05/07/2015 - 10:35

سيرة ذاتية/ ناظم حكمت

سيرة ذاتية/ ناظم حكمت

وُلدتُ في 1902
لم أعد أبدا إلى مسقط رأسي
أنا لا أحب العودة إلى الوراء
في الثالثة كنت أعمل حفيدًا لأحد الباشاوات في حلب
في التاسعة عشرة طالبًا في الجامعة الشيوعية فى موسكو
في التاسعة والأربعين عدت إلى موسكو كضيف لحزب التشيكا
وكنت شاعرا منذ أن كنت في الرابعة عشرة
بعض الناس يعرفون كل شيء عن النباتات وبعضهم عن السمك
وأنا أعرف الفراق
بعض الناس يعرفون أسماء النجوم عن ظهر قلب
وأنا أحفظ الغياب عن ظهر قلب
نِمْتُ فى سجون وفي فنادق كبرى
عرفت الجوع حتى جوع الإضراب عن الطعام
ولا يوجد تقريبا طعام لم أذقه
فى الثلاثين أرادوا أن يشنقوني
فى الثامنة والأربعين أن يمنحوني جائزة السلام
وهذا ما فعلوه
فى السادسة والثلاثين افترشت أربعة أمتار مربعة من الأسمنت المسلح طوال نصف عام
فى التاسعة والخمسين طرت من براغ إلى هاڤانا في ثماني عشرة ساعة
لم أر أبدا لينين ووقفت أراقب تابوته في الرابعة والعشرين
في الـحادية والستين القبر الذي أزوره هو كُتـُبُهُ
حاولوا أن يزيحوني بعيدا عن حزبي
ولم ينجحوا
ولا انسحقت أنا تحت الأصنام المتهاوية
في الحادية والخمسين أبحرت مع صديق شاب عبر أسنان الموت
في الثانية والخمسين قضيت أربعة أشهر راقدا على ظهري بقلب مكسور
منتظرا الموت
كنت غيورا على النساء اللاتي أحببتهن
لم أحسد تشارلي تشاپلين أبدا
خدعت نسائي
لم أغتب أصدقائي مطلقا
شربت ولكن ليس كل يوم
كسبت مال خبزي بأمانة ويا للسعادة
وقلقا على آخرين كذبتُ
كذبتُ حتى لا أؤذي شخصا آخر
لكنني أيضا كذبتُ بلا سبب على الإطلاق
ركبتُ قطارات وطائرات وسيارات
معظم الناس لا يجدون الفرصة لذلك
ذهبتُ إلى الأوپرا
معظم الناس لم يسمعوا أصلا عن الأوپرا
منذ الحادية والعشرين لم أذهب إلى الأماكن التى يزورها معظم الناس
المساجد والكنائس والمعابد والمحافل والسحرة
لكننى جعلتهم يقرأون لي ثفل قهوتي
كتاباتي منشورة في ثلاثين أو أربعين لغة
وهي ممنوعة فى بلدى تركيا في لغتي التركية 
السرطان لم يصبني بعد
ولا شيء يقول إنه سيفعل
لن أكون أبدا رئيس وزراء أو شيئا من هذا القبيل
ولن أريد حياة كهذه
ولا ذهبت إلى الحرب
ولا حفرت في مخابئ القنابل في عمق الليل
ولم يكن علىَي أبدا أن أنطلق إلى الطريق تحت طائرات تنقضّ
لكنني وقعت فى الحب في الستين تقريبا
باختصار يا رفاق
حتى إذا كنت اليوم أئنّ في برلين من الحزن
يمكننى أن أقول أنني عشتُ ككائن بشري
ومَنْ يدري
كم سأعيش أكثر
وماذا أيضا سيحدث لي


كتبت هذه السيرة الذاتية في برلين الشرقية فى 11 أيلول/سپتمبر 1961.

التعليقات