28/04/2012 - 00:35

في الكويكات / علي عبيدات*

سقط الجدار عن الخليقة، وتهاوى الحاجز أمام صوت العزيمة، أمة تحت حراب الحرب لا زالت عظيمة، وطفلة تجوب بعينيها أرضا سليبة، ورفاق جاؤوا يزرعون الأرض حبًّا وحميَّة، فتىً حمل القضية، وفتاة حملت هواها القدسي من قلب المدينة، فنما الأمل على جدران الهزيمة.

في الكويكات / علي عبيدات*

سقط الجدار عن الخليقة، وتهاوى الحاجز أمام صوت العزيمة، أمة تحت حراب الحرب لا زالت عظيمة، وطفلة تجوب بعينيها أرضا سليبة، ورفاق جاؤوا يزرعون الأرض حبًّا وحميَّة، فتىً حمل القضية، وفتاة حملت هواها القدسي من قلب المدينة، فنما الأمل على جدران الهزيمة.

في الطريق من القدس إلى الكويكات، كانت كل الأصوات نشاز، وحده صوت الأرض ينادي، فيعزف مقامات نهاوندٍ وحجاز، أنا هنا في أرضي، هذه أم الفحم، هذه باقة، من هنا الناصرة، ومن هنا سخنين، لا حواجزكم منعتني، لا قيودكم، لا رصاصكم المطاطي ولا قنابل الغاز.

في الطريق من القدس إلى الكويكات، كانت كل الصور مشوشة، إلا صورة الجليل، حملنا كعك القدس وعنب الخليل، قدسيَّةَ بيت لحم وهواء رام الله العليل، تحدثنا عن اعتقالاتكم، عن عهركم، وذهبنا نبرق التحية لرفيقٍ حبستموه في البيت، وقلنا كلنا يا رفاقي خليل.

كانت الحافلة بمثابة مركب يسير، طائر عنقاء إلى الأرض يطير، هذي حرة، وهذا ثائر، وذاك أسير، كل ما في الأمر يسير، قل فقط سأصير.. سأصير يوما صوتا يعبر الأرض يخترق الأثير، فالوصول من القدس إلى عكا يا رفاقي لم يكن يوما عسير.  

في الكويكات، أنت لست مقدسيا ولا فحماويا ولا نصراويا ولا سخنينيا، لست ضفاويا ولا غزاويا، أنت لست فنانا ولا مثقفا ولا صحفيا ولا شاعرا، في الكويكات أنت فقط فلسطيني ثائر، جئت تحمل لأشجار الزيتون البشائر، حلقت خلف الجدار كما الطائر، وجئت تروي عشقك الأبدي لأرض ليست بعاقر.

ذابت كل الألوان وارتفع العلم، عاليا محلقا في القمم، صاحت الحناجر وصمت القلم، وراح صوت الكويكات وعَمقا ينادي الأمم، عربية فلسطينية ولو عادي ظلم، ونشيد موطني يدق جدارن الصمت ويشحذ الهمم، فلسطيني يحيي العدم.

صوت الزيتون ينادي، هذي الكويكات بلادي، هذي عمقا بلادي، مهجة القلب بلادي، عشق روحي وفؤادي، جئت حاملا علمي أقهر به الأعادي، أكتب على حبات التراب لغة الضاد، أرسم صورة أهلي وأجدادي، لك روحي لك قلبي، لك نضالي وجهادي.

طفلة كتبت على أشجار الزيتون سنعود، وشابٌّ صاح بأعلى الصوت أنا موجود، وآخر أخفى بطاقة هوية كي لا يراها الجنود، وشابة صرخت بأعلى صوتها للأسرى، لبلال وثائر للينا وورود، نحن عنوان الصمود، نحن لفلسطين جنود، لا تفرقنا حواجز ولا حدود.

في الطريق من الكويكات إلى القدس، وحده ليل الأرض يؤنس وحدتي وفراقي، صورة أحبتي ورفاقي، وحده صوت أغنية سمعتها ورحت طوال الطريق أرددها: "وصلت الجليل ورحت الكويكات، خلف الحواجز رحت متسلل، ومشيت وحدي سابق الخطوات، وعلى تراباتها الميّات بتسيل".

 

* صحفي من القدس المحتلة.

التعليقات