14/04/2011 - 20:27

ثلاثة نصوص للشاعر فارس سباعنة

دعي الكواكب للغناء وللفناء واتركي متراً وحيداً صالحاً للاختباء وامضي لزاوية انكسارك وانفجاركْ امضي لزاوية انتصاركِ ... يا فداء مترٌ وحيدٌ في فضاء الراقصين وقرب شيطاني الأنيق مترٌ وحيدٌ..

ثلاثة نصوص للشاعر فارس سباعنة

* شاعر من رام الله


حارس الحانات

دعي الكواكب للغناء

وللفناء

واتركي متراً وحيداً صالحاً للاختباء

وامضي لزاوية انكسارك وانفجاركْ

امضي لزاوية انتصاركِ ... يا فداء

مترٌ وحيدٌ في فضاء الراقصين

وقرب شيطاني الأنيق

مترٌ وحيدٌ..

مثل بالون التي ودّعتُها من ساعتين

طيّرَتْهُ لكي تدرّبَ قَلبها...

حتى يودّعَ فارغَيْنِِ بلحظةٍ

مترٌ وحيدٌ ...يا فداء

لن أراقبَ فيه عصفورين في صدرٍ صغيرِ

إلا لأحرس طيش رفرفةِ النهودِ

أنا وحيدٌ يحرسُ الحاناتِ من شبحٍ وحيدِ

سوفَ ألهي الموتَ عنكم

سوفَ أرشدُهُ إلى الأضواءِ حينَ تُهَيّـجُ الثملين

أو لزجاجةِ الوسكي

...وموسيقى العَرَقْ

يا ذات خصرٍ قد تزنّر بالحبق

لمي الزنابقَ من جنون الغابةِ السّكرى

ليتضّح العبق...

لا تتركي العصفورَ يهربُ للقرى

لا تتركي الأشجارَ صلعاءً

ليكتئب الورق

في هدوءٍ يا جميلةُ ...

وازرعي أرضاً بحجمكِ

...بالسنابل والقصب

في هدوءٍ لأن هذا الموتَ مثلي

يغار من فرط السعادة والصخب

...

أنا كنتُ أحرسُ رقصكم

من فوقِ هذا البرجِ منتبهاً كقنّاص الحياةِ

من الملائكة المشوّهة الصفاتِ

أقولُ :تيهوا في الطربْ

وارقصوا أكثر،، وأكثر

كالسّرو.. كالأطفال.. كالريح البطيئةْ...

بكلّ أشكال التصوّفِ

بارتفاع الوردِ فوق الأرضِ

بالكفر البسيط...

بنسبة الموجِ الذي ارتفعَ المحيط

فالموتُ يهزجُ إذ يرى الوقحين مثله

يضّمهم بالشوقِ ظنّا قد أتوه من الخيال

من انتظاره للأنيس

شبحانِ نحنُ نراقبُ الساحاتِ

 

نلعبُ لعبةَ الموتى

أنا أقولُ بأن هذا الموتَ منتظرٌ

 ليسرقكم من السفر السعيدِ

لا تتركوه يشمّ رائحةَ الحياةِ قويةً

لا تصخبوا بالأغنيات

ويقول إن الرقص يسرقكم

عن الوطن البعيدِ وعن جميع الأمنيات

شبحانِ ليس لنا مكانٌ في الحياة

ندّعي دور الألوهةِ

كنا اثنين مغرورين لا أكثر

فالحزن يطلي بياضَ مرآة الوحيدِ بلونِهِ

ويقول: حيّ على الأنا ...

فرقٌ بسيطٌ قابلٌ للكسرِ بينَ

"أنا الوحيدُ" ..

وبين بوحِ الربّ في عليائه بـ"أنا وحيدْ"

أنا وحيدٌ

مثلَ مترٍ واحدٍ في حانةِ الفقراء

مثل مسمارٍ بصحراءٍ هوى من طائرة

لم يصب أحداً ولم يجد الدليل

مترٌ وحيدٌ يا فداء

مترٌ وحيدٌ في بلادكِ صالحٌ للاختباء

مترٌ وحيدٌ لا تلوثه الشخوص

سنموتُ نرقصُ

إننا الفقراءُ نسكرُ لا نخافُ من اللصوص

 

 ****

 

 

سأذكركِ إن استطعتُ

أركض إلى القصيدة فزعا، مثلَ قطّ حيٍّ فقيرٍ حاصرتْهُ الكلابُ بين عمارتين، أركض وحبّك يُحرقُ الأرضَ من خلفي، هو أحرقَ الأرض كلّها، لم يبقَ لي موطئ قدمٍ أدقّ عليه رايةَ الشِّعر وأعلنُ انتصارَ المعاني كما يفعلُ الفلسطينييون، أنا وقصيدتي للجحيم.

كُفّي عن نظرةِ أمّ موسى تلقي ابنها في اليمّ إيمانا وقوة، لا قوّة في الحب، وهذا ليس يمّا، وأنا لستُ نبيّا تهبينه لأمر الله، أنا أفقرُ المتسولين النائمين في برد الأحبة، والوحيد من بينهم لا تغطيني جريدة أكثر صقيعا من جلدي، مدّي إليّ بجذع نظرتكِ التي لوّحتِ بها ذاتَ قبلة، أو أخبريني ماذا يفعلُ في جهنّمه فلسطينيّ لم يجد سوى الإلحاد بالقَدَرِ الذي ألقاه في غيّابة الجغرافيا، وينسّلون من عظمه التاريخَ فقرةً فقرة.

لا تتركيني لشفقة الله، فالله لم يشفق على من أودعت أبناءها في طينِ غزة، لا تدعيني أواجه حجمي الهزيل دون ظلّك، أريدُ ظلّك، ها أنا أقف كباعة البطاقات على آثاركِ في قلبي

وأفتّشُ دفاتر السيّاح عن اسمكِ، أقول: "ربّما أرادت أن تغيظني في دفترٍ عابر"، أنا أحبّكِ لهذا الحد، ولا أحتاج حبّكِ كرجلٍ، بل أحتاجه كحزين.

سأنساكْ، كلمة تقولها امرأة لا تلقي لها بالا، تهوي بكَ في الحزنِِ سبعينَ خريفاً،،، وليومٍ عند وحدتك كألفٍ جرحٍ مما تعدّون.

سأنساك، لينطلقَ الطيّارُ من طائرةِ القلبِ بغتةً نحو السماء مثل رصاصة، وتدركَ حينها أن قلبكَ ميؤوسٌ منه، وتستسلمُ لانفجاره...

قلبي لم يكنْ لكِ قطارا أو سفينة، قلوب المنفيين مثلي طائرات، تركبها النساءُ فتفرح لأول مرةٍ باحتضان الغيم، لكنّها سرعانَ ما تحنّ إلى اليابسة،،،

انسني وسوف أذكرك إن استطعتُ ،،،

سأذكركِ بما يتبقى من حطام طائرتي

 

 ****

 

آذار فلسطينية

لن أصبّكِ في قواريرَ 

وأنتِ النهرُ

سأنحني مثل الأميرِ 

لأرتوي من بعضِ مائك

أعلمُّ الكلماتِ كيفَ تذوقُ نكهةَ كبريائك

 

آذارُ يا رقصَ الجياد

يا أذانَ الأمهاتِ 

ويا تسابيح البلاد

كلّما أرختْ مشاعِلَهَا السجونُ 

قال: أمّي.. واشتَعَلْ

ليُجَنَّ سَجّانُ الحقيقةِ 

في الدقيقةِ ...

ألفُ أمٍ خلفَ هذا السور تخترعُ الأمل

كيفَ يُسرَقُ موطنٌ قد ثبّتته السيداتُ

بكلّ زاويةٍ وَتَدْ...

آذار يا عَبَقَ اللواتي

يفترشنَ الأرضَ موسيقى الأَبَد

آذار يا وعداً يزقزقُ كلّ يومٍ مِنْ جسدْ

آذارُ يمسكُ قلبَ من وضعت بتربَتِنَا وَلَد

فيَهُمُّ يَغْسِلُ قَلبَهَا 

بالماءِ والوردِ المُنَدّى والبَرَدْ

آذارُ رائحةُ النساءِ الواثقاتِ بأنّ موعدنا بَـلَـَدْ

التعليقات