المركز بدراسة الثقافة السياسية لن ينتهي مع اختتام أعمال المدرسة الشتوية؛ إذ ينظم المركز الدورة التاسعة من مؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية في آذار/ مارس 2023 عن الموضوع ذاته، وسيحافظ المركز على علاقته بالمجتمع الأكاديمي الذي أنتجته هذه الدورة.

والتر أرمبرست خلال محاضرته

وتجدر الإشارة إلى النجاح الذي حققته الدورات الثلاث السابقة من المدرسة الشتوية، مثّل حافزًا لإدارة المركز العربي على الاستمرار في هذا التقليد الأكاديمي؛ بهدف اجتذاب الباحثين المهتمّين بالقضايا والمحاور البحثية التي تطرحها المدرسة في دوراتها المتعاقبة، ولإتاحة الفرصة لتوطيد العلاقات مع باحثي المنطقة العربية، واكتساب المعرفة وتبادلها.

التعليقات