13/01/2012 - 22:17

للثّورة.. اعتذاراتُ عاشقٍ سوريّ / علي نصوح مواسي

العذرُ منكِ يا أمّنا المواطنة عَجَنّاكِ قطرةً قطرةً فلمّا تدلّيتِ ناضجةً من شجرِ الشّوارعِ رَفَضْناكِ قُلنا لمْ يئِنْ أوانُ الحلاوة

للثّورة.. اعتذاراتُ عاشقٍ سوريّ / علي نصوح مواسي

خاص عــ48ــرب: "ملف عامٌ على الثّورة". 

 

عذرًا خليلٌ وهبة

يقودني التّوجّسُ كلَّ يومٍ إلى افتراضيّةِ صفحتيكما

أبحثُ عن دليلِ حياةٍ

أو بالأحرى

لا موتَ

يعلنُهُ بالأزرقِ

تعليقٌ مفاجئْ

 

صارتِ الحياةُ في أمسِّ حاجةٍ إلى شهادةٍ

تكذّبُ مشاعيّةَ الوفاة

لم تعُدْ سماؤُنا تحتملُ المزيدَ من أرواحِنا

وجودُنا

صارَ

لا وجودَ

لا وجودْ

.

عذرًا لعمامةٍ حلبيّةٍ

تدلّتْ من خيوطِها فأسُ حرفٍ

تُفَتِّتُ الأصنامَ

فينا؛

صَدِأَتْ

تغلّبتْ طبائعُنا على تطبّعاتِنا

خنّا دروسَ الإمامِ الكواكبيِّ

علّمنا أنّ الله نحنُ

عدلٌ

وقتلنا فينا

الإله..

.

عذرًا زكريّا تامرْ

أذني لم تصغِ جيّدًا لصهيلِ جوادِكَ الأبيضِ يعدو في سهولِ السّياطْ

لصراخِ الدّماءِ في ربيعِ رمادِكْ؛

كانتْ منهمكةً بزئيرٍ تنكّرَ بهِ النّعيقُ

واسمِ الأسدْ

نهشَ البلدْ

حيٌّ صمدْ

أحدٌ

أحدْ

 

خرجَ البلدْ

مددْ

.

عذرًا سميح شقير

فتحتَ بزندِ عودِكَ نوافذَ كلِّ الشّعوبِ الصّامدة

وعندما استصرختَنا

بالحروفِ الخالدة:

"افتحوا نافذتي

كيْ تدخلَ الشّمسُ إليّْ

أو فاخرجوني يا أصدقائي

ضاقتِ الجدرانُ

عليّْ"

تعثّرنا

تلعثمنا

تحجّرنا

وبِتْنا

وثنيّةً جامدة..

.

عذرًا أحمد مطر

قوافيكَ العَذابُ مرّتْ بي خفيفةً كماكَ

أضحكتْ قلبي فكاهةٌ جارحةٌ في ترانيمِ غناكَ:

"نحنُ نرجو كلَّ مَنْ فيهِ بقايا خجلْ أنْ يستقيلا / نحنُ لا نسألكم إلّا الرّحيلا / وعلى رغمِ القباحاتِ الّتي خلّفتموها / سوفَ لنْ ننسى لكمْ هذا الجميلا / ارحلوا.. / أمْ تحسبونَ اللهَ لم يخلقْ لنا عنكمْ بديلا؟ / أيُّ إنجازٍ لديكمْ؟ / هل منَ الصّعبِ على القردِ إذا ملكَ المدفعَ.. أنْ يقتلَ فيلا؟"

عذرًا إذْ عرفتُ

أنّكَ عندما قُلْتَ فطربتُ ورقصتُ للمجازِ

قصدتَ كلَّ أصنامِ بلادي

كلّهم دونما استثناءٍ

لكنّي تغاضَيْتُ.. وأظهرتُ بأنّيَ لستُ..

وضحكتُ

ضحكتُ حتّى ثملْتُ وطرتُ

بلغتُ سدرةَ المنتهى

وَجَدْتُ

بسمةَ طفلةٍ مقتولةٍ باسمي

سقطتُ

صحوتُ

ثمَّ كما صحوتُ نمتُ،

ونسيتُ ما رأيتُ

فضحكتُ

ضحكتُ

ضحكتُ

وما بكيتُ

ما نحبتُ

ما لطمتُ

وما جرحتُ الخطيئةَ بي

.

عذرًا حمزة الخطيب

انهمكتُ باستيعابِكَ أيقونةَ عذابٍ

واكتفيتُ ببشاعةِ الشّكلِ في تفاصيلِ جسدكَ

دونَ أنْ أتوقّفَ كثيرًا عندَ مضمونِ الألمْ..

.

عذرًا إبراهيم قاشوش

لسربٍ كنارٍ يسبحُ في براحِ حنجرتكْ

يعلّقُ على حبالِ الصّوتِ مصابيحَ النّداءْ

يعشّشُ في غصنٍ سماءٍ مُذْ وُجِدَتْ سماءْ

يهزُّ في دهاليزِ الصّدى

أقفاصَ صمٍّ

حبستهُ عقودًا من رجاءاتِ الرّجاءْ

عذرًا

فشفرةُ الذّبّاحِ

هي مَنْ جعلني أدرِكُ

معنى وترٍ يقاومُ

دبّابةً

بغناءْ

.

عذرًا علي فرزاتْ

من أصابعِكَ "الدّومري"

تعتني ببراعمِ الضّوءِ في عيونِ السّؤالِ

وتصبُّ بريقَ الأسودِ

في شفاهِ الحياةْ

.

عذرًا زينب الحصني

انشغلتُ بسؤالِ موتِكِ أو حياتِكِ

عنكِ

أكذّبُ بكِ نظامًا أم أصدّقُ ثورةً

أقارعُ روايةً بروايةٍ

دونَ أنْ ألتفتَ، ولو قليلًا،

إليكِ

إلى سُمْرَةِ عينيكِ

رجفةِ هدبيكِ

يَباسِ شفتيكِ

إلى مجالِ حنطةٍ في جهاتِ الخدودْ

ومخارجَ حروفٍ حمصيّةٍ عتاقْ

إلى اسمكِ الّذي صارَ مقرونًا

بجثّة

.

عذرًا ساري ساعود

كلّ أفلامِ الإثارةِ والاحجياتِ المعقّدةِ الّتي عشقتُها حدّ الادمانِ

لم تُسعِفْ خيالي في استحضارِ حبكةٍ منطقيّةٍ تفسّرُ جرحًا غائرًا أسفلَ إبطِكَ اليسارْ،

تَغْرَقُ في دُكْنَتِهِ مقولاتُ اليمينِ، شعاراتُ اليسارْ

العذرُ منكَ إذْ شككتُ وحرتُ، خفتُ، توجّستُ، سهرتُ، فكّرتُ، بحثتُ، تلعثمتُ، تبعثرتُ، تراجعتُ

وكدْتُ أصدّقُ نعيقَ ذابحيكَ وأكفرُ بنفسي

حدسي

وحسّي

تساءلتُ: كيفَ يمكنُ لسيفٍ، مهما كانَ كبيرًا ومريرًا، أنْ يرسمَ خرائطَ الألسنة

أنْ يلعنَ الأمكنة

يصادرَ الأزمنة

فتقولُ الثّكالى ما يرتضيهِ؟

 

العذرُ منكَ إذْ نسيتُ

أو تناسيتُ

لوهلةٍ

قرونًا منْ خرائطَ

قُطِّعَتْ على طرقاتِها ألسنةُ شعوبٍ كامله

وليسَ مجرّدَ عائله،

العذرُ

فذاكرتي سافلةٌ بنتُ سافلةٍ منْ نسلِ سافله..

 

يا ابنَ أحمدِنا المسيحِ

قتلتْكَ خطايانا ألف ألف مرّةٍ

حينَ أصغينا لعواءِ الذّئابِ في زمنِ البلابلْ

حينَ تساءلنا عن طفولةٍ مقتولةٍ لا طفولةٍ تقاتلْ

وحينَ توقّفنا لديكَ أطولَ مِنَ المعتادِ

لا لإنسانيّةٍ نبيلةٍ مسؤولةٍ تسائلْ

إنّما لصليبٍ منْ دمعِ أمِّكَ

تدلّى

ولشاشاتٍ حقيرةٍ جعلتْ براءتَكَ طبولَ حربٍ وألويةً تنازلْ..

.

عذرًا زنوبيا

فتدمرُ الّتي بَنَيْتِها

رملةً رملةً

تحترقْ

.

العذرُ درعا

فأنا لم أعرفْ قبلَ الآنَ كم تشبهينني

لهجةً وسُمْرَةً

وإيقاعَ ريفْ:

"معليشْ درعا معليشْ.. لا تسيلْ من عيونِتشْ دمعة / معليشْ درعا معليشْ.. لا يهِمِّتشْ بشّار وربعَهْ / خلّيه يسجنْ، خلّيه يعذّبْ، خلّيه يقتُلْ، خلّيه يِظْرُبْ، خلّيه يحاصرنا بالجيشْ / لَولادِتشْ بتظلّي قلعة / قاعِدْ يِظْحَتشْ؟! / لا يغرِّتشْ ترى شاف الظّبعة! / معليشْ درعا معليشْ.. لبّى صوتِشْ كل مَنْ سِمْعَهْ.. / قامت سوريّا مجتمعة / ولا يفرح.. رجعة ما فيشْ / ما في رجعة.. ما في رجعة.. / جاي تصَلِّحْ؟! / وكْ بعديشْ وكْ بعديشْ؟! / اسمعْ رااااحَ اسَمْعَكْ سُمْعَة / مهما تلاقِطْ مهما تعاقِطْ / وكْ بدّكْ تسقطْ يا ساقطْ / بدّكْ تسقطْ وبِدنا نعيشْ / شوف السّاعات المرتفعة / عارف شو بتقولّكْ، ليشْ؟ / بتقول بخمسطاشْ آذارْ سقوطَكْ بلّش عنّا بدرعا / وكْ عرظ كتافَكْ قدّيشْ؟ / ظُبّ اغراظَكْ وامشي بسرعة."

.

عذرًا دمشقُ

خيولُكِ البيضاءُ تجري في دمي مُذْ أوغاريتَ

آرامَ

آشورَ

أميّة

تكتبني أبجديّاتِ شعرٍ على شُمُسِ المعابدْ،

شرقٌ ياسمينُكِ البلديُّ

يغسلني بالنّدى مُذْ رضعتُ ضياءَ الفضا

يعلّقُ المدى في قدودِ الصّباحاتِ

قلائدْ

عذرًا لأنّي لم أدرِكْ نسبًا إلهيًّا بيننا

وهوًى صفاءً كحليبِ أمّي

إلّا عبرَ بثٍّ ونصٍّ شبكيٍّ في ألفيتنا الثّالثة

عذرًا

فكتبُنا المدرسيّةُ سيرُ ملوكٍ وأمراءَ

أخبارُ حروبٍ وفتوحٍ

فقهٌ

سننٌ

تاااااااريخُ إسرائيلْ

.

عذرًا شآمُ

لوّنتُ جرحَكِ بي

لوّنتُ جرحي بكِ

صرتُكِ

تهتُ عنكِ

إليكِ

في تفاصيلِ الرّسمِ

والرّسمُ "شجارٌ بين الأصلِ والنّسخِ

يخسرُ فيهِ الاثنانِ شوقهما للوحدةِ

الأصلُ ورسمُ الأصلِ،

يسرقُ أحدهما منَ الآخرِ براعةَ تعطيلِ الصّفاتْ"

.

عذرًا بابا عمرو

قلبتُ ساعةَ رملِكَ

وانتظرتُ

.

عذرًا يا يومَ الجمعة

هل كنّا بحاجةٍ إلى ألفِ جلّادٍ كي نعتقَكَ من أجنداتِنا الخدرِ

فتنتفض علينا؟

.

عذرًا للميادينِ

للشّوارعِ والحواري والأزقّة

لسوائلِ الأرواحِ تجري في مساماتِ إسفلتٍ وأحداقِ ترابْ:

هنا زَحْفٌ.. هنا نِصْفٌ.. هنا ضَعْفٌ.. هنا ضِعْفٌ.. هنا خَسْفٌ.. هنا رَصْفٌ.. هنا نَشْفٌ.. هنا عَصْفٌ

هنا "مليون"!

 

عذرًا إذْ "شَبَحْتُ" بمسطرةِ الكمِّ

كيفا

وانهمكتُ عنِ الموصوفِ

أناقشُ

وصفا

.

عذرًا لسيّدٍ صامدٍ في الجنوبْ

قدْ أحبّتكَ شعوبْ

حدَّ القداسة،

احتفلتْ بالنّجمِ الحسينيّ يلوّنُ معانيكَ في لمعانِ عينيها

صلّتْ عليكَ كما صلّيتَ عليها

عُدْ إليها

ولا تنقلبْ لديها

ستأخذ بيديكَ وتقبّلْ راحتيكَ

طالما أدركتَ راحتيها

.

عذرًا فلسطينُ

حبُّكِ خمرةٌ.. غيبةٌ حضورُكْ

سُكْرٌ صوفيٌّ نفيسْ..

شيوخُ البازارِ كثرٌ، يبيعونَ لفظَكِ ويشترونْ

يقامرونَ بكِ في مزاداتِ الكلامْ

كَسِدْتِ

إلّا في روحي

وروحي لنْ ترضاكِ بعدَ اليومَ إلّا طازجةً منْ تنّورِ حلمي

صناعةً يدويّةً ُسُلَّتْ خيوطُها منْ خطوطِ نقشٍ مسماريٍّ

 

ينامُ في كفِّ جدّةٍ

تركتْ ملامحَها

 

على غُصْنِ حجلْ

أملْ

.

عذرًا "لقنواتِ الفتنةِ"

عجزتْ أدمغتُنا عن ابتكارِ وصفةٍ كهنوتيّةٍ تشرحُ مأساتنا

فجعلناكِ كلَّ كلِّ القضيّة

.

عذرًا يا شمّاعةَ المؤامرة

علّقنا عليكِ كلَّ هزائمِنا

تخاذلِنا.. تخلّفِنا

أثقلناكِ بنا

أطعْنا باسمِكِ أولي أمرِنا

وكلّما أضاءَ نبيٌّ شمعةً في ظلامِنا

نهقْنا:

"مؤامرة.. مؤامرة.. مؤامرة"

 

سمحنا لكلِّ غازٍ أنْ يستوطنَ أعضاءَنا التّناسليّةَ

قرونًا

أنْ يتغلغلَ إلى منيِنا

وبويضاتِ نسائِنا

وعندما بدأنا نستخلصُ أكاسيرَنا من صهيلِ دمائِنا

تذكّرنا فجأةً أنَّ في معاجمِنا مصطلحًا عبقريًّا

يكفِنا جهدَ الاجتهادِ

يريحُنا

نعقْنا: "تدخّلٌ أجنبيٌّ"

شَبِقْنا

نَزِقْنا

عَرِقْنا

وصدّقنا أكاذيبنا "البيضاءَ"

ولم نكتشفْ

بعدُ

أنّا سَفِهْنا

صَفِقْنا..

.

العذرُ قلبي

صورُ الضّحايا والجنائزِ والمآتمِ

مضغتْكَ

مصّتْ سوائلَكَ

صرتَ ملحًا

ثمَّ

على رصيفِ البرودِ

بلغمًا

بصقتْكَ

بُغتةً،

كما المعتادُ

تمرُّ صورةٌ أخرى

تصرخْ قرفًا بعدَ أنْ تكتشفَ

أنّها

- على عجالةٍ –

داستْكَ

.

العذرُ عقلي

كلُّ العذرِ منْكَ

فعاطفتي تغلّبتْ بي عليكَ

كنتُ أرى الأشياءَ بعَيْنيْ آخرينَ

لا بعينيكَ

سأفقؤُ اليومَ كلَّ عينٍ ضلّلتْني

وأرتدُّ إليكَ

.

عذرًا يا أمّنا المواطنة

عجنّاكِ قطرةً قطرةً

فلمّا تدلّيتِ ناضجةً من شجرِ الشّوارعِ

رفضناكِ

قلنا لم يئنْ أوانُ الحلاوة

...

أنظرُ بينَ تلاميذِكِ

أرى يهوذا الاسخريوطيَّ في كلّ ركنٍ يثرثرُ

 

أنصتُ لليلِ حُداتِكِ

أسمعُ جاهليّةً تزمجرُ

أُذْعرُ

أَسُلُّ سؤالي صلاتي أصلّي عليكِ.. أصلّي عليَّ

أرفعُ إليكِ يديَّ إليَّ:

"عليكِ سلامٌ

يومَ وُلدتِ

ويومَ قُتلتِ

ويومَ تُبعثينَ اليومَ حيّة

 

يا هوًى . هواءً . هويّة

 

مجّدي أبانا الّذي في الأنا

خلّصيني

خلّصي

سوريّة"


.........................................................................


لمشاهدة جميع مواد ملف "عامٌ على الثّورة": 

http://www.arabs48.com/?mod=articles&ID=88595

التعليقات