20/12/2011 - 19:25

العمر كلّه.. يعدّمني إياك / جلنار قَدَش

كيف صرنا صديقين؟ شخصيتانا المتناقضتان تماما لا تصلحان إلّا لتكونا عدوّتين؛ هدوئي الذي يقتل سرعتك، فوضاك تربك نظامي، نقدك الحاد ومسايرتي للجميع. وحين أمرني صديقنا المشترك "خذي شيئا من قسوة المعلّم"، دون تفكير أجبته: "نحن نكمّل بعضنا كقطعتي LEGO"، ضحك بخبث، يعدّمني إياه.

العمر كلّه.. يعدّمني إياك / جلنار قَدَش

جلّ ما أتمناه في هذه اللحظة، أن تقع المجلّة في يدك يوم عيد ميلادك تمامًا، لا قبل ولا بعد. لكن، لنقل إننا نحتفل بكانون الأول كله، كاحتفالنا بالمسيح مثلاً -بلا تشبيه- لكنك لا منتظر ولا بطيخ،

فأنت متأخرٌ دائمًا، يعدمني مواعيدك الفالتة.

سألتني مرّة "صعبة الكتابة؟"، هززت كتفيّ نفيًا. أكتشف الآن أن الحالتين الأصعب في الكتابة، خاصة لشخص ما؛ حين أعرفه، وحين أجهله. لا أنا أعرفك كفاية، ولا أجهلك كفاية لأكتب عنك.. أنت رجلٌ لا يمكن التكهّن بردّة فعله، هذا أكثر ما أحبّه فيك، وأكثر ما أخافه منك، يعدمني شخصيتك الزئبقية.

أجرؤ على القول إني أشعر بالقرب منك، لكن لو سألني أحدٌ ما "متى رأيته آخر مرة؟"، أستنتج أني بعيدة عنك شهرًا أو أكثر.. تغيب تغيب وتطلّ لتوبّخ وتزعبر ثمّ تختفي.. بين السفر والسفر، سفرٌ ثالث، ورغم ذلك تجدك في القدس طويلاً، في رام الله أقل، في حيفا أكثر، في بيت جالا أحيانًا. وحين أسألك "وين أراضيك؟"، تتجاهل السؤال، يعدمني شنطة سفرك. 

أخافك أحيانًا كما أخاف أبي، أحبك دائمًا كما أحب أمي، أتناقر معك كما أفعل مع أخي، أسرّ لك كأختٍ كبيرة ليست لي.

تقلق على كل من حولك كجدٍّ تسعينيّ، توبّخ كعمّ شرّير لكنه مُحب، "تغاوظ" معنا كخالٍ يتباهى بأبناء أخته، أنت تهتم لكل من حولك لتنسى نفسك، يعدمني قلب العيلة اللي ناتعته.

تنهي عامًا ما في الثلاثين دون ارتباط، حسب علمي، يتساءل صديق مشترك: "من سترضى به وهو بهذه الفوضى؟". تقول أخرى: "هو يبحث عن ند، وليس زوجة"، أخيرٌ يتفلسف: "الرفيق تزوّج القدس".

آخر شيء يمكنني تخيّله هو شريكة حياتك، ولو وجدت على كل حال لقتلتني الغيرة، من هذه القادرة على امتلاك قلبك؟ يعدمني اياها.

كيف صرنا صديقين؟ شخصيتانا المتناقضتان تماما لا تصلحان إلّا لتكونا عدوّتين؛ هدوئي الذي يقتل سرعتك، فوضاك تربك نظامي، نقدك الحاد ومسايرتي للجميع. وحين أمرني صديقنا المشترك "خذي شيئا من قسوة المعلّم"، دون تفكير أجبته: "نحن نكمّل بعضنا كقطعتي LEGO"، ضحك بخبث، يعدّمني إياه.

أعتقد أن النص يجب أن ينتهي قبل أن أخبّص أكثر.. كل عام وأنت كما أنت، وهذا كثير علينا، وهديتي لك هديّة أبديّة؛ إذا كتب لي القدر أن أتزوج وأرزق بأولاد، سأسمي الأول/ـى باسمك، لأصبح بدلاً من أم الجوج -كما يحلو لك أحيانا مناداتي- إلى أم النون رغما عنك.

أسمعك الآن جيّدا تزمجر من بعيد "يعدّمني إياكِ."

التعليقات