السينما المصرية وثورة 23 يوليو

لعبت السينما المصرية دورا مهما في تجسيد ثورة 23 تموز/ يوليو 1952، والتعريف بإنجازاتها وحشد الدعم لها، من خلال والأفلام السينمائية التي قدمتها عن الثورة، حتى أصبحت أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى نجاحها وبقائها خالدة في وجدان المواطن.

السينما المصرية وثورة 23 يوليو

لعبت السينما المصرية دورا مهما في تجسيد ثورة 23 تموز/ يوليو 1952، والتعريف بإنجازاتها وحشد الدعم لها، من خلال الأعمال والأفلام السينمائية التي قدمتها عن الثورة، حتى أصبحت أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى نجاحها وبقائها خالدة في وجدان المواطن العربي، والذي يحتفل بذكراها الـ64 خلال هذه الأيام التي نمر بها.

أثرت ثورة 23 يوليو، والتي قام بها الضباط الأحرار بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ضد الحكم الملكي، على كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأيضا الفنية، حيث أنتجت الكثير من الأعمال الفنية التي عبرت عن هذا الحدث السياسي بكل ما يحمله من إيجابيات وسلبيات، والذي فجر لثورة الإبداع في جميع المجالات وأتاحت الفرصة للكتاب والمؤلفين لرصد وتأريخ ما أحدثته الثورة وتأثيره على الشعب المصري اجتماعيا وثقافيا.

وأبدعت السينما المصرية بعد مرور ثلاثة أعوام من الثورة في فيلم "الله معانا"، ويحكي الفيلم الذي كتب قصته إحسان عبدالقدوس وأخرجه أحمد بدرخان عن ذهاب ضابط للمشاركة في حرب فلسطين بعد أن يودع زوجته ويصاب في الحرب ويعود مبتور الذراع مع عدد من الجرحى والمشوهين، مما يؤدي إلى غضب بين رجال الجيش، ويتكون تنظيم الضباط الأحرار لكي ينتقموا للوطن وتنتهي الأحداث بالإطاحة بملك البلاد وتولي الجيش مقاليد الحكم.

وقد عبرت السينما عن الثورة وأهدافها ونتائجها بصورة إيجابية متجاهلة لسلبياتها وإخفاقاتها، وهو ما كان في فيلم: "رد قلبي"، "الباب المفتوح"، "بورسعيد"، "الأيدي الناعمة".

ومن ناحية أخرى، أنتجت السينما أفلاما أخرى لمهاجمة العصر الملكي وسلبياته وإخفاقاته مثل أفلام: غروب وشروق، القاهرة 30، بداية ونهاية، في بيتنا رجل، وعبرت تلك الأفلام عن حقبة تاريخية هامة في تاريخ مصر وهي الملكية، على الرغم من الانتقادات التي وجهت إليها من نقاد سينمائيين، كونها لم تؤرخ الثورة بكل أحداثها، فجميعها ركزت على انعكاسات الثورة الإيجابية على المجتمع .

وبعد عهد جمال عبدالناصر وتراجع نفوذ الثورة، بدأت تظهر أعمال سينمائية أكثر حيادية، وتؤرخ بشكل أصدق لحقبة الثورة، ووجهت لها الانتقادات، وركزت في أحداثها على مراكز القوى والاعتقالات والتعذيب في السجون، ومنها: "الكرنك"، "احنا بتوع الأتوبيس"، والتي أظهرت القمع والظلم الذي كان تعرض له المواطنون.

ويقول الكاتب والسيناريست بشير الديك : "ثورة 23 يوليو من أهم الأحداث التي شهدها تاريخ مصر، حيث أنها قضت على الملكية وأعلنت الجمهورية، لكنها للأسف لم تقدم في السينما بشكل جيد يليق بها، فمجموعة الأفلام السينمائية التي تحدثت عن الثورة ليست كثيرة".

وأشار بشير الديك إلى أن "الأفلام لم تنقل الحدث بكل أحداثه فهي لم تكن على مستوى الحدث، والسبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى تأخر السينما المصرية وتخلفها في هذا الوقت، فقد كانت سينما واقعية".

وأكد الديك أن قيمة الثورة الحقيقية لم تظهر على شاشة السينما بشكل جيد إلا في فترة الستينات، فقد قدمت السينما أعمالا سينمائية جيدة لم تتحدث عن الثورة بشكل مباشر ولكنها تناولت أمورا وقضايا متعلقة بها مثل التأميم والوطنية والقومية، مضيفا أنه لم ير حتى الآن عملا فنيا يليق بقيمة الثورة الحقيقية.

ويضيف الديك: أن فيلم "رد قلبي" يعد من أهم الأفلام التي تناولت معاناة الشعب المصري قبل ثورة يوليو من خلال قصة حب الأميرة "إنجي" ابنة الباشا لابن الفلاح البسيط "علي"، والذي يصبح ضابطا في الجيش وتمر الأيام حتى تندلع الثورة وبعد ذلك يتمكنان من الزواج، وقد تم تصنيف الفيلم في المركز الثالث عشر ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية في استفتاء النقاد عام 1996 في احتفالية مئوية السينما المصرية، مؤكدا أنه لا يمكن تناول ثورة يوليو في السينما حاليا لأن هناك الكثير من القضايا والأحداث الحالية الأكثر أهمية والتي تستحق المناقشة، لأننا نعيش الآن مرحلة متقدمة والجيل الحالي لا يفضل رؤية أحداث مضت ومر عليها الزمن، ولم يصبح له تأثير في المشهد السياسي أو الاجتماعي.

ومن ناحيته، يشير المخرج السينمائي علي عبدالخالق، ، إلى أن ثورة 23 يوليو هي ثورة حقيقية أثرت في وجدان الشعب المصري بكل نواحيه سواء في الحياة الثقافية أو الفنية، حيث أظهرت السينما الثورة خلال فترة الستينيات، فدائما تظهر آثار الأحداث بعدها بفترة قليلة، فهناك العديد من الأفلام السينمائية التي قدمت خلال الفترة من الستينيات إلى السبعينيات، والتي تبلغ حوالي 30 فيلما يعرفون من ضمن أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

وأكد عبد الخالق أنه بعد الثورة تم إعادة بناء الثقافة المصرية من خلال إنشاء معهد للسينما ومعهد النقد الفني ومعهد الباليه، كما أنشأ القطاع العام الذي أنتج حوالي 50 أو 60 فيلما خلال تلك الفترة، ومنهم أفلام تناولت الثورة بشكل جيد مثل فيلم "غروب وشروق"، وفيلم "الحقيقة العارية" الذي تدور أحداثه حول أهمية السد العالي كمشروع قومي.

ويوضح عبدالخالق أن النظام السياسي خلال تلك الفترة بقيادة عبدالناصر اهتم بالسينما والمسرح، حيث كانت نظريته تتبنى فكرة أن السينما والإعلام من المقومات الأساسية لنجاح الثورة لذلك كان لهما دور كبير.

اقرأ/ي أيضًا | بيت السناري... حيث تحفظ الأصالة

وفي عهد عبدالناصر تم تحديد يوم العلم والفن، فكان يُكرم من خلاله الفنانون والعلماء، واختفى هذا الاحتفال خلال عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لافتا إلى أن المسرح خلال فترة الثورة شهد ازدهارا كبيرا وظهور مؤلفين جدد مثل: نعمان عاشور، وسعد الدين وهبة، وميخائيل رومان، ولطفي الخولي، ومن المخرجين: جلال الشرقاوي وكرم مطاوع، وسعد أردش، وأحمد عبدالحليم، فبكل المقاييس كانت ثورة 23 يوليو إضافة كبيرة إلى الشعب المصري، فبجانب تحريره من الملكية فقد أثرت الكثير من المجالات وازدهرت الصناعة والتجارة ودور الفن.

التعليقات