05/11/2019 - 09:27

باحث فلسطيني يجمع "ثروة" من الوثائق العثمانيّة القديمة

استطاع الباحث الأكاديمي الفلسطيني في علوم التاريخ والآثار، محمد الزرد، أن يجمع على مدى سنوات من البحث، رصيدًا خاصًّا من "كنوز" الآثار العثمانيّة، بينها مراسلات تجارية، وأوراق رسمية كانت تابعة للدولة، وشهادات ميلاد، وسندات "طابو"، عدا عن بعض الكتب الأدبية، والرُخص

باحث فلسطيني يجمع

إحدى الوثائق لدى الزرد(الأناضول)

استطاع الباحث الأكاديمي الفلسطيني في علوم التاريخ والآثار، محمد الزرد، أن يجمع على مدى سنوات من البحث، رصيدًا خاصًّا من "كنوز" الآثار العثمانيّة، بينها مراسلات تجارية، وأوراق رسمية كانت تابعة للدولة، وشهادات ميلاد، وسندات "طابو"، عدا عن بعض الكتب الأدبية، والرُخص، والقوانين، والّتي يعود أقدمها إلى القرن الثاني عشر.

ونقلت وكالة أنباء "الأناضول" عن الزّرد (34 عامًا)، قوله إنّ "هذه المستندات التي تعود لفلسطين في زمن الدولة العثمانية، توثق تاريخ حقبة مهمة في تاريخ فلسطين، فهي آخر حقبة كانت لنا سيادة وحرية في الأرض؛ قبل الاحتلالين البريطاني والإسرائيلي".

رحلة بحثيّة طويلة

وأوضح الزّرد أنه تمكّن من جمع هذه الثروة العثمانية بعد "سنوات طويلة وبحث مُضني، وتقديم مجهود عملي وعملي كبيريْن، للحصول عليها"، واصفًا رحلة جمع تلك المخطوطات والمطبوعات بـ"الشاقة"، لكنّه تحمّل تداعياتها إرضاء لشغفه في "التاريخ العثماني". وأضاف أنّ الشغف ببحث التاريخ العثماني، "لارتباطه الوثيق بتاريخ فلسطين، وحده دفعني للبحث وامتلاك هذه الوثائق".

الباحث محمد الزرد ووثائقه التي جمعها (الأناضول)

وبدأت هذه الرّحلة منذ أن كان الزرد بعمر الثّامنة، وامتدت حتى اليوم على مدار أكثر من 25 عاما دون كلل أو ملل.

نسخ محدودة

بين تلك الأوراق والكتب صفراء اللون، يحمل الزرد نسخة من كتيب صغير كُتب عليه بحروف عثمانية قديمة، ما معناه "قانون التعرفة التركية العثماني". وبحسب معلومات هذا الكُتيب، فإنه أُصدر عام 1909 في عهد السلطان محمد رشاد الخامس، حيث أصدره مجلس الأعيان آنذاك (البرلمان)، وصادق عليها السلطان ووكيل وزارة المالية (سُمي بمالية ناظري وكيلي).

وقال الزرد إن هذا القانون يقدّم صورة كاملة عن "شكل التجارة والاستيراد، في زمن الدولة العثمانية والأراضي التابعة لها"، مشيرًا إلى أنه يذكر معظم السلع التي كانت الدولة تستوردها في ذلك الوقت. لكن ما يلفت الانتباه، أن بعض السلع أعفاها القانون من الجمارك عند دخولها الأراضي التابعة للدولة العثمانية.

قانون الجمارك العثماني (الأناضول)

وتتعلّق هذه السلع بكل ما يخص الثقافة والعلوم والفن، كالكتب والمطبوعات والخرائط، كما قال الزرد، من خلال متابعته لقانون الجمارك العثماني. وأشار الزّرد إلى أن هذه النسخة من قانون الجمارك العثماني كان يتم توزيعها بشكل محدود على جهات الاختصاص في الدولة.

وامتلك الزرد هذه النسخة، التي لم تحتفظ بكل ورقاتها بعد مرور نحو 11 عقدا على صدورها، عقب وفاة إحدى الشخصيات المتخصصة بالمجال القانوني (لم يكشف هويتها)، والتي كانت تملك هذه النسخة.

واعتبر الباحث في علم الآثار هذا الكُتيب "تحفة تاريخية قيّمة"، قائلًا إنها تفيد الباحثين في التاريخ الاقتصادي وتاريخ المحاسبات والتاريخ التجاري لفلسطين والدولة العثمانية؛ موضحًا أنّه يطمح لإعداد بحث عن قانون الجمارك العثماني، لكن اللغة العثمانية التي كُتب فيها هذا الكُتيب، تجعل من الأمر صعبا عليه.

وقال الزّرد إنّه "لكوني باحثًا أكاديميًّا في علم التاريخ، يهمني جدا أن أكتب بحثا مفصلا وموسعا عن هذه النسخة القيّمة، يشمل أنواع البضائع و التكلفات الجمركية عنها، لكن اللغة العثمانية القديمة لا أجيدها بشكل كبير أتمنى لو يكون هناك ترجمة للنسخة من أحد الباحثين العارفين بهذه اللغة".

وثيقة قديمة (الأناضول)

مديح الشعراء

وفي كتاب يمتلكه الزرد، أصدر عام 1908، بمناسبة تطوير الدستور العثماني، تم إلقاء عدد من الكلمات من شعراء ومسؤولين عرب، في مدح الدولة العثمانية، كما قال، بينها أبيات شعر للشاعر المصري حافظ إبراهيم، الذي كان حاضرا في تلك المناسبة، قال فيها:

"مني على دار السلام تحية ... وعلى الخلفية من بني عثمانِ

وعلى رجال الجيش من ماش به، أو راكب أو نازح أو داني".

أما الشاعر المصري أحمد شوقي، فقد قال في مديحه، وفق ما جاء في الكتاب:

"أما ترى الملك في عرس وفي فرح ... بدولة الرأي والشورى وأهليها

خلافة الله جر الذيل حاضرها ... بما أصابت وهز العطف باديها".

وثائق ومخطوطات

تعود أقدم مخطوطة (كُتبت بخط اليد) إلى القرن الثاني عشر، وتحمل بعض آيات مُقتبسة من القرآن. كما يحتفظ الزرد بأوراق خاصة بالبنك العثماني الرسمي الذي كان تابعا للدولة آنذاك، والمختص بإصدار الأوراق النقدية. وأشار الزّرد إلى أنّ "هذه الوثائق عبارة عن مراسلات بين البنك وتجار من فلسطين، من بينها أعداد كبيرة من وثائق (كشف الحساب)".

واعتقد أن ذلك يعكس حالة القلق التي عاشها تجار فلسطين في فترة الاضطرابات التي ضربت الدولة العثمانية، في نهاية عهدها، كما قال. واستكمل مضيفًا أنّ "هؤلاء التجار ربما أحبوا الاطمئنان بشكل دوري على أرصدتهم داخل البنك، حيث كانت المراسلات تطمئنهم أن الأرصدة بأمان، وبإمكانهم الحصول عليها وقت الطلب".

التعليقات