04/08/2016 - 13:27

فيلم "اشتباك"... ثورة أم انقلاب؟

اشتباك، الفيلم الذي أخرجه الشاب محمد دياب، يقدّم عرضًا سينمائيًا رمزيًا لحالة الاضطراب السياسي التي تعيشها مصر منذ إطاحة الجيش بمرسي من الحكم بعد عام واحد من انتخابه.

فيلم "اشتباك"... ثورة أم انقلاب؟

3 سنوات مضت منذ إطاحة الجيش المصري بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا في مصر في تموز/يوليو 2013، وما زالت مصر مقسمة تجاه ذلك بين فريقين، أحدهما يراه 'ثورة' والآخر يراه 'انقلابًا'.

فيلم 'اشتباك' جاء ليختزل هذه السنوات الثلاث في مشاهد بدت وكأنها مستوحاة من واقعة سيارة ترحيلات سجن أبو زعبل وبداخلها 25 معتقلًا من توجهات فكرية مختلفة، وتسير في شوارع القاهرة، بما فيها من مظاهر الحياة اليومية، والاحتجاجات والمظاهرات.

و'سيارة ترحيلات أبو زعبل' واقعة تعود إلى 18 آب/أغسطس 2013، بعد 4 أيام من فض اعتصام مؤيدي محمد مرسي، بميداني رابعة العدوية والنهضة (بالقاهرة الكبرى)، حيث تم القبض على عشرات من المتظاهرين، وخلال قيام الشرطة بترحيلهم من قسم مصر الجديدة (شرقي القاهرة) إلى سجن 'أبو زعبل'(شمالي القاهرة)، توفي 37 منهم اختناقًا بالغاز داخل السيارة.

أُزيح الستار عن الفيلم، مساء الأربعاء، 27 تموز/يوليو الماضي، داخل 35 دار عرض سينمائي بمصر، بعد موجة مثيرة للجدل على المستويين السياسي والفني، منذ أن تم اختيار الفيلم للمشاركة في مسابقة 'نظرة ما' بمهرجان كان في أيار/مايو الماضي.

'اشتباك'، الفيلم الذي أخرجه الشاب محمد دياب، يقدّم عرضًا سينمائيًا رمزيًا لحالة الاضطراب السياسي التي تعيشها مصر منذ إطاحة الجيش بمرسي من الحكم بعد عام واحد من انتخابه.

قبل عرضه ومعرفة محتواه، لم يسلم صنّاع الفيلم من الهجوم المزدوج من قبل أنصار النظام المصري ومعارضيه في آن واحد، فأنصار النظام هاجموا الفيلم بدعوى تبنّيه وجهة نظر جماعة الإخوان المسلمين، فيما يراه 'الإخوان' محاولة لتحسين صورة النظام والشرطة في مصر.

تحوّل الفيلم إلى حديث مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الأيام الماضية، وتخطى 'البرومو' الخاص به (الإعلان الترويجي)، حاجز 2.5 مليون مشاهدة على الصفحة الرسمية للفيلم على فيسبوك، بخلاف انتشار هاشتاغ (وسم) #اشتباك على 'تويتر'.

وبعيدًا عن هذا الجدل الدائر داخل مصر، نال الفيلم إشادات من الخارج، فأرسل نجم هوليوود الفائز بجائزة الأوسكار مرتين، الأمريكي توم هانكس، خطابًا ورقيًا إلى مخرج الفيلم يقول فيه: 'سوف يتمكن فيلمك من أن يمس الكثيرين وينيرهم من الداخل، وسوف يدركون أيضًا أن الإنسانية هشة بدرجة كبير، ولكننا جميعًا على القارب نفسه'، موجهًا الشكر لكل فريق العمل.

أما البريطاني دانيال كريغ، بطل أفلام 'جيمس بوند'، فقال في خطاب إشادته لدياب: 'الفيلم قادر على تغيير الصورة النمطية لدى الغرب عن مصر'.

بعد يوم واحد من نزول الفيلم إلى دور العرض، تواصلت موجة الجدل التي أثارها الفيلم بين مؤيد وناقد.

أحد المشاهدين يدعى طارق عبد الرحمن، كتب على صفحة الفيلم بموقع فيسبوك: 'الفيلم يظهر الإخوان كشياطين ومجرمين وكل الغلط (الأخطاء) والعِبر فيهم، والداخلية تقوم بواجبها، والقتل والتعذيب تهم ملفقة والنظام بريء منها، للأسف لا ضمير'.

فيما دوّن إيهاب السيد، عبر صفحة الفيلم قائلًا: 'الفيلم عبقري في كل حاجة، رغم مدى ذكائكم في الدخول في المواضيع الحساسة، استعدوا لهجوم شديد عليكم من الطرفين'.

حساب على تويتر باسم 'ميداني بلا إخواني'، غرَّد عن الفيلم: 'أنا أدعم اشتباك رغم اختلافي مع موقف دياب (المخرج)، 'اشتباك' هيخلي (سيجعل) الناس تعيش موقف بتفاصيله رغم أنه مرَّ عليه الكثير (في إشارة لحادثة سيارة الترحيلات).

ناشط يطلق على نفسه 'باسم باسييف'، قال عبر تويتر: 'من السخرية أن مخرجي ومنتجي وممثلي فيلم اشتباك، شاركوا وفوّضوا السيسي، الذي حبس الشباب في عربية (سيارة) الترحيلات لحد ما (إلى أن) ماتوا'.

مستخدمة عبر تويتر، تعرّف نفسها بـ'نهال'، أضافت: 'لو الداخلية حبّت (أرادت) أن تجمّل صورتها مش هتعرف (لن تعرف) تعمل أكثر من اللي (الذي) عمله اشتباك'.

الناقدة السينمائية المصرية ماجدة موريس، رأت أن الفيلم يقدّم على مدى ساعة ونصف ساعة مادة دسمة، لوقائع اشتبكت مع بعضها البعض في مصر ما بعد الثورة، بين فصائل سياسية متصارعة.

وقالت موريس للأناضول: 'الفيلم لا يعبّر عن وجهة نظر النظام أو الإخوان، هو جهد كبير مبذول من صنَّاع الفيلم، وجمال السينما يتمثل في أن كل مشاهد يأخذ منها ما يتّفق مع رؤيته وثقافته ومعطياته'.

اقرأ/ي أيضًا| 'منى' ... فيلم تركي يجسد آلام غزة

وأضافت، 'الفيلم أقرب للوثائقي، وأهميته وقيمته الكبيرة تتمثل في توثيق الفترة الراهنة التي تعيشها مصر، وفقًا لرؤية مبدعيه، ونقديًا ربما يكون للنقّاد رؤية مختلفة عن الحالية للفيلم بعد 5 سنوات، والمشاهد الواعي يحلّل المشهد دون اللجوء إلى الصورة الذهنية المرسومة عنه لدى النقاد والمتابعين'.

 

التعليقات