20/07/2015 - 16:15

بين الزواج والحب ... والكتابة / ميساء منصور

أساسًا أنا أكتب لأني أحتاج الكتابة، الكتابة أمرٌ مفرغٌ منه في حياتي، هي لا تحتاجني ولا تحتاج في الحقيقة أيٍّ منّا، كلّ أصدقائي الّذين يمارسونها يعتقدون أنها الأمر الوحيد الّذي لا قدرة لنا على التنفس بدونه.

بين الزواج والحب ... والكتابة / ميساء منصور

قرأتُ ذات مرّة أن كلّ امرأةٍ تكتب، هي في النهاية تكتبُ لأجلِ حقٍ واحد، مهما تعددت المواضيع الّتي تُعالجها، ومهما طرحت أشياء فلسفيّة و 'عقدًا نفسية'، كما يحلو للبعض القول لي كلّما قرأوا نصًّا جديدًا يخصّني، ومهما كتبت عن الوطن والقضيّة، عن الحقوقِ واللا حقوق، المساواة وعدمها، الحواجز والاحتلال، الخيانة والإخلاص، فإنها في النهاية تعود ختامَ النّصّ لتخبر العالم عن حاجتها لحق القلب.

ربما كنتُ لا أختلف كثيرًا مع صاحب هذا الرأيّ، أذكر أني قرأته في كتابٍ صغيرٍ اسمه 'أخبريه أن يغفر لي' وقد كانت اقتبسته من كاتبٍ تركيّ، كانت مقولته هي ما اختتمت بها الكاتبة كتابها الصغير، وقفت عنده طويلًا، التقطتُ صورةً بهاتفي للمقولة وأرفقتها لصفحتي على 'الانستاجرام' لهدفٍ لا أدري كنههُ حتى الآن.

لا أدري لم خطر على بالي هذا القول بينما أنا مشغولةٌ مع ذاتي منذ عدّة أيامٍ في بحثٍ عن طريقةٍ أبدأ بها نصًّا جديدًا.

أساسًا أنا أكتب لأني أحتاج الكتابة، الكتابة أمرٌ مفرغٌ منه في حياتي، هي لا تحتاجني ولا تحتاج في الحقيقة أيٍّ منّا، كلّ أصدقائي الّذين يمارسونها يعتقدون أنها الأمر الوحيد الّذي لا قدرة لنا على التنفس بدونه.

قلت أننا مهما نكتب فنحن نطالب بحق القلب، وأنا أيضًا أتفق مع الكاتب التركيّ في هذا.

أعرف امرأةً فلسطينيّةً تسكن إحدى قرى الضفّة الغربيّة، تزوّجت قبل بضعة أعوامٍ رجلًا لا تحبّه، كانت قبله مليئة بالحياة تحبّ رجلًا يؤمن بالحبّ وبها... أذكر أن والدها أرغمها في ما بعد على الزواج بآخر، لم تستطع التأقلم مع حياتها معه، لم تتمكن طوال الأعوام الّتي قضتهم بجواره أن تعطيه حقه كما ينبغي ولا أن تعطيه قلبها. فعليًا هي كانت تخون عقد الزواج بينهما قلبيًا، وهو كان يمارس شغفه بها دون أن يشعر بمدى تقززها من الموضوع.

لم أستحضر قصّة هذه الصديقة هنا إلّا لغايةٍ في نفسي؛ أؤمن مثلي مثلكم أن الزواج هو اكتمال لكلا الطرفين، وهو الأمر الطبيعيّ الّذي يجبّ أن يكون كي تستمر الحياة على هذا الكوكب، وأنّه من أهم الأشياء الّتي يقوم بها كلٌ من الرجل والمرأة في حياتهما... ولكن، الزواج الّذي يُبنى على هدمِ حبٍّ سابق ليس زواجًا، والّذي يُبنى على أن يختار الأب أو الأم طبيبًا أو مهندسًا لابنتهم لأنه يملك مالًا كثيرًا وبيتًا كبيرًا ليس زواجًا.

نحن اليوم في معظم الزيجات الّتي نشهدها نجدهم يتزوّجون لأنهم لا يجدون شيئًا أفضل من ذلك يفعلونه. وهنا يكمن الخطأ الحقيقيّ.

أنا لا يمكن لي أن أرمي نفسي في زيجةٍ لكي يحميني ما يسمى زوجي، أو لكي 'يستر عليّ' كما تدعو لي كلّ امرأةٍ تصادفني في اجتماعٍ شبابيّ ما، أو في احتفالٍ وما شابه، لا يمكن لي أن أرضخَ لعاداتٍ تجذّرت في نفوسنا كون عمر الزواج المناسب هو لغاية الثلاثة والعشرين، ماذا سأكون قد فعلت في ثلاثةٍ وعشرين عامًا؟ لو استثنينا منهن خمسة عشر عامًا كنت قد قضيتهم بين لعبٍ ولهو، تبقى لي ثمانية أعوامٍ أنهيت فيهم دراسة الثانوية العامّة واللقب الأول لي في الجامعة... وإن حالفني الحظ قد سافرت مرّةً أو مرتين إلى تركيا!

حسنًا؛ كلّ ما أريد قوله يتلخص في كلمتين، الزواج هو قبل أيّ شيء، حضنٌ نتّكئ عليه بحبّ، يدٌ نتمسك بها لأننا لا نستطيع الوقوف دونها، رئةٌ واحدة لجسدين، زفيرٌ مني وآخر من حبيبي!

التعليقات