لسخنين من القُدس نُغنّي / علي عبيدات*

بالأمس، كان في القدس عرس، دمعتان وأغنية، زهرتان وأمنية، وفرسان قدموا من الجليل، رسموا للمدينة ابتسامتها، فعانقت جبالها تلال سخنين الثلاث، وراحت سماءها تزهو فرحًا، وأضاءت عزيمة أبنائها نجومًا في السّماء.

لسخنين من القُدس نُغنّي / علي عبيدات*

بالأمس، كان في القدس عرس، دمعتان وأغنية، زهرتان وأمنية، وفرسان قدموا من الجليل، رسموا للمدينة ابتسامتها، فعانقت جبالها تلال سخنين الثلاث، وراحت سماءها تزهو فرحًا، وأضاءت عزيمة أبنائها نجومًا في السّماء.

وسرعان ما تصدر الحدث كبريات الأخبار، أبناء سخنين الفلسطينيون أبناء الدّار، يهزمون الفاشية بكل عزيمة وإصرار، والعلم الفلسطيني يرفرف في معقل العنصرية أمام الأنظار، وسقطت أمام هجوماتهم دفاعات بيتار.

هو صوتٌ فلسطينيٌّ هَزَّ عَرش العنصريّة، وارتدت "المالحة" من جديد حُلّة فلسطينيّة، وغازلت أسوارُ القدسِ نظرات سخنينية، فهتف المدرّج ينادي أسوار المدينة: نحن أصحاب البلاد، صرخة في وَجه الجلاد، أبناءٌ على خطى الأجداد.

هي ليست مباراة كرة قدم، هي مباراة أصحاب الأرض مع الطّغاة، التحام الأقصى ويوم الأرض في وجه الغزاة، مخرز الموت يسعى لإيقاف الحياة، هي صرخة الجليل تحملها سخنين، والقدس تحضنها بمحبةٍ وحنين.

هي الموج العربيّ المتدفّق من الجليل، يطفئ نار عنصريّتهم ويضيء ليلها الطّويل، ويشعلُ في سماء القدس ألف ألف قنديل، ويصرخ في وجه طغاة الأرضِ تكبيرًا وتهليلْ، ويزيد من سخنين عطرًا لهواء القدس العليل.

يبدل صرخاتهم العنصريّة لأغنية، لأهزوجةٍ فلسطينيّة، تحمل شذا البحر في حيفا، والسّور في عَكّا، والرّمّان في كفر كنّا، لتغازلَ أجراس الكنيسة في القيامة، وتردّد صوتَ الآذان في الأقصى، لتثبت لهم بأنّنا الأبقى.

مَع الهدف الأوّل صاح طفلٌ قبالة كومةٍ من الجيش في جبل المكبّر: فدائي فدائي، ومع الهدف الثّاني صاحت طفلةٌ  تقف أمام المستوطنين في سلوان: هذي بلادي، ومع الهدف الثّالث صرخ بيتٌ في الشّيخ جرّاح: هؤلاء أولادي.

ولم تنتته اللّيلة بعد، ففرحت قُدس الفداء، وراحت الابتسامة تسافر شمالاً، تعبّر من دير ياسين ولفتا إلى اللّد والرّملة، وتعلقُ قنديلاً على مآذن المثلّث، وتقرع أجراس الكنيسة في النّاصرة، وتستقرُّ لتنام في سخنين، وتنحني الدّنيا احترامًا أمام ميدان الشّهداء.

من القُدس، من الضّفة، من الشّتات، فلسطينيّون لا تفرّقنا الحدود، فرحنا وابتسمنا، ورحنا لسخنين نغنّي، ليوم الأرض، لهبّة أكتوبر، للورد، لبرتقال الجليل.


* كاتبٌ من القدس.

التعليقات