جبل الموتى.. يحكي عجائب الفراعنة بدفن الأموات

يقول الباحث محمد حماد، المتخصص في الآثار الفرعونية: جبل الموتى يعد من أشهر المزارات السياحية الموجودة في منطقة واحة سيوة، لافتا إلى أنه من الناحية الجغرافية هو ليس جبلا بالمعنى الحقيقي لكنه عبارة عن هضبة عالية يتوسطها شكل مخروطي صخري، ويح

جبل الموتى.. يحكي عجائب الفراعنة بدفن الأموات

“جبل الموتى”، واحد من  أكثر الآثار الفرعونية غموضا ، حيث يتواجد في واحة سيوة أو “واحة آمون”، تلك الصحراء القاحلة التي تنفجر منها ينابيع مياه ويحيطها أشجار الزيتون، حيث تمثل نقطة خضراء وسط الرمال الصفراء، ويوجد في شرقها “جبل الموتى” الذي يعد قطع مقابر فسيحة يحتوي على كتابات ورسوم مزخرفة ومزينة، ومن أشهر المقابر المتواجدة به مقبرة “التمساح”، ومقبرة “سي آمون”، والتي تعد من أعظم المقابر الفرعونية.

يقع “جبل الموتى” على بعد كيلومترين من منطقة سيوة بمرسى مطروح، وقد تم اكتشافه بالصدفة عام 1944 أثناء الحرب العالمية الثانية، أثناء لجوء أهالي المنطقة للاحتماء في الجبل وقتها اكتشفوا مجموعة من المقابر به، وهو عبارة عن جبل مخروطي الشكل يبلغ ارتفاعه حوالي 50 مترا، يتكون من تربة جيرية ويعد بمثابة جبانة أثرية، ويعرف الجبل بمنظره العجيب، فهو من الأسفل إلى الأعلى عبارة عن مقابر للموتى منحوتة على شكل خلية نحل من الحجر، وتتكون على هيئة صفوف منتظمة ومتتالية بشكل هندسي رائع يشبه تصميم الواحة قديما.

وعن تاريخ الجبل، فهو يرجع إلى عصر الأسرة السادسة والعشرين امتدادا إلى العصر البطلمي والروماني، وتشكل تصاميم الجبل روعة في الجمال، حيث أنها تجمع بين الفن المصري القديم والفن اليوناني مما أدى إلى اختلاط الثقافات، وظهر ذلك جليا على حوائط الجدران، وتوجد بعض من مقابر الجبل على عمق كبير، وكل منها عبارة عن دهليز بشكل مستطيلي وفي نهايته فناء واسع مربع يتفرع منه مجموعة من الفتحات المخصصة لوضع الموتى بها، ومن أشهر تلك المقابر، مقبرة “سي آمون”، التي ترجع إلى أحد الأثرياء الإغريق، وكان يعتنق الديانة المصرية القديمة، وتعد من أجمل مقابر الصحراء الغربية، لما تحتوي عليه من نقوش ورسومات رائعة.

 

وتأتي في المرتبة الثانية بعد مقبرة سي آمون مقبرة “التمساح”، والتي تحمل نقوشا عجيبة في دقتها وجمالها، وأطلق عليها هذا الاسم نظرا للرسم المنقوش عليها، وهو عبارة عن تمساح أصفر يمثل الإله سوبيك، وهي تتكون على شكل هيكل أشبه بكهف مكون من ثلاث حجرات، ولم يتم حتى الآن التعرف على صاحب هذه المقبرة. كما يوجد بجبل الموتى مقبرة أخرى تُعرف باسم مقبرة “نيبرباثوت”، المزينة بنقوش ساحرة مرسومة بالصبغة الحمراء المستخدمة في الأواني الفخارية السيوية وهي تعد مقبرة ضخمة يرقد فيها التابوت الحجري على أرضية غرفة الدفن.

ويقول الباحث محمد حماد، المتخصص في الآثار الفرعونية: جبل الموتى يعد من أشهر المزارات السياحية الموجودة في منطقة واحة سيوة، لافتا إلى أنه من الناحية الجغرافية هو ليس جبلا بالمعنى الحقيقي لكنه عبارة عن هضبة عالية يتوسطها شكل مخروطي صخري، ويحتوي في باطنه على مجموعة من المقابر والتي تظهر فتحاتها كأفواه الآبار، حيث يمر الصاعد إلى الجبل بعدد من الدرجات الحجرية التي تختفي تدريجيا لتظهر بعد ذلك فتحات المقابر التي تبدو مثل أفواه مفتوحة لتبتلع أجساد الموتى، مشيرا إلى أن منتصف الطريق يوجد به كوخ صغير من جريد النخل مفروش بالحصير، وقد تم بناؤه ليكون استراحة للزائرين.

وتابع: من أعلى نقطة في الجبل وإلى الغرب من مشالي وجبل الدكرور تظهر مباني الواحة القديمة الطينية جنبا إلى جنب مع مبانيها الحديثة الإسمنتية، حيث يظهر التباين في المعمار وحضارة وتاريخ هذه المنطقة من خلال تلك البيوت القديمة بطرقاتها الترابية التي تحتويها البساتين، وفي الشرق من جبل الموتى تزخر المنطقة بأشجار النخيل التي تمتد حتى الصحراء كبحر أخضر مترامي الأطراف، أما في طريق الهبوط من الجبل فهناك باب حديدي على إحدى المقابر المميزة في جبل الموتى، ما يرجعه سكان الواحة إلى أنها مقبرة فرعونية وضعت عليها الأقفال والأبواب الحديدية للحفاظ عليها من عبث بعض الزائرين.

ويوضح حماد أن من يدخل إلى المقبرة لابد أن يعبر ممرا ضيقا قصيرا يفضي إلى حجرة فارغة صغيرة ترتفع عن الأرض بمقدار طول إنسان تقريبا تبدو على جانبيها فتحات تهوية، وتتزين الجدران والسقف الذي لا يفصله عن رأس الزائر سوى سنتيمترات قليلة بنقوش فرعونية دقيقة تعد غاية في الجمال والمعمار. وتظهر روعة قدماء المصريين في الفن وحضارتهم والتي لا تزال محتفظة بألوانها رغم مرور آلاف السنين عليها، مشيرا إلى أن مقابر جبل الموتى تنقسم إلى مقابر ملونة ومنقوشة اكتشف منها حتى الآن ثماني مقابر، شيدت على نمط يسمى “الكتاكومب”، ولا يزال هناك بعض مقابر جبل الموتى غامضة لم تكتشف بعد.

اقرأ/ي أيضًا| الكتابة .. لغة تطور الإنسان وتحفظ حياته

ولم تقتصر آثار الصحراء الغربية وجبالها على “جبل الموتى” فقط، بل إنها تزخر بالعديد من الآثار التي تعد مناطق لجذب السياح، فهناك جبل الدكرور ويقع في الجنوب الشرقي من الواحة على بعد حوالي خمسة كيلو مترات جنوب مدينة سيوة، ويتميز الجبل بجوه الصحي، حيث تتوافر فيه المياه العذبة، والرمال التي تستخدم في علاج الروماتيزم وأمراض العظام عن طريق الحمامات الساخنة.

التعليقات