30/10/2011 - 13:40

نهاية اسبوع: أطفال الآيفون \ اياد برغوثي

قبل أن أشتريه، كنت أثق بمحبة بنات أخي لي، كنت أفرح عندما تركضان نحوي "إجا عمي..إجا عمي" وتنزلان عن الدرج مسرعات وتقفزان عليّ متسابقتان على يديّ لأحملهما، كنت أشعر بسعادة بالغة لشوقهما، لكنهما في الأشهر الأخيرة، تستقبلانني برجاء طفولي خافت متمسكّن "عمي..بدي الآيفون!"، فإن أعطيتهما إياه غابتا حتى أول نزاع فأصادره بتوبيخ تربوي بايخ، وإن لم أعطه تنظران إليّ بعتب خائب الأمل. هل تحباني أم هو الآيفون العجيب أخذ مكاني؟ لم أستغرب من أنّ يارا، ابنة أخي الكبيرة، وهي في الصف الثاني، شديدة الذكاء والفطنة، تعرف استخدام الآيفون، وتحرك أصابعها الصغيرة بمهارة فائقة على شاشته الحساسة، وتضغط بخفة على أيقونات الألعاب المختلفة، لكنني استغربت جدًا عندما قامت حنين، ابنة أخت زوجتي و"لعبة العائلة" لخفة دمها وشخصيتها القوية و"فتاحتها"، وهي لم تنه عامها الثاني وما زالت تجرّب أولى الكلمات، بأخذ الآيفون من يد جدتها، التي كانت تحاول تمرير إصبعها على شاشته لفتح شاشته، "مش هيت!" قالت وفتحته بتركيز سريع، فضحك الجميع. يبدو أني بعد أن استوعبت انزعاج كلّ أصدقائي تقريبًا، وانزعاجي الشخصي، من الاختفاء المفاجئ للأيفون من على الطاولات ومن جيوب الحقائب، ومن تعلّق الأطفال المبكر فيه، وانطفائه المفاجئ بهد إنهاكه، ورجائنا باستعادته للردّ على مكالمة ضرورية، قرّرت أن أنفض عن نفسي تقليدية الكبار وحنينهم غير المبرر برأيي إلى أيام زمان (أيام التلفون أبو عجل!)، وقررت أن أقف في صفّ الأطفال المحتجين من أجل حقهم في الآيفون. الدنيا تغيرت يا جماعة. تسائلت: لماذا نمنع الأطفال من اللعب في صندوق العجايب الصغير هذا؟ هم يحبونه، هذه حقيقة، فلنستغل إذًا وجود عشرات الألعاب التربوية الرائعة فيه لتعليم الأطفال وتسليتهم المفيدة (لعبة برنامج "نان وليلي" التي تعلّم الأطفال الأحرف العربية والأرقام، أو لعبة "زوو ساوندز" لتعليم أصوات الحيوانات وشكلهم، وغيرها الكثير)، لنسمعهم الأغاني ونريهم الصور، بدل أن نركض خلفهم لاستعادته وتوبيخهم! في زيارتي القادمة لبيت أخي سأنزل العديد من الألعاب التربوية على الآيفون وأمرح مع بنات أخي، سأركّب الكلمات مع يارا وعدن ونحزر أسماء الحيوانات ونقلّد أصواتها، وبعدها سأحكي لهم قصة عن طفلة بلعها الآيفون وعلقت بين أيقوناته!

نهاية اسبوع: أطفال الآيفون \ اياد برغوثي

 

(اياد برغوثي)
 
قبل أن أشتريه، كنت أثق بمحبة بنات أخي لي، كنت أفرح عندما تركضان نحوي "إجا عمي..إجا عمي" وتنزلان عن الدرج مسرعات وتقفزان عليّ متسابقتان على يديّ لأحملهما، كنت أشعر بسعادة بالغة لشوقهما، لكنهما في الأشهر الأخيرة، تستقبلانني برجاء طفولي خافت متمسكّن "عمي..بدي الآيفون!"، فإن أعطيتهما إياه غابتا حتى أول نزاع فأصادره بتوبيخ تربوي بايخ، وإن لم أعطه تنظران إليّ بعتب خائب الأمل. هل تحباني أم هو الآيفون العجيب أخذ مكاني؟
 
لم أستغرب من أنّ يارا، ابنة أخي الكبيرة، وهي في الصف الثاني، شديدة الذكاء والفطنة، تعرف استخدام الآيفون، وتحرك أصابعها الصغيرة بمهارة فائقة على شاشته الحساسة، وتضغط بخفة على أيقونات الألعاب المختلفة، لكنني استغربت جدًا عندما قامت حنين، ابنة أخت زوجتي و"لعبة العائلة" لخفة دمها وشخصيتها القوية و"فتاحتها"، وهي لم تنه عامها الثاني وما زالت تجرّب أولى الكلمات، بأخذ الآيفون من يد جدتها، التي كانت تحاول تمرير إصبعها على شاشته لفتح شاشته، "مش هيت!" قالت وفتحته بتركيز سريع، فضحك الجميع.
 
 
يبدو أني بعد أن استوعبت انزعاج كلّ أصدقائي تقريبًا، وانزعاجي الشخصي، من الاختفاء المفاجئ للأيفون من على الطاولات ومن جيوب الحقائب، ومن تعلّق الأطفال المبكر فيه، وانطفائه المفاجئ بهد إنهاكه، ورجائنا باستعادته للردّ على مكالمة ضرورية، قرّرت أن أنفض عن نفسي تقليدية الكبار وحنينهم غير المبرر برأيي إلى أيام زمان (أيام التلفون أبو عجل!)، وقررت أن أقف في صفّ الأطفال المحتجين من أجل حقهم في الآيفون. الدنيا تغيرت يا جماعة.
 
تسائلت: لماذا نمنع الأطفال من اللعب في صندوق العجايب الصغير هذا؟ هم يحبونه، هذه حقيقة، فلنستغل إذًا وجود عشرات الألعاب التربوية الرائعة فيه لتعليم الأطفال وتسليتهم المفيدة (لعبة برنامج "نان وليلي" التي تعلّم الأطفال الأحرف العربية والأرقام، أو لعبة "زوو ساوندز" لتعليم أصوات الحيوانات وشكلهم، وغيرها الكثير)، لنسمعهم الأغاني ونريهم الصور، بدل أن نركض خلفهم لاستعادته وتوبيخهم! 
 
في زيارتي القادمة لبيت أخي سأنزل العديد من الألعاب التربوية على الآيفون وأمرح مع بنات أخي، سأركّب الكلمات مع يارا وعدن ونحزر أسماء الحيوانات ونقلّد أصواتها، وبعدها سأحكي لهم قصة عن طفلة بلعها الآيفون وعلقت بين أيقوناته!
 
     
 
*زاوية "نهاية أسبوع" في صحيفة فصل المقال

التعليقات