02/12/2023 - 19:28

"المركز العربي": انطلاق أعمال منتدى دراسات الخليج في دورته العاشرة

بدأت أعمال المنتدى بمحاضرة افتتاحية ترأسها مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي، مروان قبلان، وقُدّمت فيها ورقتان.

انطلقت في الدوحة اليوم السبت، 2 كانون الأول/ ديسمبر 2023، أعمال الدورة العاشرة لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية التي ينظّمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة 2-4 كانون الأول/ ديسمبر 2023. وتنتظم هذه الدورة في محورين، هما: "علاقات دول الخليج العربية بالصين: استمرارية أم تحوّل؟" و"السياسات الثقافية لدول الخليج العربية" يُقدّم فيهما باحثون خليجيون وعرب وأجانب 38 ورقة بحثية في 13 جلسة، إضافة إلى محاضرة افتتاحية وجلسة حوارية مع سعادة وزير الثقافة القطري الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني. ويتزامن مع المنتدى أعمال ندوة دورية أسطور "الكتابة التاريخية في بلدان الخليج العربية" التي تُقدم فيها 10 أوراق بحثية.

استُهلّ المنتدى بافتتاح قدّمته العنود عبد الله آل خليفة، الباحثة في وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية في المركز العربي، نوّهت فيه إلى أنّ هذا المنتدى، الذي أطلقه المركز العربي في كانون الأول/ ديسمبر 2014، أضحى منبرًا أكاديميًا متخصصًا في شؤون منطقة الخليج العربي وقضاياها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبات يجمع الباحثين والدارسين المهتمين بالمنطقة. وأمِلَت أن يسهم المحوران اللذان تبحثهما هذه الدورة في توفير رؤى عميقة حول التحولات والتطورات في دول الخليج العربية، وتطلُّع المركز إلى فتح نوافذ فريدة للتفاعل بين العلوم التاريخية والسياق الثقافي والاجتماعي والسياسي، مما يعزز فهمنا لهوية المنطقة وتأثيرها في التطورات الراهنة والمستقبلية.

بدأت أعمال المنتدى بمحاضرة افتتاحية ترأسها مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي، مروان قبلان، وقُدّمت فيها ورقتان. في الورقة الأولى، تناول عبد العزيز حمد العويشق مرتكزات العلاقات الخليجية – الصينية، ناقش فيها واقع الشراكة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والصين وأبعادها الاستراتيجية الجديدة، استنادًا إلى أول قمة عُقدت على مستوى القادة بين دول المجلس والصين في الرياض في كانون الأول/ ديسمبر 2022، وإعلان الجانبين تأسيس شراكة استراتيجية بين منظومتيهما، تاليًا لسنوات من الحوار الاستراتيجي المنتظم الذي بدأ في أيار/ مايو 2010، كما قدّم إيجازًا حول أبعاد هذه الشراكة الاستراتيجية، وما توفره من فرص للجانبين، وكذلك التحديات المحتملة التي تواجه تنفيذها. وفي الورقة الثانية، قدّم كيري براون مناقشته حول الصين العالمية في عهد شي الثالث، مجادلًا بأن الصين في عام 2023 ما زالت تتخبّط في كيفية تحديد دورها العالمي، بطريقةٍ تحقّق التوازن بين مصالحها مع الولايات المتحدة، وطموحاتها في منطقتها، والعلاقات التي تربطها بالقوى الأخرى التي تُعدّ دول الخليج الأكثر أهميّة من بينها؛ فناقش دور المصالح الاقتصادية للصين في دول الخليج، وما ستقدمه من دورس يمكن من خلالها استجلاء دبلوماسية الأولى الجديدة في السنوات المقبلة.

تحديات العلاقات الخليجية – الصينية والدولة والشأن الثقافي في بلدان الخليج

عُقدت الجلسة الأولى من أعمال المنتدى في مسارين متوازيين. في المسار الأول، ترأس سحيم آل ثاني جلسة بعنوان "العلاقات الخليجية – الصينية: المرتكزات والتحديات"، قُدّمت فيها ثلاث أوراق. تناول عبد العزيز بن عثمان بن صقر أهم المرتكزات في العلاقة الخليجية - الصينية على الصّعد السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والعلمية والتقنية، وآفاقها الممكنة. وفي نقاش متمّم، تناول عبد الله الشايجي خيارات دول الخليج وتوازناتها الصعبة في العلاقة بين واشنطن، الحليف الأمني التقليدي، وبيجين، الشريك التجاري الأول. فعالج أسئلة من قبيل: أين تتقاطع تلك العلاقات؟ وما التحديات التي تواجهها والسقف الذي تعمل تحته في ظل شراكة أمنية معقدة ومتراجعة مع واشنطن، وشراكة تجارية واقتصادية متنامية مع الصين. في حين تناول عبد الله باعبود علاقة دول مجلس التعاون بالصين، مجادلًا بأن هذه العلاقة قد تجاوزت مرحلة التبادل التجاري وتعمقت في مجالات أوسع، فأصبحت بيجين لاعبًا مهمًا في بعض القطاعات الاستراتيجية، مثل إمدادات الأسلحة والتعاون الصناعي والعسكري.

وفي المسار الثاني، ترأس عبد الله الجسمي جلسة بعنوان "الدولة والشأن الثقافي في بلدان الخليج"، قُدّمت فيها ثلاث أوراق أيضًا. ركّز محمد الرميحي على تجارب دول الخليج في النشاط الثقافي، وأهمية أخذ الثقافة في الاعتبار في صلب خطط التنمية. بينما تطرّقت أولريكه فريتاغ إلى تطوّر السياسات الثقافية في المملكة العربية السعودية وإلى الدوافع المختلفة وراء الاستثمار الضخم في الشؤون الثقافية. أمّا لحبيب بلية ومحمد رضا سلطاني وإبراهيم بو الفلفل فحاولوا في ورقتهم الكشف عن الطريقة التي تُدير بها دولة قطر الشأن الثقافي فيما تواجه تحديات ثقافية ذات تأثيرات بالغة في هويتها الوطنية.

تحديات العلاقات الخليجية – الصينية والسياسات الثقافية في سياق التحولات

عُقدت الجلسة الثانية للمنتدى في مسارين متوازيين أيضًا. في المسار الأول، ترأس غانم النجار جلسة استأنفت النقاش حول مرتكزات العلاقات الخليجية - الصينية وتحدياتها، وقُدّمت فيها ثلاث أوراق. حاول أسعد صالح الشملان تلمّس الفرص والتحديات المصاحبة لانعكاسات المنافسة الصينية – الأميركية على العلاقات الخليجية – الصينية، وخلص إلى أن احتدام التنافس بين واشنطن وبيجين بات يشكّل تحديًا لا تملك الكثير من عواصم العالم تجاهله، وخصوصًا تلك التي لها علاقات وثيقة بالطرفين، مثل دول مجلس التعاون؛ ما يفرض عليها تحديات، وقد يُهيّئ لها فرصًا أخرى. وجادل روري ميلر بأنه لا مفرّ من ارتفاع حدّة التوترات بين القوى العظمى والمنافسة في بلدان آسيا في المجال البحري للخليج، وذلك مع تزايد انشغال واشنطن وحلفائها الآسيويين باحتواء الطموحات البحرية الصينية في الممرات المائية المحيطة بالخليج، وأيضًا مع ازدياد أهمية "الجغرافيا السياسية للموانئ". وتناول جوناثان فولتون التوتّرات الكامنة في العلاقات الخليجية - الصينية المتنامية، معالجًا السؤال المتعلق بالكيفية التي ستتمكّن بها دول الخليج من تحقيق التوازن بين الفرص الاقتصادية التي توفّرها الصين، والتحدّيات الجيوسياسية بين بيجين والعديد من شركاء دول الخليج الأكثر أهمية.

وفي المسار الثاني، ترأست عائشة العماري جلسة بعنوان "السياسات الثقافية في دول الخليج في سياق التحولات السياسية والفكرية"، وقُدّمت فيها ثلاث أوراق أيضًا. بيّن زيد بن علي الفضيل طبيعة التحولات القائمة في المشهد الثقافي السعودي منذ القرن العشرين حتى الوقت الراهن، وتأثره بمختلف الأحوال السياسية والاقتصادية، علاوةً على تأثير حالة الابتعاث في سماته خلال النصف الثاني من القرن العشرين. أمّا عبد الله أبو لوز، فقدّم إطارًا نظريًا شاملًا لفهم رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والدور الحيوي للقيادة الفردية في دفع تنفيذ الرؤية، متناولًا مفهوم الهندسة الاجتماعية وتأثيراتها في التغيير الثقافي. وتتبّع جاسم حسن الغيث الحالة التثاقفية والتهجين المعرفي (الإبستيمولوجي) اللذين تشهدهما الثقافة الخليجية، متخذًا من المشروع الثقافي المسرحي نموذجًا.

تطور العلاقات البينية الخليجية مع الصين وسوسيولوجيا السياسات الثقافية

وفي الجلسة الثالثة، ترأس فيصل أبو صليب جلسة المسار الأول حول "تطور العلاقات البينية لدول الخليج العربية مع الصين". تحدّث محمد المسفر حول تطور العلاقات القطرية - الصينية وتحدياتها في الفترة 1988-2023، وخلص إلى أنها تتميز بالديناميكية والنمو المتسارع، وتعزيز الثقة المتبادلة بين الدولتين، وتجلّى ذلك في تأسيس علاقة شراكة استراتيجية بينهما، وناقش أيضًا التحديات التي تواجه العلاقات بين الدولتين وطرائق التغلب عليها. أما هادي مشعان ربيع ناصر، فناقش استمرارية العلاقات الاقتصادية العراقية – الصينية، على الرغم من الاضطرابات الجيوسياسية والعراقية المحلية، وإمكانية أن تشهد هذه العلاقات منعطفًا جديدًا في المستقبل.

وفي المسار الثاني، ترأس باقر النجار جلسة بعنوان "الإطار السوسيولوجي للسياسات الثقافية في بلدان الخليج". تعرّض يعقوب الكندري في ورقته لقضية التماثل والاختلاف وارتباطها بمفهوم الاندماج الاجتماعي، مركّزًا على هويتين فرعيتين داخل المجتمع الكويتي، هما الهوية الحضرية والهوية القبلية. أما محمد بن سالم المعشني فبحث في ورقته التكوين الثقافي للمواطن الخليجي، معرّفًا بدور الأسرة والمجتمع والحكومة فيه، ومعرّجًا على مصادر هذا التكوين وأنواعه.

وزير الثقافة محاضرًا حول الثقافة ودورها في بناء المجتمع

وفي ختام اليوم الأول، شارك سعادة وزير الثقافة القطري، الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني، في جلسة حوارية بعنوان "الثقافة ودورها في بناء المجتمع"، أدارها عبد الرحمن الباكر. بدأ الوزير الجلسة بالترحم على شهداء غزة، وأضاف أن صبر أهل غزة برهان على أن الثقافة إنما هي إعداد للأزمات، وبهذا المدخل أشار إلى مفهوم الثقافة، وتصوره تجاهه. وأشار إلى علاقة المجتمع القطري بالثقافة ورسوخها في الهم الوطني، رافضًا تعميم صورة نمطية محددة تجاه الثقافة، مع أهمية النقد الذاتي بوصفه إمكانية للتطور والرقي. وناقش دور وزارة الثقافة في التأثير في المجتمع، مشيرًا إلى أن الثقافة مسألة متجددة غير ثابتة، ووفقًا لذلك تعمل وزارة الثقافة على تحديث استراتيجيتها، على اعتبار أنها مسألة لا تنتهي. وتناول أيضًا موقع الثقافة في تعزيز الهوية القطرية، باعتبارها جزءًا من الهوية العربية الإسلامية ومستمدة منها، كما أنها تتلاقى مع الهويات الأخرى تتأثر بها وتؤثر فيها، مع الحفاظ على خصوصيتها، التي تجلت في كأس العالم 2022. وتناول موضوع "البشت"، باعتباره جزءًا من الإرث الثقافي، وأكد على مسألة الاحترام المتبادل للثقافة، وحق الجاليات في الاعتزاز بثقافتها، وشدد على أهمية الإنتاج الثقافي ودور وزارة الثقافة في هذا السياق، والمنافذ التي تتيحها للمجتمع القطري، والاهتمام بالنشء والإعداد الثقافي في ظل التحديات الراهنة المرتبطة بثورة الاتصالات الحالية. وتطرّق إلى استخدام الدبلوماسية الثقافية وسيلة لمد الجسور مع الشعوب الأخرى، والتي أثبتت نجاعتها في التجربة القطرية.

وتستمرّ أعمال منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية حتى 4 كانون الأول/ ديسمبر، على نحو ما هو مُبيَّن في جدول أعماله. وفي اليوم الثاني، تُعقد سبع جلسات في موضوعَي المنتدى، وفي اليوم الأخير تُعقد أعمال ندوة دورية أسطور "الكتابة التاريخية في بلدان الخليج" في ثلاث جلسات متتالية.

التعليقات