18/02/2016 - 23:38

مَن قَبّحَ الألوان!/ ساهر عوض

مَن قَبحَ الألوان؟ ومَن جَزءَ الأوطان؟

مَن قَبّحَ الألوان!/ ساهر عوض

تصوير: حسام جابري

مَن قَبحَ الألوان؟

ومَن جَزءَ الأوطان؟

مَن الذي أقر أن لون القلبِ أحمر؟

ألا يُمكن أن يكون قد اختلط لونه بلون الدم؟

أو أنني لا أرى القلوبَ إلا بيضاء؟

لكن، ليس ببياض زيّ الموت،

الذي نحترفه من تقاليد الأجداد

ومن وضع الأحمرَ تاجً على رأس الحُبِ  

وهو لونٌ يجتاحُ الحرب في كل مكان ...

إني على يقين أنه أيضاً لونٌ لوجبة،

يتطلع إليها مصاب وينتظرها

كانتظار عائلةٍ لمولود جديد، يرسم الابتسامة بالألوان.

 

ينظرون إلى الأزرق لونًا للصفاء

كسماءِ صيفنا، وكمرآةِ بحرنا

وهو لون رجل قانون شفاف

يسجننا ...

 

على ضِفةِ فِكري، لونٌ أبيض

ينادي أخاه في الضفةِ الأُخرى

ويرجوه تزيين ورقةِ بيضاء بكلامٍ أسمر 

يرمز لشيء ما ...

 

هذا لا ينفي أنني أكره لقائهما في أوقات

كخلطهم المشؤوم بوعدٍ لا لون له

لشعبٍ استوطن مكان شعب

أو كإمضاء يمنع رجُلًا من السفر

بتهمه حب الألوان، وبغض الأركان ...

 

هل على الألوان أن تعود لطبيعتها؟

أم علينا نحن الكشف عن ألواننا الطبيعية؟

بأننا نظلم ونستعبد الألوان ...

ففرشاتي تأبى الرسم دون أن تُحس

بقُرب قهوتي السمراء، وليلي المشتاق

بمرارتهما ولذتهما وتذمرهما من الإثراء ...

 

فرشاتي تسرق مني، لون كحلٍ أسود

كان على وجه أول فتاه أعجبتني

عندما كان قلبي ما يزال في الصفاء الأبيض

ويتجدد ليتجمل في كل لونٍ

أمدّ في عمر لوحة لا تفارق

مُخيلتي المليئة بالألوان ...

 

صيفي جميل، لكن كُلما طال

ازداد برودة

وشوقي لخليل، لا أحبه أن يطول

كشتاء أوروبا 

لا أحب خلط الأشياء، ولكني أخلطُ الأشياء

وأستطعم فعل الشيء، دون الرغبة وأشواق   

 

قلمي يُضاجع ورقةً بيضاءَ

ليلدا صبيانهما السمر

وكل ما قربتمها، أحبا وازدادا

توليدًا لمعاني وكلام

ولكني أخاف من غيرة باقي الألوان

أعرف بأنهم إخوة ...

وليس فيهم ما فينا، من جميلٍ وقبيح

ولكن علَّي الحذر

لتكون حروف لوحتي ...

 

خذوا الأوطان، واتركوني بالألوان

في عالم الأوهام، لأتنفس اللا مُلام

واستمتع بكل سيلان للونٍ أسود

على ورقةٍ بيضاء

دون رسم أسلاك ولا جدران

تجبرني على العصيان

والوجدان بالكلام

أن لا تُقبحوا الألوان

كما جزئتم الأوطان ...

التعليقات