25/07/2015 - 16:38

الحبّ، مجدنا وانكسارنا/ يردينا حجاجرة

أحيانًا، أشعر بأنّ الله يمتحننا بالحبّ، يرسل إلينا شخصًا لا ندري كيف جاءَ ومن أين جاء كي يعيثَ الخراب في حياتنا، ويغرس في قلوبنا الهشّة ألفَ ذكرى وذكرى تبقى معنا حتّى نُحتضر..

الحبّ، مجدنا وانكسارنا/ يردينا حجاجرة

قالت لي إحداهنّ بأنّي أملك إحساسًا عذبًا في الكتابة، ابتسمتُ لها حينها وشكرتها كثيرًا، أضافت بأنّها تعشق كلّ ما أكتب وبأنّه ينبغي عليّ أن أُصدر كتابًا في القريب العاجل.

كتابًا؟ هل بوسعِ الأوراق احتواء كلّ ما نشعر به؟ وهل تستطيع المكتبات بجميع كُتبها الحيّة والميّتة الحديث عن الحبّ؟ أؤمن بأنّ الحبّ يُخلق معنا، يبدأ حين نتكوّر في بطونِ أمّهاتنا كزهراتٍ ربيعيّة، وينتشي حتّى ذروته حين نصرخ صرختنا الأولى، هناك حيثُ نتنفّس هواءَنا الأوّل. يأتي الطّبيب بنا إلى صدورِ أمّهاتنا فيبتسم الحبّ ويُطلق ضحكاته في الفضاء مُعلنًا عن بداية معركتنا مع الحياة.

أذكُر عندما كنت صغيرة، كانت أمّي تُغدق عليّ من الحبّ والمسؤوليّة، وُلدت بين ثلاثة ذكور وكنت المدلّلة بينهم، كما لو أنّي الطّفلة الوحيدة في هذا العالم. لكن في المقابل كانت تقع على عاتقي مسؤوليّة عظيمة، كنت أشعر بأنّي أنا من عليه حمايتهم وليس هم. أذكر مرّةً بأنّ أخي نسي أن يحلّ واجبه البيتيّ، قال المعلّم بأنّه سيقوم بفحص الواجب، بدت على وجه أخي ملامح الذّعر والقلق، انحبست الدّموع في عينيه كأنّها تأبى إعلان الهزيمة، شعرتُ حينها برغبة في احتضانهِ وتقبيله، ومساعدته في حلّ واجبه قبل أن يصل الجلّادُ إليه. 

الحبّ؟ ما هو هذا الشّيء الّذي يعكّر صفوَ حياتنا؟ كيف له أن يسيطر على قلوبنا وأرواحنا دون أن نعلن الحرب عليه؟ أحيانًا، أشعر بأنّ الله يمتحننا بالحبّ، يرسل إلينا شخصًا لا ندري كيف جاءَ ومن أين جاء كي يعيثَ الخراب في حياتنا، ويغرس في قلوبنا الهشّة ألفَ ذكرى وذكرى تبقى معنا حتّى نُحتضر.

أحيانًا، ينبغي علينا أن نحبّ حتّى الثّمالة، حتّى اللّحظة الّتي نشعر بها أنّنا مرغمون على فقدان الفرح.

ما الحبُّ دون ذاك الألم اللّذيذ الّذي نستشعره في مساماتنا؟ حين يسجنك الحبيب في زاوية قلبه، يُمارسُ عليك كلّ أنواع الوجْدِ والشّوق. يختارك من بين ملايين البشر كي يقتلع قلبك ويغسله بشهْدِ ثغرهِ ثمّ يعيده إليك تائهًا، مترنّحًا وشامخًا.
كيف للحبّ أن يجعلنا أسرى؟ بعدَما كنّا فُرسانًا شجعانًا؟ كيف للحبّ أن يقضي على بقايا الأمل فينا ثمّ يأتي كربيعٍ مُزهر يطردُ الخريفَ السّاكن في قلوبنا

ألا تكونُ النّشوة في التّناقضات الّتي نعيشها، ألا يولد الفرح من رحمِ الوجع؟ أيّها الحبّ، كُن لنا صديقًا وحبيبًا، فأنتَ من يبعث الحياة في قلوبنا، وكُتبنا ونصوصنا...

التعليقات