مثقفون وفنانون عرب يرفضون أسرلة الثقافة

تحاول وزيرة الثقافة والرياضة، ميري ريغيف، تهدئة العاصفة التي أثيرت قبل أيام في أعقاب اقتراح قانون 'الولاء' في الثقافة، بزعم أن اقتراح القانون لا يمس حرية التعبير.

مثقفون وفنانون عرب يرفضون أسرلة الثقافة

تحاول وزيرة الثقافة والرياضة، ميري ريغيف، تهدئة العاصفة التي أثيرت قبل أيام في أعقاب اقتراح قانون 'الولاء' في الثقافة، بزعم أن اقتراح القانون لا يمس حرية التعبير.

ويبدو واضحا أن ريغيف تريد قانونًا جديدًا، ينص على اشتراط منح الميزانيات للمؤسسات الثقافية التي تعلن الولاء لدولة إسرائيل فقط. ويستهدف اقتراح القانون المؤسسات العربية بشكل مباشر، الأمر الذي يرفضه المجتمع العربي في البلاد.

بكري: 'لا يشرفني دعم من وزارة الثقافة الإسرائيلية'

واعتبر الفنان محمد بكري في حديثه لـ'عرب 48' أن 'التمويل هو حق وليس منة من أحد، واشتراط ذلك على الفنانين العرب بأن يعلنوا الولاء للدولة للحصول على ميزانيات هو مجحف وغير ديمقراطي ويمس بالإنتاج ومناف للإبداع الثقافي'.

 وشدد بكري بالقول: 'لن أعلن الولاء، ولا يشرفني أن أحصل على دعم من وزارة الثقافة الإسرائيلية مع أنه حق لي، لكن هذا الدعم لا يشرفني فأنا أخجل أن أحصل على مال من حكومة إسرائيل الفاشية التي تتعامل معنا كأعداء وتهدم بيوتنا وتصادر أراضينا. حقي قبل حقهم في هذه البلاد، ولا يمنوا علي بوجودي هنا، وأنا أرفض شخصيا التعامل معهم منذ 14 عاما رغم المصاعب الكبيرة التي واجهتها لأن تكلفة أعمالي باهظة جدا. غير معقول أن أحصل على دعم مشروط يتنافى مع رسالتي، ورسالتي التي أحملها تتناقض كل التناقض مع الرواية الإسرائيلية، ولا أستطيع أن أكون جزءا من الرواية المنافية للحقيقة وللفن والإبداع ولأسئلة الهوية لأن الفنان إنسان وموقغ. أنا لست متفاجئا من هذا، فهذا النهج والتمييز بحق المؤسسات العربية قائم منذ قيام الدولة، لكن ذلك لا يعني أن نستسلم للواقع ويجب مواجهته وفضحه أمام العالم، وفي نفس الوقت أعتقد أنه علينا البحث عن مصادر تمويل في الداخل والخارج'.

شحادة: 'حافظت على الاستقلالية ورفضت الدعم الحكومي'

وقال مدير مسرح السيرة، الفنان راضي شحادة، لـ'عرب 48'  إنه 'منذ أن أسسنا المسرح قبل أكثر من من ثلاثة عقود لم نتلق أي دعم من أية جهة كانت. لا شك أنني عانيت الكثير لانعدام الدعم المادي، ولم أقبل بالدعم الحكومي لأسباب مبدئية، هذا الرفض مكلف جدا. رغم ذلك فأنا مجبر أن أكون المؤلف والمخرج أيضا، لكن رغم صعوبته حافظت على مساحة رحبة من حيث الإنتاج والتأليف وتقديم العروض ولم أتقيد بتلك الشروط في مساحة ضيقة ضمن هذه الأجواء المقيدة في البلاد خاصة، وأنا أتحرك في مساحة الوطن العربي لأقدم أعمالي، وهذه مساحة فيها الكثير من التعويض عن الدعم الحكومي المشروط والذي من شأنه أن يمس هوية وإبداع الفنان'.

وأشار إلى أن 'موظفي الوزارة عرضوا دعما ماليا فرفضته جملة وتفصيلا رغم أنني أدفع الضرائب من عملي المستقل. حافظت على الاستقلالية والأخلاقيات والمواقف والعمل الإبداعي. طبعا انعدام الميزانيات قد يشل الكثير من الأعمال المسرحية والفنية، لكنه لا يمس بالإبداع، فعلى سبيل المثال مسرح الميدان لا يستطيع العيش والاستمرار دون هذا الدعم لأن أعماله تحتاج إلى ميزانيات كبيرة، وهو مسرح كبير وفيه طواقم وأدوات تحتاج إلى تمويل ودعم'.

المحامية زهر: 'استهداف للثقافة العربية'

واعتبرت  المحامية سوسن زهر من مركز عدالة، أن 'هذه الخطوة تندرج ضمن نهج الأسرلة الثقافية. اقتراح القانون الجديد رغم أنه يشكل ضربةً لكل المؤسسات الثقافيّة في إسرائيل، إلا أنه يشكل أيضًا استهدافًا خطيرًا للمؤسسات الثقافيّة والفنيّة للمجتمع العربي ويسعى لأسرلتها وحرمانها من هويّتها الثقافيّة الفلسطينيّة'.

وأوضحت أن 'هذه الشروط تمس بشكل جارف بحرية الإبداع والإنتاج الفني، والتي تشكل جزءا لا يتجزأ من الحق الدستوري بالتعبير عن الرأي. إن طلب إعلان الولاء لإسرائيل هو اعتبار سياسي يمنع اقحامه بحريّة الإبداع المضامين الفنيّة'.

وشددت على أن 'اقتراح القانون الذي قدّمته وزيرة الثقافة يتناقض جذريًا مع تعليمات المستشار القضائي للحكومة الصادرة في آب/ أغسطس 2015، والتي تمنع بشكلٍ قطعي الوزيرة أو أي جسم سياسي آخر من التدخل بالمضامين الفنية والثقافية للمؤسسات التي تتلقى دعمًا ماليا حكوميا'.

حليحل: 'ريغيف تفتعل الأزمات'

وفي السياق، قال الكاتب علاء حليحل، لـ'عرب 48' إنه 'لا يمكن الحديث عن أفعال ميري ريغيف من دون التطرق إلى شخصيتها المركبة. فهي تفتعل الأزمات والصدامات مع الجميع، يهودَا وعربًا، وخطوتها الأخيرة ليست إلّا تعديلًا تقنيًا: فهي تريد سحب صلاحيات موجودة لدى وزير المالية لصالحها، كي يكون من الأسهل عليها تطبيق أجندتها. أرى أنّ حملاتها الأخيرة متطابقة مع نهج نتنياهو منذ 1996 بإضعاف النخب القديمة في إسرائيل وبناء نخب جديدة. نجح بذلك في الجيش والأكاديمية والاقتصاد والإعلام والثقافة الآن مستهدفان. لذلك لا يجب حصر ما تفعله كمعركة ضد العرب أو ثقافتهم، بل هو جزء من حملة أوسع وأشمل وهذا يطرح مسألة التعاون المشترك بين صناع الثقافة اليهود والعرب، أو عدمه. وهو سؤال مطروح على العرب خصوصًا'.


عراف: 'حصار ثقافي'

وعقبت المخرجة سهى عراف إن 'هذه الهجمة بدأت من عام النكبة 48 بهذا الحصار الذي يسمى دولة إسرائيل. ونحن فلسطينيي الداخل نعاني من حصار ثقافي ليس فقط من إسرائيل إنما أيضا مقاطعة من العالم العربي لنا كوننا نحمل الجنسية الإسرائيلية. الحملة اشتدت في آخر سنتين مع زيادة العنصرية والفاشية لدولة إسرائيل وهي تتجه باستمرار لآن تكون أكثر تطرفا وعنصرية. فهذه الحملة غير مفاجئة وجزء من صيرورة لواقع معين يفرض علينا لإخفاء كل فن وإبداع حر فلسطيني. يريدون مأسسة الفن الفلسطيني لـ'عرب إسرائيل' الذي يتماشى مع فكرهم وطرحهم'.

فاعور: 'التزامنا وولاؤنا الوحيد هو لقضيتنا الفلسطينية'

وقالت الممثلة نسرين فاعور لـ'عرب 48' إن 'هذا القرار يدعم  فقط عنصرية الدولة الصهيونية المبنية على كذبة كبيرة، وما هي إلا محاولة لأن يثبتوا وجودهم وكيانهم على حساب محو الهوية الفلسطينيه واللغة العربية والفن والإنسان الفلسطيني بإبداعه وطاقاته وحقه بالعيش. الفن أثبث اليوم أنه قوة تعبيرية ولغة للتواصل وبث القضية، هذا ما نقدمه للعالم وقد أثبتنا ذلك نحن في الداخل الفلسطيني وواضح خوفهم ورعبهم منا كفنانين وكصوت ممكن أن يصل لكل المنابر العالمية. هذه محاولة طمس في دولة تدعي الديمقراطية'.

وأضافت أن 'حناجرنا ستبقى تصدح وصوتنا سيبقى أقوى من تهميشهم وعنصريتهم وسنصل بقضيتنا الإنسانية الفلسطينية لكل العالم. علينا نحن الفلسطينيين في الداخل أن نعي وندرك أن أقنعتهم وعنصريتهم كشفت، هذا زمن تتكشف فيه الحقائق. التزامنا وولاؤنا الوحيد هو لقضيتنا الفلسطينية'.

نحاس: 'قرار جيد لأنه يكشف وجه الدولة الحقيقي'

وقال الممثل أيمن نحاس لـ'عرب 48' إن 'القرار من جهة سيء ومن جهة أخرى جيد، جيد لأنه يري الوجه الحقيقي للدولة والوزارة، فالأمور واضحة قمع للحريات ومشروط بأن توافق على سياسة الحكومة والدولة. وإذا وافقت فهذا يعني أنك لا تحترم الإبداع والفن. أما الامر السيء فهذا سوف يؤثر على كل شخص يريد تمويلا من الدولة وهذا أمر شرعي، فهذه أموال ضرائبنا التي ندفعها، فإذا كان هذا هو الوضع يجب أن لا يأخذوا منا مقابل الضرائب. ومن جهة أخرى يجب علينا نحن كفلسطينيين أن نوفر آليات عمل واكتفاء ذاتي دون أن نربط أنفسنا بتمويل الدولة. نعلم أن الأمر ليس بالسهل وهو مركب جدا'.


نقارة: 'قمع فكر ونهج قائم'

ورأت الممثلة سلوى نقارة أن 'هذا النهج موجود منذ سنوات. أنا أعمل في المسارح الإسرائيلية وناشطة بهذا المجال وأرى ذلك. ما يحصل هو قمع فكر المسرح وللأسف تحولت المسارح منذ سنوات إلى مسارح تجارية'.

وقالت لـ'عرب 48' إن 'الفترة النازية والفاشية والدكتاتوريات في العالم العربي شهدت مثل هذا النهج. الثقافة تهدد حكم اليمين والفاشية، والمفكر يشكل خطرا عليهم فهم درسوا هذا النظام ويطبقونه علينا. هذه حكومة وقحة فقدت الخجل وتعمل تحت غطاء القانون والوزيرة ريغيف تريد كل الصلاحيات بيدها لتكون الحاكم والقاضي والشرطة في آن واحد، وهذه ديكتاتورية'.

وأضافت 'إنهم يريدون التحديد للناس كيف يفكرون. وهذا تماما ما يحصل في نظام ديكتاتوري. وزراء الحكومة يمثلون الاحتلال ولا يوجد أي شيء مفاجئ فهم يمثلون القوة المسيطرة وهذا هو مستوى فهمهم'.

برغوثي: 'خطوة فاشية خطيرة'

وعقب مدير جمعية الثقافة العربية، إياد برغوثي، لـ'عرب 48' أنه 'لا جديد في اقتراح قانون ريغيف، فقد أعلنت بالسابق عن ذات المعايير لمنح الميزانيات الحكوميّة للجمعيات الثقافيّة، كما أنّ ربط الحقوق بالولاء للصهيونيّة هو إستراتيجيّة سياسيّة مركزيّة في حكومات اليمين الإسرائيليّ. واضح أنّها خطوة شعبويّة من ريغيف تريد من خلالها أن تكسب نقاط داخل الليكود وفي أوساط جمهوره، لكنها خطوة فاشية خطيرة، لأنّها برأيي يمكنها أن تؤثّر على مساحة العمل الثقافيّ للجمعيّات العربيّة التي تتلقى دعمًا من الوزارة الإسرائيليّة، ولا مصادر دعم أخرى لها. هذه الميزانيات أداة سيطرة وريغيف تستغلها بعنف سياسيّ. الحلّ كما قلنا دائمًا هو الاستقلاليّة الثقافيّة، من غير المعقول، في هذه المرحلة أن يكون العمل الثقافيّ والإبداعيّ الفلسطينيّ في الداخل مرتبط بهذه السياسات وبهذه الحكومات'.

التعليقات