02/05/2014 - 19:49

في الحاجز../ إحسان موسى أبو غوش

على بُعْدِ ميلٍ وَخمسٍ وَكَعبَيْن هُناكَ سَذاجَةُ جُنْدي أتى منْ بلادِ الظّلامْ

في الحاجز../ إحسان موسى أبو غوش

 

ألّا تتأنّى بمشيكَ حيثُ تَسيرُ
كما أنتَ
فوقَ الرُّكامْ
تَدوسُ تُرابًا يُغَطي بسطحٍ سميكٍ
جُذورَ الحكاياتْ
على بُعْدِ ميلٍ
وَخمسٍ وَكَعبَيْن
هُناكَ سَذاجَةُ جُنْدي
أتى منْ بلادِ الظّلامْ
فَيَصْنعُ الذّكريات
يُحرِّفُ تاريخَ أغنيةٍ ظَلّتْ
تُراقصها الكَلماتْ
على بُعْدِ مترٍ
وَسَبْعٍ وَرُمشَيْن
ترى حاجزًا
يُكبّلُ طيرًا
يودُّ الوُصولَ
إلى سِدْرَةِ المُنْتَهى
نَحوَ أثيرٍ مُنَخّلْ
منَ العَقَباتْ
"مكانكَ قِفْ أيّها الشيخُ
واخلَعْ نِعالَكَ وانْفُضْ غُبارَ
صَدى الموتِ عنها
من الزّيرِ سالمْ
إلى جُندِ عمرٍو
وما جَمَعتهُ الكِتاباتْ
وجرِّدْ وجودَكَ منْ بَرْزَخِ الأمسْ
لأنّكَ عِندَ الصِّراطِ
تَمُرُّ جحيمًا لِدَانْتي
إلى جَنّةِ الصّالحاتْ
وأبرِزْ هُويَّتَكَ الأبجديّة
ولا تُظْهِرِ اللونَ
لا ضَيْرَ باللونِ إلّا
بأحرُفِهِ العَربيّة
وَلا تنسَ ضَبْطَ
خُطوطِ جذوعِ الشَّجَرْ
فَلا وَقْتَ للوَقْتِ عِندَ الحَواجِزْ
فَلا وقْتَ للوَقت
ولا تَعْبُرِ الحدَّ إلّا
إذا شاءَ ربُّ البَشَرْ"
وَقَفْتُ قُبيلَ الحَواجِزْ
أراقبُ صَمْتَ السّماءْ
وَضَوضاءَ باعةِ تينٍ وَزَيْت
وطِفلًا يُسائِلُ مُشاةَ الأملْ
يُحدِّقُ عَبْرَ الفَضاءْ
وَيَبْحَثُ عنْ مُفرَداتِ الطّفولَةِ
وراءَ الصُّوَرْ
وَكهْلًا بِقَهْرِ الزّمانِ
يَوَدُّ الرّجوعَ بِعُمْرِهِ
للخَلْفِ عَبْرَ الصّدى والحَجَرْ
هُناكَ فَتاةٌ تجاوَزَتِ العُمْرَ
مِنْ كثرَةِ النَّكَساتْ
تؤجِّلُ وَضْعَ الجنينِ
بُعَيْدَ الحَواجِزْ
"أسَميهِ بِشرًا
أنيرُ بِهِ ظُلْمَةً في الوَطَنْ
قُبيلَ ظُهورِ القَمَرْ"
فلا ذَنْبَ لي لا
ولا لِأبي حيثُ أخرَجَني مِنْ
سَوادي المُقَدَّرْ
فَنحوَ وضوحِ النّهار
فلا ذَنْبَ لي، لا لقَوميَّتي
حَيثُ أحملُها في خَيالي المُعَطّرْ
فلا ذَنْبَ لي في حِفاظي على
مَلْمَحِ الوَجْهِ، لَحْنِ الأمَلْ
عَلى لُقْمَةِ العَيْشِ مِنْ مِلّةِ الخُبزِ
والزّيْتِ والزّعْتَرْ
سَنَحْفِرُ صَخْرَ الحواجِزْ
بِرُمشِ العُيونِ
ونَدْفِنُ جَهلَ النُّفوسِ
لِقَعْرِالحُفَرْ
فلا ذَنْبَ... إلّا إذا شاءَ ربُّ القَدَرْ

التعليقات