15/03/2012 - 12:01

أيّها الشّاعر العابر شوارع حمص بنعالٍ من رصاص / المثنّى الشّيخ عطيّة

يا أنت يا رجل يا حمصيّ يا محتار.. اسمح لي أن أقبّل في جبين طفلتك النّهار أن أقبّل الجرح على جبهتها وأن أرفع بندقيّتي في وجههم وأطلقُ النّار

أيّها الشّاعر العابر شوارع حمص بنعالٍ من رصاص / المثنّى الشّيخ عطيّة

ملف "عامٌ على الثّورة".

 

 

أيّها الشّاعر العابر شوارع حمص بنعالٍ من رصاص

المثنّى الشّيخ عطيّة

أيّها الشّاعر الرّائي بنظارةٍ من غبار

أيّها العابر السّائر في شوارع حمص

باحثًا دون جدوى وسط القنص والرّاجمات

عن "وشاحٍ من العشب ترتديه أمّهات القتلى"

في زمن المجازر السّيرياليّة واجتراح المعجزات

شاردًا إلّا عن همّ إشعال غليونه المطفأ

من ريح قذيفة دبابةٍ لم يسأل أين سقطت

أيّها الشّاعر المستقبليّ المزهوّ بعمامة المهديّ

بارزًا يشير له النّاس، شفّافًا لا يراه الرّصاص

أيّها الكبير المتعالي بتواطؤ ديكتاتورٍ صغير

أيّها الشّاعر المهذّب الّذي يلوم "رئيسه المنتخب"

لم لا يضع الزّهور على جثث الأطفال الّذين ينزع أرواحهم

أيّها الشّاعر "المفرد.. بصيغة جمع" من الشّبيحة

يسجدون لمسخٍ شبّيحٍ رأوا فيه صورتهم

أيّها الشّجّاع الّذي لا يعبأ بأشلاء "الرّعاع"

 

متناثرةٌ حوله في النّار والتّراب والدّخان

يدُ طفلٍ هنا، قدم رجلٍ هناك،

قطعة لحمٍ ما تزال معلّقةً في الهواء

كأنّها من رأس بنتٍ..

أيّها المناغم خطوته على موسيقى فاغنر بين الأشلاء

دون أن يخلخل إيقاعها صوت انفجارات القنابل

أيّها المغلق أذنيه عن صوت تكبير المآذن على الجثث..

كي لا يلوّث التّكبير موسيقى احتفالها بجائزة نوبل

أيّها الشّاعر "العابر شوارع حمص بنعالٍ من رصاص"..

ثمّة رجلٌ يمشي في شوارع حمص بجانبك

محتارًا ماذا يفعل!

بالطّفلة الّتي يحملها بين يديه

بالطّفلة النّائمة كما يليق بأميرةٍ حمصيّة نائمةٍ

لا يعكّر صفو غفوتها سوى

لطخةٍ حمراءَ على جبهتها

تبدو مثل ثغرةٍ مفتوحةٍ رغم تعميتها

دون جدوى من مقصّ الرّقيب

أيّها الشّاعر الأريب، العارف..

ثمّة رجلٌ تظهره الكاميرات بجانبك

يحمل جثّة طفلته وما زالت تأكله المخاوف

على طفلته،

رجلٌ قد لا يعني شيئًا لك

لكنّه يحمل طفلته ومحتارٌ أن يسألك

أيّها الرّائي إن كنت تعرف مشفىً ميدانيًّا

لم يحوّله القصف بعد إلى مقبرة!؟

أيّها الشّاعر المتكابر بحجم مجزرة..

ثمّة رجلٌ إلى جانبك، في شوارع حمص

يمشي بين أنقاض باب عمرو، البيّاضة، باب السّباع

القصور، الخالديّة، الوعْر، وكرْم الزيتون

وما لا تريد أن تسمع من أسماء أحياء

تقاوم الموت صابرةً تحت نار القتل

أيّها الشّاعر المهووس بالأسماء

وليكن من يكن اسمك.. ثمّة رجلٌ في شوارع حمص..

يحمل جثّة طفلةٍ لا يصدّق أنّها جثّة طفلته

يمشي ذاهلاً في مدينة محاصرةٍ بالمسوخ

يدقّون أكفّها بالرّاجمات على خشب الصّليب

أيّها الشّاعر الأريب السّائر في شوارع حمص

ثمّة رجلٌ تظهره الكاميرات بجانبك

يلقي ثياب العار على عراء الشّعراء

أيّها الشّاعر العاري في شوارع حمص

دعني أخاطب الرّجل الّذي بجانبك

يا أنت يا رجل يا حمصيّ يا محتار أخاطبك..

أنت يا ابن مدينة الشّعر، يا ابن مسيحة الخلاص

يا ابن من ارتضت باسمةً أن تكلّل رأسها

بتاج الشّوك تحت الرّصاص

أن تسمح لي أنا الرّجل الدّامع القلب

أن أقف معك مواجهًا دبّابات الشبّيحة المسوخ

حارسًا نوم أميرتك النّائمة..

من قطعان الشّبيحة النّاهشة للجثث

يا أنت يا رجل يا حمصيّ يا محتار..

اسمح لي أن أقبّل في جبين طفلتك النّهار

أن أقبّل الجرح على جبهتها

وأن أرفع بندقيّتي في وجههم

وأطلقُ النّار

.........................................................................

اضغط لمشاهدة جميع مواد ملف "عامٌ على الثّورة": مخاض الثّورة السّوريّة.

التعليقات