19/02/2018 - 14:24

"الفهد الأسود": بطل أفريقي أم منتج مُربح؟

ويقوم منتجي الأفلام الأميركية الضخمة، وهوليوود بشكل خاص، في السنوات الأخيرة، بإنتاج أفلام خيال علمي وأبطال خارقين بشكل مكثف، وكان آخرها فيلم، "بلاك بانثر"، الذي أثار حوله جدلا كبيرا وصدى ايجابي في الغرب.

(أ ب)

تصدّر فيلم الأبطال الخارقين الجديد، "بلاك بانثر" أو "الفهد الأسود"، إيرادات السينما الأميركية، خلال الأسبوع الأخير، وسجلت إيراداته 192 مليون دولار أميركي، لتكون الإيرادات الأعلى في الولايات المتحدة للأسبوع الخامس على التوالي.

ويقوم منتجي الأفلام الأميركية الضخمة، في السنوات الأخيرة، بإنتاج أفلام خيال علمي وأبطال خارقين بشكل مكثف، وكان آخرها فيلم، "بلاك بانثر"، الذي أثار حوله جدلا كبيرا وصدى إيجابي في الغرب.

وترتكز أحداث الفيلم الهوليوودي، الذي أنتجته مجموعة شركات نشر القصص المصورة الشهيرة، "مارفيل"، على قصة خيالية، في دولة أفريقية متخيّلة باسم "واكاندا"، وصلت إلى درجة عالية جدا من التطور العلمي والتكنولوجي، ما مّكنها من عزل نفسها عن العالم وتقمس دور دولة نامية، إلى حين أن يقتنع أميرها، أنّ سياسية العزل هذه رغم فوائدها على الدولة، فهي تضر العالم، وأنّه على الشعب "الواكاندي"، مشاركة هذه التكنولوجيا مع العالم، وعندها تبدأ أحداث القصة حول مصارعة بطل خارق من السلالة الملكية، "لقوى الشر".

ورغم قصّة الفيلم الكلاسيكية المعتادة، أن بطلًا ما سينتصر على "قوى الشر"، يمتاز هذا الفيلم عن غيره من أفلام "الأبطال الخارقين"، بعدة نقاط، أهمّها ليست بأحداثه بل بقوة الرسالة التي أرسلها، والنقاش الذي أثير من حوله.

ويركز الفيلم بمشاهده المثيرة، والمصورة بشكل متقن ورائع، بطلًا أسود البشرة، للمرة الأولى في تاريخ هذه الصناعة، ما أثار النقاش حول العنصرية ضد الأميركيين من أصل أفريقي، فادعى البعض، أنّ قوة الحملات الأخيرة لمناهضة العنصرية في الولايات المتحدة، هي من طوّعت منتجي هذه الأفلام "البيضاء" التقليدية، بالقيام بعمل ضخم كهذا، والذي من شأنه أن يكسر مفاهيم مسبقة كثيرة.

ومن المعلوم، أنّه لا زال يعاني الملايين من الأميركيين السود من التمييز العنصري، وسياسات الإفقار الجماعي، والعنف المتفشي، بعد مئات السنوات من العبودية والقهر، وكانت إحدى النقاط المطروحة بالفيلم، تماهي الأمير "البطل" مع السود المضطهدين في الولايات المتحدة والعالم، وقراره بمحاربة المستعمرين.

ويرى البعض أنّ هذه الخطوة بمثابة نقطة تحول في الرأي العام الأميركي حول العنصرية، وكسر للنمط التقليدي لأفلام "البطل الأميركي الأبيض" الذي يقضي على كل شرور الأرض.

ويشير الناشطون، إلى أنّ اسم "البطل" المستوحى من حركة الحقوق المدنية، "الفهود السود"، والتي نشطت في ستينات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأميركية، قد ساعد في إحياء ذكرى الحركة والإشارة المباشرة إلى الأسرى السياسيين الذين ما زلوا يقبعون في سجون أميركا، منذ عشرات السنين ولم يذكرهم أحد.

وكانت الحركة التي تأسست على مفاهيم المناضل الأميركي الأسود الذي اقترح مصطلح "القوة السوداء"، مالكولم إكس، بعد اغتياله بسنة واحدة، قد شغلت الرأي العام في سنوات الستينات بشكل كبير، وحاربتها جميع الأذرع الأمنية الأميركية، وعلى رأسها مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي، حتى أنّ الرئيس الأميركي حينها، ليندون جونسون، وصفها بحركة "إرهابية".

ومنذ أن قضت السلطات الأميركية على "الفهود السود"، أواخر الستينات؛ ويقبع المئات من مناضلي الحركة أو الداعمين لها الذين لُفقت لهم كثير من الاتهامات في السجون.

وصرح بعض الناشطين أنّ اسم الفيلم إهانة للحركة، انطلاقا من رفضهم للقيم التقليدية العنصرية "البيضاء" التي تحاول أن تبثها هذه الشركات لكسب الأموال الطائلة، دون الاكتراث للواقع الحقيقي.

ورأى البعض أنّ إنتاج هذا الفيلم وعرضه في هذه الفترات ليس محض صدفة، ولم يأتي من فراغ، بل إنّه يتماشى مع الواقع السياسي للولايات المتحدة الأميركية، ويشدد على مفهوم مقاومة المضطهد بفتح الهاء.

وقال مساعد البروفيسور في اللغة الإنجليزية في جامعة نيويورك، جوناثان غريه، إن هذا الفيلم يأتي "بسياق سياسي، يتم فيه تقويض إنجازات حركات الحقوق المدنية " في وصفه أنّ "واكاندا" هي المدينة الفاضلة التي تناقض عهد الرئيس الحالي، دونالد ترامب.

ومن المتوقع أن يحرز الفيلم أعلى إيرادات لفيلم يخرجه أميركي من أصول أفريقية.

التعليقات