01/07/2015 - 22:25

حب، حياة، تلاقي ....وداعش / ميساء منصور

ينتشرُ " القارص " في هذه اللّيلة بشكلٍ مزعجٍ للغاية، الكثير من الدراسة أمامي تنتظرني لأنهيها، الامتحان في الغدّ، وفي الحقيقة عقلي لا يستطيع التركيز في كلّ هذا ضمن كلّ ما يحدث.

حب، حياة، تلاقي ....وداعش / ميساء منصور

ينتشرُ ' القارص ' في هذه اللّيلة بشكلٍ مزعجٍ للغاية، الكثير من الدراسة أمامي تنتظرني لأنهيها، الامتحان في الغدّ، وفي الحقيقة عقلي لا يستطيع التركيز في كلّ هذا ضمن كلّ ما يحدث.

برغم أن المادة الّتي سأُمتحنُ بها غدًا جميلة وممتعة، وتتوافق مع رغباتي بشكلٍ مزعج، ربما بسبب توافقها أشعر بالانزعاج. الشعر القديم هو أحد الأشياء الآسرة بحق، للذي يستطيع فهمه واحتواءه، فهو إطلاقًا لا يتشابه مع ما نسميه أدبًا بشيء، ولو نظرنا إلى تاريخنا –على الأقل من وجهة نظري- لوجدنا أن الشّعر القديم والأندلس هما أجمل ما تُركَ لنا.

أفتح حاسوبي وأنا أجلس أمام البيت، يعود أخي متعبًا كلّ مساءٍ من عمله، اضطر لترك الجامعة والعمل لسنةٍ على الأقلّ ليتمكن من تجميع قسط تعليمه، كون والدي ليس مليونيرًا بطبيعة الحال، وأنا وأختي تبقى لكلٍ منا سنة، أما هو فما زال في البداية، فوجدنا أن هذا الحلّ هو الأقلّ مرارةً على قلوبنا، أختي تنظفُ المطبخ من عوالق فطور رمضان، تقوم هي بالتنظيف لأنها في عطلةٍ دراسية بسبب انتهاء الفصل الثاني في الجامعة الأمريكيّة، وأنا أجلس واضعةً أمامي علبة ' بلو ' والقصائد الّتي تعلمناها خلال السنة، أحاول الدراسة وأفشل في ذلك، أفتح الحاسوب وأكتب نصًّا لأشعر أني ذات قيمة.

فإن كان شيئ سيعطيني ما أرغب فيه في النهاية، لن يعطيني شيءٌ هذا الأمر كما تعطيني الكتابة.

صباح اليوم استيقظتُ على خبر هجوم مسلح من قوات داعش على شمال سيناء، لوهلة أصابتني صدمة، لم أكن أريد أن أصدق الخبر، غيّرت من قناة الجزيرة إلى المنار ثمّ الميادين فالعربية فالقدس، حتى أني لأوّل مرّة أنفي كلّ قنوات الأخبار العربيّة وأتوجه إلى ' عروتس شتايم ' القناة العبرية الثانية، فكان الخبر بها متوافقًا مع ما نقلته القنوات الإخبارية العربيّة.

عدتُ إلى القنوات العربيّة لأتابع ما يحدث؛ مقتل ستّينَ جنديًا مصريًا في المواجهات مع داعش، كمين يصيب مدافع للجيش، بيان لداعش حول الأحداث في سيناء.. ومع كلّ حدث كان قلبي ينقبض أكثر، وسؤالٌ على حافة قلبي قبل أن تنطق به شفتاي: إلى أين ستذهبُ مصر بعد؟

الدمار والقتل الّذي شاهدناه بأمّ أعيننا في سوريا والعراق واليمن، جعلنا نخشى فعليًا من أيّ دمارٍ مقبلٍ على أيّ بلدٍ عربيّة، الآن بصرف النظر عن الصراع السياسي المحتدّ في مصر بين الاخوان والنظام، السيسي ومرسي، اغتيال النائب العام، تراشق الاتهامات، مقتل المدنيين، رابعة، ميدان التحرير، الثورة.. الآن مهما كان اتجاهك السياسي يجب أن لا تكون فرحًا بدخول داعش إلى مصر، دخولها إلى هناك سيقلب المعادلة، سيقلب مصر، ستنفجر، ستموت، ستتحول لساحة حربٍ أخرى كباقي الدول العربيّة!

بين كلّ الأحداث الّتي لا تنتهي من حولي، أعود من جديدٍ إلى قيس والمتنبي، أتساءل كيف كانت الحياة آنذاك، حين كان الأمان سيد الموقف، هل في ذلك الزمن فقط وجدوا الوقت للحبّ الحقيقيّ، الحبّ الّذي يتجسّد أمامي الآن ببيتٍ شعريٍّ لقيس:

وقَد يَجمعُ الله الشتيتينِ بعدما    يظنَّانِ كلَّ الظّنّ أن لا تلاقِيا

ونحنُ الّذين نقفُ على فوهة بركان، قد تنفجر بنا في أيّ لحظة، هل تركت لنا هذه الفوهة أيّ مجالٍ للحبّ، للحياة، للتلاقي؟

التعليقات