09/03/2015 - 15:32

لوحاتٌ تقارع الزمان والمكان للفنانة سونيا محمود

​"الفن هو لغة وإحساس قد نصل من خلاله لمدى بعيد حدوده السماء، فهو ليس مجرد لون وخط نرسمه بل هو كل الحياة، الفن يعيدنا لإنسانيتنا، يحاكي المشاعر والروح داخلنا، هو يكشف عمق المشاعر الإنسانية".

 لوحاتٌ تقارع الزمان والمكان للفنانة سونيا محمود

'الفن هو لغة وإحساس قد نصل من خلاله لمدى بعيد حدوده السماء، فهو ليس مجرد لون وخط نرسمه بل هو كل الحياة، الفن يعيدنا لإنسانيتنا، يحاكي المشاعر والروح داخلنا، هو يكشف عمق المشاعر الإنسانية'. بهذه الكلمات بدأت الفنانة سونيا محمود من مجدل شمس حديثها لـ 'عرب48'، سونيا ابنة هضبة الجولان السورية المحتلة، يتيمة الوطن مسلوبة الهوية، درست الفنون في معهد تل حاي، ثم أتمت دراستها لنيل اللقب الأول في جامعة حيفا. تعيش وتبدع في ضاحية متواضعة على أطراف مدينة حيفا، تستحضر في لوحاتها شخصيات نسوية رئيسية، لتنقل من خلال ريشة ولوحة مشاعرها إزاء واقع المرأة والصراع بين جذورها المجتمعية وبين واقع تريد أن تصنعه من خلال كسر قيود القمع الفكري للنساء.

بين الجولان وحيفا تحدي امرأة سلاحها الفن

انتقال الفنانة سونيا من مجدل شمس إلى حيفا أثار في داخلها العديد من التساؤلات الشخصية والاجتماعية، 'انتقلت للتعلم والعيش من الهضبة للمدينة، من مسقط رأسي مجدل شمس إلى حيفا، هذا الإنتقال أطلق العديد من التساؤلات حول شخصيتي، اضطررت أن أحل مكان الرجل في بعض الأحيان، الأمر الذي ولد تحدي قوي من رحم الغربة، تحدي بأني قادرة على النجاح وأن أحقق ما أريد دون التعلق بأحد، إلى أن بدأ صراع بداخلي بين العيب والحرام، بين النظرة المجتمعية العامة للمرأة وبين نظرتي أنا لذاتي، أرفض ما يرسمه المجتمع عن حياة المرأة بأنها تنهي مرحلة لتنتقل لمرحلة جديدة وأن تلغي حياتها السابقة، فالمرأة هي استمرارية لمراحل، عندها بدأت أبحث بصور قديمة صور مثالية لعائلة أو لعروس أو لامرأة تتجاهل المجتمع بقمعه الفكري ضد المرأة'.

غربة الذات والمكان

ترى الفنانة سونيا بأعمالها وفنها تحدي للرجل، وتحدي للمرأة المستسلمة للمجتمع الذكوري الذي فرض عليها طبيعة حياة ودور معين عليها ان ترضى وتكتفي به. وعن الغربة في لوحات الفنانة سونيا تقول: 'لوحاتي تحمل غربة التفكير والمكان، أن يعيش الإنسان ضمن مجموعة غريبة بأفكاره عنها هي غربة حقيقية وهي غربة الذات، كذلك أعيش بغربة جغرافيا، فقد ولدت في قرية مجدل شمس المعزولة سياسيا واجتماعيا، وانتقلت لحيفا وفي بداية انتقالي شعرت بغربة وبنوع من الضياع'.

تحديات لإثبات الذات وتحرير الفكر

وتابعت: 'أنا امرأة عانيت كثيرًا، فالمجتمع نظر إلي وكأني أمتلك امكانيات وقدرات أقل من الرجل، رغم أن العكس صحيح،  هذه النظرة الاجتماعية للمرأة منحتني التحدي وبنفس الوقت صراع مع الرجل ومع المجتمع لأثبت بأني قادرة. وكان الفن تعبيرا صارخا للتحدي والصراع في داخلي، ولن ينتهي هذا التحدي فتوقفه يعني نهايتي كفنانة، لكن التحدي يختلف من مرحلة لمرحلة، كان التحدي سابقًا لإثبات الذات، أما اليوم فهو تحدي لتحريرها وتحرير الفكر وهو التحدي الأكبر'.

سونيا: أنا متمردة أكره الاستسلام

أعمالها المعروضة تقارع مفهوم الزمان والمكان، معتمدة صور فوتغرافية لأهلها من سنوات الستينات والسبعينات، وتزينها ألوان زاهية لفتاة هي عروس أو لفتاتين هما أم وابنة أو لأختين أو لصديقتين أو لمجوعة بنات اصطحبن بعضهن بعضا في رحلة، وفي معرض حديثها عن لوحاتها تصف لوحة لمجموعة نساء يقفن بمياه البحر قريبات من الشاطئ. 'تعكس الصورة مجموعة نساء كل واحدة تحمل تعبير معين، وكأننا أقوى كنساء حين نكون سويا'، وتابعت: 'في لوحتي التي تضم صورة لشابتين اخترت الألوان الطفولية الصارخة، الأمر الذي خلق صراع بين حركة الألوان ونظرة التحدي والخوف من المستقبل في وجوه النساء'.

 وتمضي سونيا لتصل إلى اللوحة الأكثر تعلقا بها والتي تضم صورة لأمها وأختها، وأشارت سونيا إلى أن اللوحة تحمل معاني التضحية والصبر والعطاء التي تميز شخصية أمها، وبالرغم من تعلقها بهذه اللوحة إلا أنها ترفض التضحية والعطاء دون مقابل، ترفض الاستسلام وإلغاء الذات لأجل الآخر.

 وتعكس الفنانة سونيا في لوحة أخرى صراع امرأة مع مفاهيم المجتمع وتقول: 'ليس سهلا التخلي عن مفاهيم اعتقدنا أنها مثاليات في السابق، هذه المفاهيم التي اكتشفت لاحقا أنها خاطئة'.

وأكدت سونيا أن مسيرتها كفنانة مستمرة حتى تتمكن من تغيير نظرة المجتمع للمرأة ، 'سأستمر إلى أن أصل لمرحلة سلام بين التناقض الذي أعيشه، إلى أن أغير بمفهوم معنى الإنسان الذي هو كائن بحد ذاته وأن لا نقيده بخطأ وصواب'.

التعليقات