لولا روح المرأة لما انتصرت الثورات / سامي العلي*

قبل الخوض في الحيثيات وسبر أغوار المعطيات، لا بد أن أقدم التحية والتهنئة لكل نساء العالم عامة وللمرأة العربية خاصة، بمناسبة يوم المرأة العالمي، تهنئة تفوح منها معاني التقدير والتبجيل والإكبار احتراما لدورها المقدس، وباعتبارها قلب الحياة النابض وروح المجتمعات. وأخص المرأة الفلسطينية بتحية إجلال لكفاحها وصمودها وتضحياتها العظيمة، بغية التصدي لأشرس السياسات الاحتلالية. وأحييك أيتها المرأة أما، زوجة، حبيبة، شقيقة، مربية، عاملة، طالبة، أسيرة وأكاديمية، وأرجو أن يبقى حنانك وحبك وعطاءك ورقتك وإبداعك وفكرك وإرادتك، يغمرنا وينشط روحنا وحياتنا.

لولا روح المرأة لما انتصرت الثورات / سامي العلي*

قبل الخوض في الحيثيات وسبر أغوار المعطيات، لا بد أن أقدم التحية والتهنئة لكل نساء العالم عامة وللمرأة العربية خاصة، بمناسبة يوم المرأة العالمي، تهنئة تفوح منها معاني التقدير والتبجيل والإكبار احتراما لدورها المقدس، وباعتبارها قلب الحياة النابض وروح المجتمعات. وأخص المرأة الفلسطينية بتحية إجلال لكفاحها وصمودها وتضحياتها العظيمة، بغية التصدي لأشرس السياسات الاحتلالية. وأحييك أيتها المرأة أما، زوجة، حبيبة، شقيقة، مربية، عاملة، طالبة، أسيرة وأكاديمية، وأرجو أن يبقى حنانك وحبك وعطاءك ورقتك وإبداعك وفكرك وإرادتك، يغمرنا وينشط روحنا وحياتنا.

منذ اندلاع شرارة الثورات في العالم العربي واستمرار امتدادها، وانتفاض الشعوب العربية طلبا للحرية والكرامة، ودحضا للحكام الفاسدين والقمع والاستبداد والظلم، لم ولن تخلو أبدا من الحضور القوي والدور البارز للمرأة الثائرة، التي وقفت بعزيمة إلى جانب الثوار، وبالصف الأول، متحدية الآيدولوجيات الرجعية، والقمعية والمستهترة بكيان المرأة وقدسيتها.

المرأة روح الفن

حضور ودور النساء الثائرات في مشهد الانتفاضات السائد هذه الفترة في العالم العربي لم يكن محض صدفة، بل يعود إلى كون المرأة جزءا لا يتجزأ من عملية صناعة الثورة، ويستند إلى حقيقة، وهي أن صنع الثورة يستوجب لمسة فنية وإبداع مخلوق يعيش فن الثوران وإبداع الانتفاض، وهنا لا يسعني إلا أن اعترف أن المرأة هي روح الفن هذا، فالإلهام الفني خُلق هو نفسه على صورة امرأة، فهي تنثر ألوان الفن على البشرية، خاصة وأنها توحي للجمال والرقة، والمرأة إذا تحطم من جهة، فهي تبني من جهة أخرى، كونها تملك عبقرية الفناء وعبقرية البناء، كالطبيعة تماما، ومن المستحيل أن نرى على مر العصور حضارة قامت بدونها، ولا ثورة انتصرت بدونها، ولا أجيالا ترعرعت وغدت تصارع الحياة بدون حنانها وحضنها وتربيتها ومشاركتها ومناصرتها وصنعها.

الثامن من آذار من كل عام هو يوم المرأة العالمي، وهو يوم مكرس لفضح منظومة التحديات والمآسي التي كانت ولا تزال شرائح وقطاعات عريضة وكثيرة من نساء العالم تعاني منها، منظومة لا تخلو من القمع وسلب للحقوق، عنف وقتل، تمييز وإجحاف، وانتقاص من مكانتهن، وحتى حرمانهن من أبسط المكونات الحياتية، واقع سوداوي ظالم ومظلم. وعلينا أن نقر أن هناك قضايا مأساوية وحارقة تخص المرأة العربية بعامة، والفلسطينية بخاصة، لا ينبغي السكوت عنها، أو تجاهلها وصرف البصر عنها، وعلى رأسها وأخطرها أن لا يظل المجتمع العربي مجتمعا ذكوريا للرجال فقط، وهي قضية تخضع للمتغيرات في العالم العربي، كونها أحدثت تقدما بسيطا مقارنة مع سنوات مضت، ولكنها ليست كافية، فهبة التغيير الفكري والقضاء على النسق الذكوري المسيطر  يجب أن تستمر وتتعزز وتشحذ الطاقات الكفيلة في قلب هذا الواقع المجتمعي السائد، ليتسنى للمرأة ضمان المساواة الكاملة والحرية والاحترام والعيش الكريم، ولعل الثورات الغاضبة التي تجتاح العالم العربي هي تباشير رياح تغيير أولية لعملية تحرر المرأة العربية وإضفاء العدل المرجو بين الجنسين.

في المقابل يهدف هذا اليوم إلى استعراض إنجازات ومكاسب حققتها المرأة على مدى عام منصرم، أو أهداف ما زالت تسعى لتحقيقها. كما ولا يخفى على أحد، ولا ننكر أن المرأة العربية، قد حققت إنجازات ومكاسب كثيرة في العديد من المجالات، فقد أخذت تنطلق في الفلك لمواطن لم تتسن لها في السابق. وهي انطلاقة تقضي ولو شيئا فشيئا على كهوف التباين والتمييز بين الجنسيين، خاصة وأنها عززت من مكانة المرأة وساوت نوعا ما في الحقوق العامة بينها وبين الرجل.

تحرر الجنس البشري يستوجب تحرير المرأة

إن تحرر الشعوب والبشر من القهر والدكتاتورية والعبودية يستوجب تحرير المرأة أولا، كونها المحرك الأساس في تحريك الحشود وبعث الحياة الثائرة والمنتفضة في قلوب بني البشر، وهذه الحقيقة لا يمكن تجاهلها، فقد نحتتها الثائرات اللواتي خضن الثورات إلى جانب الثوار في تونس ومصر وليبيا والبحرين، وغيرها، على جبين التاريخ والبشرية، فالمرأة هي النور الذي يضيء درب المجتمعات، لتهديها إلى عوالم الحضارة والتطور، الحرية والحب، وبدونها تصبح المجتمعات مجرد جماد وأصنام.

إن ثورة تحرير المرأة وتمكينها وتنميتها، كفيل في القضاء على الجهل والتخلف والانغلاق والمظاهر السلبية المتنوعة، وتنقية العالم من المجتمعات الظالمة والحكام المستبدين، وهذه الثورة حتما ستأتي كرد فعل لغريزة البقاء حتى دون أي محرض على الثورة، وذلك لأن المرأة عنصر أساس في تطور البشرية وازدهارها، وإرساء أسس الانسانية. وكل عام والمرأة الفلسطينية خاصة والعربية عامة بحرية وخير.

التعليقات