01/06/2012 - 04:07

العنصرية، من زاوية أخرى / إياد برغوثي

قبل قدوم الهجرة الصهيونية "البيضاء"، أواخر القرن التاسع عشر وخلال القرن الماضي حتى النكبة، استوعبت المجتمع العربي في فلسطين هجرات من شتى بقاع الدنيا، وخصوصًا من باقي مناطق بلاد الشام (حوران وشرق الأردن) ومن العراق والحجاز ومصر، بالإضافة إلى أتراك يونان وقبارصة بدرجات أقل، وكانت طبعًا هجرات من أفريقيا وخصوصًا من السودان في فترة حملة إبراهيم باشا على فلسطين وفي فترات أخرى سابقة ولاحقة.

العنصرية، من زاوية أخرى / إياد برغوثي

تراجعت عن كتابة زاوية هذا الأسبوع حول العنف العنصري ضد اللاجئين الأفارقة في جنوب تل أبيب، وقرّرت أن اكتب عن العنصرية العرقية في مجتمعنا الفلسطيني. 

تراجعت رغم أن الظاهرة تأخذ منحى خطير، ضرب واعتداءات ومظاهر فاشية كاملة متكاملة (إحدى ليالي تكسير زجاج بيوت الأفارقة سميت ب"ليلة البلور" تيمنًا بليلة تكسير الكنس اليهودية في ألمانيا الثلاثينيات) وتصريحات شعبوية نارية لأعضاء كنيست مترجمة حرفيًا عن خطب نازية، واقتراحات من وزير الداخلية بزجّ عشرات الآلاف في معسكرات تركيز، وبغض النظر عن رفض هذه الظاهرة بحدّ ذاتها قيميًا ومبدئيًا وسياسيًا، إلا أنّ المقلق فيها هو انتشار خطاب وممارسة "اسئصال" عرقي يحرّك فئات شعبية مهمّشة قد يحوّلها "بعد إتمام المهمة ونجاحها" إلى "عنوان" آخر، وقاعدة التحريض ضدنا قائمة وتجارب التطهير العرقي يعرفها أجدادنا كما يعرفها أهل الغور والقدس اليوم.

قبل قدوم الهجرة الصهيونية "البيضاء"، أواخر القرن التاسع عشر وخلال القرن الماضي حتى النكبة، استوعبت المجتمع العربي في فلسطين هجرات من شتى بقاع الدنيا، وخصوصًا من باقي مناطق بلاد الشام (حوران وشرق الأردن) ومن العراق والحجاز ومصر، بالإضافة إلى أتراك يونان وقبارصة بدرجات أقل، وكانت طبعًا هجرات من أفريقيا وخصوصًا من السودان في فترة حملة إبراهيم باشا على فلسطين وفي فترات أخرى سابقة ولاحقة.

واجه ويواجه الفلسطينيون من أصل أفريقي عنصرية من أبناء بلدهم، وقد اطلق عليهم مصطلح "عبيد" وعوملوا بقسوة وتعالٍ وهمّشوا في المجتمع، حتى أنّ الكثيرين يستغربون من وجودهم في عكا والقدس وشعب وجسر الزرقاء وكفر قاسم ورهط والرملة ومناطق أخرى، أبناء شعبنا من أصل أفريقي يواجهون عنصرية مضاعفة، أولا من قبل إسرائيل كعرب فلسطينيين وثانيًا من قبل مجتمعنا نفسه ك"سود"، هذه العنصرية المضاعفة والتهميش أدّيا إلى أزمات اجتماعية خطيرة داخل مجتمعنا، حان الوقت لنتعامل معها بجدية.

من يرفض العنصرية ضده من "الآخر" عليه بالتأكيد أن يرفض العنصرية ضد "آخر" منه وفيه.

التعليقات