02/04/2017 - 09:29

"خيوط السرد": المقاومة الثقافية وتطريز الذاكرة

تغزل المخرجة اللبنانية ذات الجذور الفلسطينية، كارول منصور، أحداث قصة فريدة تسجل خلالها عشق النساء لأوطانهن وتشبثهن بالجذور رغم بعد المسافات، في فيلمها الوثائقي "خيوط السرد".

تغزل المخرجة اللبنانية ذات الجذور الفلسطينية، كارول منصور، أحداث قصة فريدة تسجل خلالها عشق النساء لأوطانهن وتشبثهن بالجذور رغم بعد المسافات، في فيلمها الوثائقي "خيوط السرد".

عرض الفيلم للمرة الأولى قبل يومين في العاصمة اللبنانية استعدادا لمشاركته في مهرجانات عالمية، وقبل عرضه في مختلف المخيمات الفلسطينية والجامعات في لبنان.

وعاد ريع العرض الأول إلى البرنامج الموسيقي "بيت أطفال الصمود"، في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور الواقعة جنوب لبنان.

يمزج "خيوط السرد" ما بين عشق 12 امرأة فلسطينية لبلدهن وقصصهن معه قبل الانسلاخ عنه بفعل التطهير العرقي الذي فرضه ومارسه الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، وتراث التطريز الذي يعتبرنه أحد عناصر المقاومة ويشددن على الحفاظ عليه كجزء من الحفاظ على تراثهن.

تنتمي النساء الاثنا عشر المشاركات في الشريط إلى مختلف الطبقات الاجتماعية، وهن قادمات من مختلف المناطق الفلسطينية.

ويكتشف المشاهد خلال ساعة ونصف الساعة أن تعلقهن، كل واحدة على طريقتها، بالتطريز هو في الواقع التعلق بما تبقى لهن من حلم العودة إلى فلسطين وحلم تحرير بلدهن واسترجاعها.

ويعتبر فن التطريز من العناصر المحورية في ثقافة الشعب الفلسطيني وتراثه الشعبي.

إحدى السيدات في الفيلم تقول ببساطة "راحت البلد وبقي التطريز. لا يستطيع أحد أن يأخذ منا التطريز. هذا التطريز يجسد بلدي وأمست هذه الممارسة مع مرور الأيام فعل قومي بالنسبة إلي. هو ولاء. هو وفاء".

Stitching Palestine - Trailer from Forward Film Production on Vimeo.

وأخرى تؤكد "التطريز بالنسبة إلي يمثل الحياة الفلسطينية ماضيا وحاضرا. يجسد بطريقة أو بأخرى أهمية دور المرأة في فلسطين ماضيا وحاضرا. وإبراز فن التطريز هذا والإصرار على ممارسته طقسا يوميا هو نوع من المقاومة الثقافية. هي طريقتنا في الحفاظ على تراثنا الثقافي وهذا أيضا من العناصر المحورية في المقاومة الفلسطينية".

صورت المخرجة كارول منصور، والباحثة الفلسطينية الجذور منى خالدي، المقابلات المؤثرة في شفافيتها وجمالية ذكرياتها العالقة إلى الأبد في ذهن السيدات، ما بين عمان ولبنان.

واستغرق العمل على الفيلم أربع سنوات. وتؤكد منصور أن البحث عن سيدات قادرات على سرد نوادرهن قبل التهجير من فلسطين وعلاقتهن بفن التطريز لم تكن مسألة سهلة، "وكان علينا أن نختارهن بدقة".

وتروي منصور أن أجواء التصوير كانت حميميه إلى أقصى الحدود، "كما كانت مؤثرة للغاية. كنا أنا ومنى خالدي بمفردنا مع السيدات في الأماكن التي صورنا فيها المقابلات. ولم ننطلق من أسلوب السؤال يليه الجواب بل كانت الجلسة الواحدة أقرب إلى دردشة هادئة، ساعدنا من خلالها النساء على استرجاع ذكرياتهن. وكانت مسالة محورية بالنسبة إلينا أن تشعر كل سيدة بالراحة المطلقة لدى سردها لقصصها الشخصية والملتصقة في روحها".

استمرت الجلسة الواحدة مع كل سيدة ما يقارب الساعتين من الوقت، "وأكثر الأوقات كنا نطرح بعض الأسئلة، ولكننا كنا نمضي الجزء الأكبر من الجلسة في الاستماع إلى القصص والذكريات"، أضافت منصور.

وعن اختيارها وخالدي ربط قصة فلسطين، وهي العنصر المحوري في الشريط، مع فن التطريز قالت منصور بهدوء "هي صورة فنية أو صورة تراث فنية عن القصة الفلسطينية، وقد حاكتها بعض نساء. في الشريط (الفيلم) نجد التراث. نجد فلسطين. نجد نساء مناضلات".

كتبت الصحفية والروائية اللبنانية الشابة سحر مندور نص الفيلم بأسلوب روائي مؤثر، وعنها تقول منصور "تجمعني صداقة قوية بمندور وشخصيا أستسيغ أسلوبها في السرد".

وساهمت جمعية "إنعاش" ومؤسسة "التعاون -لبنان" في التمويل.

وتأسست جمعية "إنعاش" في لبنان عام 1969 بهدف إظهار فن التطريز الفلسطيني والحفاظ عليه ونشر جماليته في البلد، فيما تدعم مؤسسة "التعاون" الفلسطينيين كما تطلق الطاقات الإبداعية للشباب والنساء.

 

التعليقات