إلى الشهيد زياد أبو عين
سيدخلُ عمّا قليلٍ علينا
ويُلقي السلامَ ،
ويجلس ُ مبتسماً ..
ثمَ يُشْعِلُ سيجارةً،
أو يُنادي على نادلِ النارِ؛
هَبْ لي ،بلا سُكّرٍ، قهوتي الفاحمة.
يردُّ بإصبعهِ شَعْرَ غُرّتهِ
فهيَ مُهمَلَةٌ
مثلَ سنبلةِ الجدولِ الناعمة !
يُطمْئنُنا أنّه سوف يزرعُ ما خلعوا..
بل يغطّي المدى بغاباتِ نظرتهِ
الحاكمة .
أو يثوبُ إلى رشْدِهِ قائلاً ؛
سترى كيف أجعلها جنّةً ،
مثلما بدأت في كتابِ الزمانِ ،
مُعَلّقةً حالمة !
لن يتركوكَ تُتَمِّمُ ما اجترحَ الشهداءُ
وأخشى من العضّةِ النادمة ..
فليقتلوني ، إذاًْ ، دون حقّي ،
ولا عيْش للأنفسِ الراغمة .
.. وكيف أرى غَرْقَداً في التلالِ
وعوسجَ أشواكهِ قائمة ؟ وأهتفُ
عاش السلام لِعَمّوُرةِ القتْلِ
والحَرْقِ
والدّهْمِ والهَدمِ
والضربةِ القاصمة ..
والسيّدُ العَدلُ أعمى !
يرى ما يرى القاتلون
لميزانِ كفّتِهِ الغاشمة ؟
ثمّ يسأل عمّا جرى في الدهاليز ،
ينصتُ، يقطعُ، ينفي، يُصادقُ ،
يضربُ كفّاً بكفٍ،
وتطفحُ عيناهُ ..
يكوي الذي قد يراهُ ..
وتبقى على حالها غائمة .
كان يجمعُنا مثلما تفعلُ الأُمّهاتُ
بلا موعدٍ ، حولَ قصّتنا الغارمة .
ويدهشهُ أنّنا في العزاءِ المُقيمِ
وأنّ قيامتَهُ .. قائمة ؟
سيضحكُ منّا ويبكي علينا ؛
فَهَذي البدايةُ للشجرِ الحُرِّ
حتى يظلَّ على عَرْشِهِ الأبديِّ ..
وليس َ كما تهجسُ الخاتِمة .
وأسألُ ؛
كم مرّةً سوف يأخذكُ النايُ
للسجنِ والجرحِ والغازِ ..
حتى انتباهةِ عينيكَ في برزخِ
الظُلمةِ الدّاهمة ؟
وكم مرّةً ستموتُ ، ليعرفَ مَن غابَ،
أنّكَ قلبُ الترابِ
ونارُ الصفيحِ
ودربُ المسيحِ
وأنكَ ماضٍ
ولن تستريح ..
لتوقظَ جمرَتَنا النائمة .
ومَن سنُمازحُ في سهرةِ الأصدقاءِ
إذا التبسَ الحرفُ،عَمْداً،
ولا مَن يُفارقُ معنى الحكايةِ !
لكنَّه الحُزنِ يغلبُ أفراحنَا القاتمة .
ومَن سيجيءُ ،
وقمصانُهُ غيمةٌ لا تبالي ،
فيمطرُ من ظمأٍ للسهولِ
إذا عَزَّ فَيْضُ السيولِ
وجفَّت ينابيعها الهائمة ؟
تجلّيتَ يا صاحبي مثلَ زيتونةِ الحقلِ ،
أو مثلَ ليمونةٍ طبعوا خدّها للعروس ،
وأكملتَ زينتك َ، اليومَ ، فاخرُجْ علينا
لنعرف أنّ البلادَ لها عشقُها المستحيلُ،
وأنّ لأعراسها الأخْذةَ الحاسمة .
التعليقات