د. روضة عطا الله.. الحزن والعطاء والفرح / خالد بدر

كانت روضة –هكذا شعرت- تتعامل مع الليل والنهار كأنهما من ست ساعات. يجب إنجاز كل شيء وبعد الإنجاز كأنها تقول: يا الله مليح... تبقى لنا 18 ساعة من العمل...

د. روضة عطا الله.. الحزن والعطاء والفرح / خالد بدر

لو استطاعت د. روضة أن تختار يوم رحيلها، لاختارت –راضية مرضية- الرابع من أيار(مايو). ففي مثل هذا اليوم تقاسمت روضة الميلاد –ولادتها- مع رحيل والدتها، وهو أصعب رحيل برأيي، بعد سنين.

توقفت روضة عن الاحتفال بعيد ميلادها، فمهما استطاع الإنسان أن يبدل أو يمزح الفرح بالحزن، لكن الأم هي الفرح وهي الحزن، وفي مثل هذه الحالة، لا بد من الفصل والتأمل.

اكتملت عند روضة ثنائية الولادة والموت، ولم تكتمل ثلاثية الوداع، لكنها في حياتها جاءت برباعيات عطاء.

كدت في أوائل العام 2009 –وفي لقاء عمل- أن أتقاسم معها هذا التاريخ لأن أمي توفيت في الرابع من أيار عام 2005، لكن جفاف العمل السياسي والحزبي والانتخابي من الجميع حرمني هذه اللحظة.

كانت روضة –هكذا شعرت- تتعامل مع الليل والنهار كأنهما من ست ساعات. يجب إنجاز كل شيء وبعد الإنجاز كأنها تقول: يا الله مليح... تبقى لنا 18 ساعة من العمل...

مثل كل مسؤول جدي يحمل طاقات وشحنات، فإن روضة قست على نفسها، واعتقدت أن باستطاعة الآخرين ممارسة هذه الجدية والقساوة على النفس.

في أواخر العام 1987، عرفني المرحوم صليبا خميس على د. روضة، وكانت تسكن حينها في حي الروم في الناصرة. وبعد سنين عرفتها أكثر من 'جمعية الثقافة العربية' لكن عن طريق 'أبنائها' هناك، خصوصًا بعد هبة القدس عام 2000، والنشاطات التي بادرت إليها تخليداً وتكريما للانتفاضة وشهدائها.

استطاعت د. روضة أن تحول الرحيل (الفراق) المكثف لأحبائها إلى عطاء مكثف ومستمر، واستطاعت أن تحول الناقص إلى زائد.

ألا يكفينا منها ذلك؟

التعليقات