25/02/2012 - 00:46

شذراتٌ مِنْ رَحِمِ المرايا / أنوار سرحان

رؤيا رأيتُكَ تبني سلّمًا.. رأيتُكَ ترفعه شاهقًا رأيتُكَ تتسلّقُ دونَ تردّد… لم تخجلْ إذْ ضفّرتَهُ مِنْ دمِ الشّهداء!

شذراتٌ مِنْ رَحِمِ المرايا / أنوار سرحان

 

"منذُ هجرتَ، يا نرجسُ، بحيرتي / حلَّ الجفافُ وعرفتُ اليَبابْ.."

 

رأيتُهم جميعًا هناك، كانَ الألمُ يتقاطعُ بالأمل، وكانتِ الألوانُ تتداخل، والصّرخاتُ تختلطُ حدَّ الفوضى،

ولكنّي أصغيتُ السّمعَ بكلّي.. فتبيّنتُ بعضًا ممّا قالوا:

 

عاجل
هشششش
إنّي أسمعُ خطوَ غيماتٍ حبلى بالصّراخ
إنّها تدبكُ فوقَ رأسي

نشور
مجدّدًا تناثرَ الجوريُّ والفلُّ والرّيحانُ فيّ؟!
مجدّدًا تعفّرَ عمقي بالتّراب؟
حينَ أقتلكَ في المرّةِ القادمةِ سأحرصُ إِذَنْ أَنْ تموتَ جيّدًا،
فقدْ سئمتُ نبشَكَ كلَّ مرّةٍ للقبر!

شاشة
رجلاهُ تسبحانِ إلى أعلى رافستَينِ الهواء
رأسُهُ غارقٌ في المستنقع
فمُهُ إذا ما انفتحَ ليصرخَ مستنجدًا سدّه الوحلُ فعادَ يزدرده بصمت
صرخاتُ المصعوقينَ لا تنفذُ لأذنيه:
مَن الّذي قلبَ العالمَ عقبًا على رأس؟!

عيون
بريقُ بهاءٍ هذا
أم لمعةُ قضبانٍ سُرقَ مفتاحُ قفلها
فانحبستْ خلفَها الدّموع؟

فالانتاين
لأنَّ الطّعناتِ لا تُمضَغُ يا حبيبي
تتجمّعُ مرارتُها عندَ بابِ اللّسان
ولأنّ الضّرباتِ لا تذوب
تتكاثرُ على الجسدِ النّدوب
فلا تسألْني إذا ما التقينا
عن دكنةِ جسدي المخشوشن
وطعمِ الحنظلِ ينبعثُ مِنْ قُبلتي
سَلْني فقطْ عَنْ عددِ الضّرباتِ والطّعنات

قبلة
قبلتُكِ الّتي انتظرتُها أشواقًا
قبلتُكِ الّتي التهمتْني بلهفة
قبلتُكِ الّتي صبغتني بالحُمرة
كانتْ خاليَةً من الماكياج
كانتْ مغرَقَةً بالدّمّ!

دم.. دم
كفّي عن الصّراخِ قليلاً أيّتها المرآة.. وافهمي:
لم أُقتَل بعد..
إنّه العالمُ المسكينُ الرّابضُ فوقَ رأسي..
تفيضُ دماؤُهُ عليَّ فتغرقني…

جريح
أسنانُ صمتِكَ الّتي مضغَتْ لهفتي، خلّفَتها ممزّقة.
يا صدقَ اللّهفةِ غفرانَك..
ثمّة ما لا يُرتَق!

ذهول
اشتهيتُ صدرَكَ يحضنُ رأسي ودموعي،
قلبَكَ يضمُّ شكوايَ مِنَ الطّعن
يدَكَ تمسّدُ جرحي فيندمل...
لوهلةٍ، نسيتُ أنّك هذه المرّة كنتَ القاتل!

صرخة
لم تكُنْ سيجارةً أيّها التّافه...
كانَ عُمري

غياب
منذُ
 هجرتَ، يا نرجسُ، بحيرتي
حلَّ الجفافُ وعرفتُ اليَبابْ..
ولكنّي أغفرُ لَكَ أيّها المخدوع
لولا مراياهم لاتَّخَذْتَني سرمدًا

تعويذة
أعوذُ بعشقِكَ مِنَ الوجع
ألوذُ بضحكتِكَ مِنَ الدّمع
وحدُهُ طيفُكَ اليومَ كَوني

وجع
لا ليسَ العالمُ أعور
لقد باتَ أعمى يا بنيّتي..
وما أشدّ قتامةَ الشّريطِ الأسودِ على عينيه

رؤيا
رأيتُكَ تبني سلّمًا..
رأيتُكَ ترفعه شاهقًا
رأيتُكَ تتسلّقُ دونَ تردّد…
لم تخجلْ إذْ ضفّرتَهُ مِنْ دمِ الشّهداء!

مسيرة
هذا اللّهاثُ مِنْ مشقّة التسلّق
هذي السّلالمُ الّتي تكادُ تنهارُ قبلَ أَنْ نكملَ الصّعود
هذي الانفاسُ الّتي تتقطّع....
كمْ سماءً ينبغي أَنْ نحطّمَ قبلَ أنْ نصلَ إلى المصطبة!

ثمّ وشوشَتني العجوز
الثّورةُ يا صغيرتي؟؟

- أَنْ يسعى أناسٌ لإحياءِ حلمهم المغتال، ولو بأغلى الأثمان،
أَنْ يموتَ أبرياءٌ كثيرون دونَ أَنْ يحزنوا، وتزغردَ أمّهاتهم رغمَ الفجيعة،
أَنْ تختلطَ صرخةُ المظلومِ والظّالم..وأَنْ يجدَ حتّى الأغبياءُ فرصةً لاستعراضِ "وعيٍ مزيَّف"..
أَنْ ينقسمَ العالمُ فرَقًا فرقًا، أَنْ يبتلعَ الكثيرون غصّاتٍ باقية، وأَنْ يسقطَ طاغية!
ثمّ أن تأتي جماعاتُ كلابٍ ضالّةٍ مسعورة، ترقصُ فوقَ الجثثِ والدّماء،
وتقطفُ الوردَ الّذي حلمنا بتفتّحِهِ، حتّى تنسجَهُ تاجًا تضعُهُ على رأسِ طاغيةٍ جديد…
يغتالُ حلمَنا بطريقةٍ أخرى!

التعليقات