شيرين عبد الوهاب في مواجهة الانتهازية الإخوانية والليبيرالية المغربية / أيوب المزين*

إنّني أثق في شيرين وفي قدراتها الأنثوية الخارقة على تهذيب أذواقنا وفضح النوايا السيئة للمتلاعبين بالرأي العام، بدعوى الدفاع عن المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، من ملتحين لم يبلغوا خيرات النعيم التي يمثلها صوتها الطري النقي وجسدها المليح، ومن ليبراليات عازبات حاقدات على شيرين فقط لأنّها تأسر قلوب اليافعين والصبية وتجعلهم يتأملون صورها ليلاً، قبل النّوم. اتركوا شيرين في حالها، أرجوكم. أريدها أن تبقى متمسّكة بالمرآة، تنظر إليها، وأنا أنظر إليها، طوال المساء، لأرتاح.

شيرين عبد الوهاب في مواجهة الانتهازية الإخوانية والليبيرالية المغربية / أيوب المزين*

اليوم لن أضرب حسابًا لأحد، ولن أفرّق بين اليمين واليسار، ولا بين التّقوى والفجور، ولن أخشى أنصار الشّرعية وداعمي الانقلاب. كلّهم عندي سواسية. انتهازيون ومكبوتون يترصّدون لحظة صعود الفنانات الفاتنات إلى منصات المهرجانات الوطنية لإحداث البلبلة والقلق في أوساط الناس. والفتنة أشدّ من القتل. كلّ يوم قصص جديدة في هذا الوطن السعيد، وكل قصة هي مصدر ربح للسياسيين والصحفيين والفقهاء. والمغبونون، من البسطاء والشعراء، يتابعون أخبار المشاهير لنسيان همومهم ويكتبون قصائد للريح. لن أتحاور في أيّ شيء. سؤال واحد سأطرحه: كيف تحيي شيرين عبد الوهاب حفلة في تطوان، ومريام فارس سهرة في الناظور، ثم يأتي الطامعون في الدنيا، والساعون إلى سلطتها، ليلهونا عن الآخرة، أي عن كل هذا الجمال الإلهي الذي ننشده وقد تجسّد في هاتين الدميتين الملائكيتين؟ 

تصوروا معي أن تعتلي أميرة فرعونية، تذكّرك ملامحها بكليوباترا وبسماح أنور في نسخة أكثر أنثوية، خشبة منتصبة في فضاء عام لكي تغني للقلوب المجروحة وللمراهقين المقبلين على الحياة؛ تخذّرهم من فخاخ العشق وتربّيهم عاطفيا، فترتفع مئات الأصوات فجأة، من نفس الناس الذي جاؤوا طواعية إليها، لتطالبها بالرّحيل. ما الجرم الذي اقترفته؟ ومن هم هؤلاء؟ لقد وصلت الوقاحة بالأطراف السياسية إلى إقحام هذه الدمية الآدمية الوديعة في صراع عنيف تراق فيه الدماء وزهق الأرواح، وهي جاءت للمشاركة في مهرجان أصوات نسائية، وصعدت طواعية في ليلة ساخنة، لبعث الأمل في حمامة الشمال وفي البحر الأبيض المتوسط بأكمله.

يُظهر الفيديو الذي تداولته الشبكات الاجتماعية، وأعاد نشره موقع يومية الأهرام المصرية، ثلّة قليلة من المندسّين يحاولون استفزاز المطربة المصرية الشابة بعدما استدارت إلى قائد الفرقة الموسيقية الذي سألها على ما يبدو: هل ستغنّين "إنت مصري". فأجابته: "Yeah, ya, si si" بمعنى "نعم، أيوه، بلى بلى". لكن المتكالبين الذين جنّدهم "إخوانيو" المغرب و"ليبراليوه" أرادوا خلط الأوراق الفنية والسياسية، وأوّلوا الحلاوة اللغوية التي جعلت شيرين تمزج الإنجليزية بالفرنسية لكي تأخذ بخاطرهم. تعرف شيرين جيدا التاريخ الاستعماري الفرنسي في المغرب وتخاف أن يغضب المغاربة إن تحدثت بالإنجليزية فقط.

ولنفترض أنها قالت ما قوّلوها إيّاه، أي "يحيا السيسي"، وهي لم تقل ذلك قطعا. إذا سلّمنا لهؤلاء أنّ بإمكان البراءة أن تحرّض على التقتيل، يجب التذكير حينها أنّ صراع الإخوان والعسكر قديم ومعقد، وشيرين وحدها، برهافة الإحساس والقدرة على الغوص في دواخل الروح البشرية، من خلال الفن والنغمة، قادرة على الفصل بين الحق والباطل مثلما يضبط العارفون بالموسيقى النّشاز في النوتات.

إنّني أثق في شيرين وفي قدراتها الأنثوية الخارقة على تهذيب أذواقنا وفضح النوايا السيئة للمتلاعبين بالرأي العام، بدعوى الدفاع عن المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، من ملتحين لم يبلغوا خيرات النعيم التي يمثلها صوتها الطري النقي وجسدها المليح، ومن ليبراليات عازبات حاقدات على شيرين فقط لأنّها تأسر قلوب اليافعين والصبية وتجعلهم يتأملون صورها ليلاً، قبل النّوم. اتركوا شيرين في حالها، أرجوكم. أريدها أن تبقى متمسّكة بالمرآة، تنظر إليها، وأنا أنظر إليها، طوال المساء، لأرتاح.

* كاتب مغربي.

التعليقات