في ندوة برام الله: كيف تستعد إسرائيل لـ"حرب لبنان الثالثة"؟

المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - مدار في مقره في رام الله الأسبوع الفائت ندوة مفتوحة لعرض ومناقشة كتاب "أسرى في لبنان- الحقيقة عن حرب لبنان الثانية" من تأليف الصحافيين والمعلقين العسكريين الإسرائيليين عوفر شيلح ويوءاف ليمور، والذي صدر مؤخرا عن مركز "مدار" بترجمة عربية أنجزها الأستاذ جواد سليمان الجعبري

في ندوة برام الله: كيف تستعد إسرائيل لـ
(*) رام الله- عقد المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - مدار في مقره في رام الله الأسبوع الفائت ندوة مفتوحة لعرض ومناقشة كتاب "أسرى في لبنان- الحقيقة عن حرب لبنان الثانية" من تأليف الصحافيين والمعلقين العسكريين الإسرائيليين عوفر شيلح ويوءاف ليمور، والذي صدر مؤخرا عن مركز "مدار" بترجمة عربية أنجزها الأستاذ جواد سليمان الجعبري.
 
وقالت د. هنيدة غانم، المدير العام للمركز، في تقديمها للكتاب في مستهل الندوة، التي حضرها جمع من المهتمين والمثقفين والصحافيين المتابعين للشأن الإسرائيلي، إن أهمية الكتاب تكمن في أنه يكشف عن نمط يشكك في فكرة خاطئة مهيمنة لدى الجانب العربي، مفادها أن اتخاذ القرارات من قبل الجانب الإسرائيلي يتم دائمًا بصورة مدروسة وعقلانية، بينما الحقيقة أن الكتاب وغيره من الشواهد تؤكد أن كثيرا من القرارات في إسرائيل تتخذ بطريقة اعتباطية ومتسرعة وغير مدروسة. 
 
وأضافت غانم أن كتاب "أسرى في لبنان" يعتبر من أهم الكتب التي تتناول أدق التفاصيل والوقائع المتعلقة بالحرب على لبنان،  والتي دارت خلف الكواليس وداخل الغرف المغلقة في إسرائيل، مشيرة إلى أن إصداره بترجمة عربية يندرج ضمن سلسلة إصدارات المركز التي تركز على مسائل ترتبط بحروب إسرائيل ودلالاتها.
 
وفي عرضه للكتاب، قال الكاتب أنطوان شلحت، مدير وحدة "المشهد الإسرائيلي" والباحث في مركز "مدار"، إن الكتاب يعتبر واحداً من الكتب التي صدرت في إسرائيل حول حرب لبنان الثانية التي اندلعت في صيف العام 2006، لكنه يعد الأهم بينها من وجهة نظر الكثيرين.
 
وأضاف شلحت في قراءته للكتاب أنه يتسم بقدر لافت من الموضوعية، مع التركيز على آلية اتخاذ القرارات لدى الجانب الإسرائيلي في أثناء الحرب وأداء الجيش الإسرائيلي خلالها، مشيرًا إلى أن أبرز مزايا الكتاب تتمثل في احتوائه على معلومات جرى تجميعها عبر أكثر من 100 لقاء مع شخصيات سياسية وعسكرية وخبراء إسرائيليين وبواسطة الإطلاع على مئات الوثائق الحكومية وبروتوكولات الجيش الإسرائيلي، إلى جانب طرحه الأسباب الحقيقية التي أدت إلى النتائج الكئيبة للحرب. 
 
وأضاف أن المضمون الرئيس للكتاب هو "أن إسرائيل برمتها كانت على مدار فترة الحرب، التي امتدت 33 يوما، أسيرة في لبنان، وأن هذا الأسر لم يكن فقط من نصيب الجنديين الإسرائيليين اللذين أسرهما حزب الله وادعت إسرائيل أن اختطافهما هو السبب المباشر لشن الحرب". كما أشار إلى بعض الاستنتاجات المهمة في الكتاب ومنها أن الجيش الإسرائيلي الذي انشغل بـ "قمع الانتفاضة الفلسطينية الثانية منذ العام 2000، لم يعد قادرا على إثبات قدراته في جبهات وتجارب قتالية، وأن الحرب أظهرت عجز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، مما يحيل إلى التشكيك في إمكانياتها وأدائها".
 
كذلك نوّه شلحت باستنتاج آخر تضمنه الكتاب في العمق وهو "عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على توفير المستوى الأمني المطلوب لإسرائيل، وبالتالي فإن تحقيق هذا الهدف يستدعي حسب رأي مؤلفي الكتاب التوصل إلى اتفاقات سياسية ثابتة ومستقرة إلى مدى بعيد مع جيران الدولة الإسرائيلية".
 
وأجرى المتحدث مقارنة مكثفة بين الاستنتاجات التي خلص هذا الكتاب إليها وبين استنتاجات "لجنة فينوغراد" التي تقصّت وقائع حرب لبنان الثانية وبين استنتاجات كتب أخرى حول الحرب ألفها عدد من الذين كانوا ضالعين فيها في مقدمهم رئيس هيئة الأركان العامة في أثناء وقوعها اللواء احتياط دان حالوتس، وربط بينها وبين ما يجري الحديث عنه منذ أن وضعت تلك الحرب أوزارها حتى أيامنا الراهنة بشأن استعدادات الجيش الإسرائيلي لخوض ما يسمى منذ الآن بـ "حرب لبنان الثالثة"، مشددًا على عنصرين مركزيين تم على ما يبدو حسمهما في هذا الشأن وهما:
 
أولاً، العمل على تقليص أمد هذه الحرب المقبلة، وهذا ما عبّر عنه رئيس هيئة الأركان العامة الحالي اللواء بيني غانتس حين قال، في سياق الكلمة التي ألقاها في الفاتح من شهر حزيران الحالي لدى اشتراكه في أول اجتماع عقدته لجنة الخارجية والأمن في الكنيست بحضوره وتحدّث خلالها عن طبيعة الحرب المقبلة مع حزب الله أو مع حركة "حماس"، إن الجيش الإسرائيلي سيكون مطالبًا في أي مواجهة أو حرب مقبلة بتقصير أمد القتال، ولذا لا بُدّ من أن يستخدم في بدايتها أقصى ما لديه من القوة والسلاح، مؤكدًا أن ما يمكن أن تتحمله الكاميرات في أول ثلاثة أيام من القتال لن تتحمله في الأيام الثلاثة التي ستعقبها، لافتًا إلى أنه من المتوقع أن تكبّد هذه الحرب الجانب الآخر ثمنًا باهظًا للغاية.
 
ثانيًا، أن الجيش الإسرائيلي سيلجأ إلى توجيه ضربات عسكرية تبقي الجانب الآخر مشغولاً أعوامًا طويلة بترميم ما سيجري تدميره، فضلاً عن كيّ وعيه فترة طويلة في شأن الثمن المترتب على أي تحرّش عسكري بإسرائيل.

التعليقات