26/09/2011 - 18:24

ها أنا الآن.. أصحو على دولة!

واقتربت أصواتُ البوقِ تعلن قربَ النتيجة وذاعت الإذاعات.. "لًكُمْ دَوْلًة"، "لًكُمْ دَوْلًة"... وفرحتُ كما لم أفرح قبل... فها أنا الآن أصحو على دولة، ها أنا الان أصحو على دولة وعلى وطنٍ مشرد ٍ يتكامل. إلى أن تابَعَت الإذاعة في مناطق ال 48: "لكم دولة شقيقة تدعى فلسطين"!! فقُطع وطني مجدداً وقُطع حلميَ الأزلي ولم يبقَ إيّاي سوى..نعيقُ البومة على شباكيَ الصباحيْ

ها أنا الآن.. أصحو على دولة!
 
لم يقطع الحلمَ سوى نعيقِ بومةٍ على شباكي الصغير.
بزغرودةٍ عفويةٍ قابَلَته وابتدأتْ، وبنزفِ النشيدِ المحمّلِ بالشجن انتهى هو يومها.

هكذا وباختصار بدأ.. غريبا ً وحيدا ً جلس هو كعادته على مقعدٍ يضجُ بلهفة التأملْ، ضائعا ً كان هو- وطني، ضائعاً ينزف أملا ً، حين أتته هي- الدولة، تختزل النزيف وتختزل آمالا دون حدود لحدود ال67.

ووحده هو لم يفهم تلك الحدود، ولم يفهم كيف يُختزل الفارق ما بين التحرير والحرية، ولم يفهم كيف يمضي البعض لإقامة الدولة و"طمس" القضية.

وعبثا ً اقتربت منه هي-الدولة، وحاولت إقناعه بأنها الحل المؤقت وبأنها ستحمل قطار الخيال إلى واقع ذي حدود؛ فلا يمكن للحالم أن يقبع في حلمه دوما ً دون تطبيق.

 لكنه أبى وابتعد عنها وارتبط بأحلام الجياع في الشوارع وبأولئك الذين ماتوا ارتجالا ً مذ أكثر من ستين عام. ابتعد لا لأنه ضدها; فهما خلقا ليكمل أحدهما الآخر، ولكن أحدا ً لا يرضى أن يصفق لزواله وأن يمضي قدما ً يدا ً بيد ٍ مع قاتله.
 


فهمها رغم ابتعاده وفهم سأم الناس من ضياعه وفهم كل أولئك الذين ملّوا جدائلَ الموتِ المعلق.ْ فهمها وابتعد، تماما ً كما يفعل الذكور حين يحبون بعنفٍ أو يكرهون بشغفْ!

ومع ابتعاده اقتربت رصاصة، ارتفع علم، وظهرتُ أنا في الحلم أنظرُ بفرحةٍ لم أعهدها قبل، أنظرُ إلى الأفقِ بعيدا ً بعيدا ً وابتسامة من العمق تتجلى، وصوتي الباطني يغني ألمَ ستين عاما، وصوتي الباطني يستهزئ بضعفِ العدوِ المغطى بالحديد وبوعود "موشي" لـ"ريتا"، ويمتلئ غبطةً كلقاءٍ بَعدَ انتظارٍ مع حبيب.

واقتربت أصواتُ البوقِ تعلن قربَ النتيجة وذاعت الإذاعات.. "لًكُمْ دَوْلًة"، "لًكُمْ دَوْلًة"... وفرحتُ كما لم أفرح قبل... فها أنا الآن أصحو على دولة، ها أنا الان أصحو على دولة  وعلى وطنٍ مشرد ٍ يتكامل. إلى أن تابَعَت الإذاعة في مناطق ال 48:
"لكم دولة شقيقة تدعى فلسطين"!!
فقُطع وطني مجدداً وقُطع حلميَ الأزلي ولم يبقَ إيّاي سوى..نعيقُ البومة على شباكيَ الصباحيْ.   
 
 
*يافة الناصرة\ معلول - فلسطين

التعليقات