07/08/2015 - 13:32

من يوميّات نحس بن حيّان../ أحمد حمدان

بس هالإيدمي أوّل ما طلع من الحمّام وشاف أخيل وعنتر قدحوا ركاض من قدّامه، وتخبّوا تحت الطاولة، حس إشي كثير غريب

من يوميّات نحس بن حيّان../ أحمد حمدان

استيقظ نحس بن حيّان بعد الهزيع الرابع وعلى مشارف الفلق على غير عادته، وقف أمام المرآة الكبيرة متأمّلًا نفسه، وأحس بنشاط عجيب يملأ جسده وأطرافه، نشاط لم يعرف مثله قط، فلم يشأ أن يفنيه سدى.

بعد هنيهة، ابتعد عن صورته في المرآة خطوة، وصبّ فوق وجهه عينين متسائلتين: ماذا عساي أن أفعل؟

دخل المطبخ مستفحلًا، وشمّر عن ساعديه وتحفّز لتحضير فطور صحيّ. قطّع البصل البنفسجيّ إلى حلقات متجانسة، وأفرغ كل محتوى معلّبات التونة لديه في صحن كبير، وأعدّ البيض المسلوق، ولم يألُ جهدًا في إعداد صحن من اللبنة العربيّة مع قطع البندورة والخيار.

بعد أن أعدّ وليمته الكبرى جلس الطاولة ليلتهم ما قد أنتجه، إلّا أن عينيّ أخيل وقرينه عنتر (تكتب: عنتر، ولكن تقرأ: عنطر) المحدّقة بالطعام كانت تدمع توسلًا ورجاءً، فأثارت بعضًا من إنسانيّته المنتهية الصلاحيّة، فحاول جاهدًا أن يغض الطرف، إلّا أن لسانيهما اللذين لم يتوقّفا عن لعق الفراغ الذي نشأ بين الفكّين بحركة شبه دائريّة بل بيضويّة (قطع ناقص) حالت دونه ودون ذلك، ففاض نبعًا من الإنسانيّة المفرطة، فقام إلى الثلّاجة وسكب لهما الحليب، وقطّع لهما بعض الجبن، ووضع لهما شرائح الـ'شينكن' بل وزادهما بعضًا من سمك التونة، ثم نهض إلى وليمته ملبيًا نداء المعدة.

بعد أن أتمّ إفطاره، كان لا يزال يشعر بشحنات نشاط ليست بالقليلة تملأه، فأصرّ على استغلالها، فبدأ بتنظيف البيت كلّه.

ولمّا انتهى من ذلك ووضع القاذورات وبقايا الإفطار في أكياس مناسبة ورزمها، كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة. في هذه الأثناء استيقظ المغضوب عليه من نومه مهمومًا مذعورًا، إذ كان قد تأخّر مقدارًا من الزمان غير يسير عن عمله، فقام من فرشته ملخومًا مسطولًا تعبًا، فأنّبه نحس بن حيّان قبل أن يصبّح عليه بتحيّة الصباح، وقال له: أسرع، فأرباب عملك بالمرصاد، ولا تنسى أن تأخذ أكياس القمامة لترميها في الحاوية في طريقك.

دخل المغضوب عليه غرفته مجددًا، وفتح الخزانة باستعجالٍ، وأخرج منها 'بوكسير' وبنطالًا وشيالًا، ولمّا كان لا يزال ملخومًا وضع رجله اليسرى في مكان رجله اليمنى بالبوكسير ورجله اليمنى مكان رجله اليسرى في البنطال وحين همّ بارتداء الشيّال، أصابه ما أصاب 'بالوتيلي' (أنظر الفيديو المرفق) بل ويزيد.

في هذه اللحظات كان نحس بن حيّان يستعد للاستحمام، إلّا أنّه أحسّ أن ميمعةً تجري في غرفة المغضوب عليه، فذهب ليطمئن، ولمّا دخل الغرفة، رآه في حال لم يخطر بباله قط، فأنّبه مجددًا، وحثّه على الاستيقاظ من غفوّه. وقبل أن يخرج، عاد فذكّره بأن لا ينسى رمي القمامة لدى خروجه، وعاد إلى غرفته، وتناول المنشفة ودخل الحمّام. وشاءت الأقدار أن ينادي بأعلى صوته مجددًا على المغضوب عليه ليذكّره بأن لا ينسى رمي القمامة، فأجابه المغضوب عليه بالإيجاب المشوب ببعض التمقّت.

طيّب... هالإيدمي خلّص حمّام، وطلع من الحمّام متكتك مرتّب مرشرش يسرج سرج، والمغضوب عليه صار منقلع ع الشغل.

بس هالإيدمي أوّل ما طلع من الحمّام وشاف أخيل وعنتر قدحوا ركاض من قدّامه، وتخبّوا تحت الطاولة، حس إشي كثير غريب، يمكن كمان لأنّه شامم ريحة غريبة بالبيت، يا الله ريحة فطيسة (حاشاكم)، كان بس مطلوب منّه يتطلّع شمال يمين حتى يكتشف شو السيرة...
التونة وعلب التونة مملية التّخت، واللبنة داهنة الأرض، وقشر البيض والصفار ع الكنبايات، ومحارم الورق بتطاير بفضاء المطبخ، وكراتين العصير وبواقي محتوياتها ملبّطة ع الأرض..

قال وبيسألوهم ليش هيك أسماءكم... والله عال


 

التعليقات