الخطوط العربية الأصيلة

هل التخطيط أحد الفنون؟

التخطيط أو فن الخط يعتبر واحدا من الفنون البصرية التي ترتبط بالكتابة ويتم بواسطته تصميم الحروف وكتابتها باستخدام أداة خاصة ذات نهاية عريضة أو بفرشاة للكتابة أو أقلام مميزة. ويعرف البعض فن الخط على وجه التحديد بأنه إعطاء سمة أو صبغة معينة للأحرف أو أبجدية لغة ما لتعطي أبعادا جمالية موحدة.

الخط العربي بين الماضي والحاضر

كانت فنون الخط تستخدم فيما مضى لتمييز المدرسة التي جرى كتابة النص عن طريقها وحتى لتمييز الحقبة الزمنية التي جرى التوثيق فيها وهذه الفنون ترتبط ارتباطا وثيقا بالكتابات الدينية وخصوصا في اللغة العربية. وقد تطور الخط العربي على مدى الحقبات التاريخية والسياسية والثقافية حتى وصل إلى شكله المعاصر.

أما في الزمن المعاصر ففنون الخط العربي لها قيمة جمالية عالمية خصوصا في اللوحات الجدارية والفنون البصرية الأخرى مثل السينما كما أن الموضة الجديدة في هوليوود هي وشم عبارات وشعارات باللغة العربية من قبل النجوم.

أنواع الخطوط العربية الرئيسية

الخط الكوفي

هو واحد من أقدم أنماط الخط العربي وقد جرى اشتقاقه من حضارة الأنباط الذين قطنوا في مناطق عدة وخصوصا العراق ولذلك ينسب إلى الكوفة، وقد كانت المصاحف تكتب بهذا الخط في السابق. يتميز هذا النوع من الخط بإمكانية زخرفته بأشكال هندسية عديدة ما يعطيه جمالية مميزة ويبرز قدرة الخطاط الفنية على تزيين الخطوط المستقيمة في أحرف هذا الخط.

يشهد الفنانون العالميون على جمالية الخط الكوفي وأنه واحد من أهم أنواع الزخرفة وله عدة أنواع أهمها المسطّر أو المربع والبسيط والمتشابك والمتلاصق والمورق.

خط الرقعة

يطلق على هذا الخط أيضا اسم الرقاع وهو أكثر الخطوط العربية استخداما في الحياة اليومية ويتصف بسلاسته وسهولة اتقانه كما أن له جمالية خاصة تترافق بالوضوح. ينسب المؤرخون وخبراء الخط العربي أصل هذا الخط إلى العثمانيين وتحديدا إلى سنة 850 للهجرة عندما اعتمدوه كخط رسمي في معاملات الدولة ودواوينها لأنه نوع عملي وسهل القراءة والكتابة من الخطوط.

يستعمل خط الرقعة إلى يومنا هذا بشكل واسع جدا وخصوصا في المطبوعات الورقية في معظم بلدان الوطن العربي وتنسب قواعده وأساسياته إلى أحد الخطاطين الأتراك المشهورين وكان يدعى "ممتاز بك" الذي شغل منصب مستشار السلطان عبد المجيد خان.

خط النسخ

النسخ نمط مستنبط من خط الثلث ويعتبر في بعض الأوساط فرعا منه إلا أنه أسلس وأسهل وله قاعدية أكثر وقد استعمل أيضا في كتابة المصاحف. فيما بعد ومع تطور الحركة الثقافية والصناعية جرى اتخاذ أحرف خط النسخ للطباعة وهو يستخدم لكتابة اللافتات والشعارات والأمثال وتوجد لوحات فنية مكتوبة بهذا الخط ويتصف بقابليته للتشكيل وله ميزة فنية وجمالية.

الخط المعروف حاليا باسم خط النسخ يعود في الحقيقة إلى العباسيين الذين حسنوا هذا الخط وطوروه وجاء من بعدهم العثمانيون وتحديدا الأتابكيون الذين تفننوا في تنميقه وتزيينه ولا زال هذا الخط يستخدم حتى يومنا هذا في مجال الطباعة.

خط الثلث

يعتبر خط الثلث واحدا من أصعب الخطوط العربية من حيث اتقان فنونه وتفاصيله وأساسياته إلا أنه بنفس الوقت يتفوق على أنواع الخط العربي الأخرى من حيث الجمالية ولأنه يجمع هاتين الميزتين يعتمده الفنانون والخطاطون ليظهروا صنعتهم وفنهم وتميزهم. باختصار، يعتبر اتقان خط الثلث المقياس الذي يحدد مهارة الخطاط وحرفته وخصوصا أن هذا النوع من الخطوط غير متسامح أبدا بالنسبة لقواعده وضوابطه الفنية.

يتفرع عن خط الثلث الكثير من أنواع الخط العربي أهمها:

• المحقق.
• الريحاني.
• التوقيع.
• الرقعة.
• الثلثين.
• المسلسل.
• الثلث العادي.
• الثلث الجلي.
• الثلثي المحبوك.
• الثلثي المتناظر.

الخط الفارسي

كما هو موضح من اسم هذا النوع من الخطوط فأصله يعود إلى بلاد فارس وتحديدا في القرن الثالث عشر للميلاد ومن أسمائه أيضا خط "التعليق". يعتبر الخط الفارسي واضحا وسهل الاتقان إلا أنه لا يقبل التشكيل وقد اشتقه أهل فارس من أحد خطوطهم القديمة الذي يدعى القيراموز.

وضع أساسيات وقواعد الخط الفارسي الخطاط "مير علي الهراوي التبريزي" وقد استخدمه أهل بلاد فارس بعد اعتناقهم الإسلام وطوروه بشكل كبير واشتقوا منه أيضا خطوطا أخرى مثل:

• الشكستة.
• الفارسي المتناظر.
• الفارسي المختزل.

الخط الديواني

ابتكر العثمانيون هذا النوع من الخط وقد اتخذوه كخط رسمي في عهد محمد الفاتح وكانت تكتب به دواوين الدولة ومن أسمائه الأخرى "الخط الريحاني" الذي سمي فيما بعد بالخط الغزلاني مع فرق بسيط بينهما من حيث طريقة وصل الأحرف. يعتبر هذا الخط انسيابيا لأنه يعتمد على المنحنيات والخطوط الدائرية ما يكسبه طابعا مرنا وسهولة أثناء الكتابة وكان يكتب في القدم بواسطة قلم مصنوع من القصب المصنع بطريقة معينة ويتم تنميقه بواسطة قلم آخر أكثر دقة.

خط الطغراء

يطلق عليه أيضا اسم الطغراء وفي بعض الأحيان الطغرى ويعتبر في الحقيقة أحد اشتقاقات خط الثلث وقد كان الخط المعتمد لكتابة المراسيم السلطانية كما جرى صك النقود في العصور الإسلامية باستخدامه. يقال إن أصل اسم الطغراء تتري وبه دلالة إلى اسم الحاكم أو السلطان ويقال أيضا إن كلمة طغراء تعني ظل جناح الطائر الذي كانت تقدسه بعض الشعوب القديمة.

الطغراء هو منتهى جمال الخطوط العربية الأصيلة وبه صنعة فنية وهندسية في نفس الوقت وهو يكاد يعتبر فرعا من الفنون التجريدية بسبب استخدام الأشكال المختلفة لملء الفراغات بين الحروف والكلمات وهو انسيابي وصلب في آنٍ معا إلا أنه قد يكون متعبا للعين ويبدو مزدحما في بعض الأحيان.

الخط المغربي

تعود تسمية هذا الخط إلى استخدامه الواسع في المغرب العربي وفي الأندلس أيضا وقد كان الخط المعتمد لخطّ المصاحف والمراسلات والمعاملات. يتميز هذا الخط بشبهه إلى خط النسخ وأيضا الثلث ويحتوي على ليونة في بعض الأحرف مثل النون كما أن الألف فيه تعتبر مستقيمة تماما على عكس بعض الخطوط العربية الأخرى. لا توجد قواعد وضوابط محددة لهذا النوع من الخطوط على عكس الخطوط الأخرى ما يعطي مجالا للتغيير والتحسين.