17/03/2016 - 17:47

شبحان... / يَردينا حجاجرة

احة؟ الوقاحة أن تكوني أمامي وتمتنعي عن الاقتراب منّي. ألم تنتبهي أنّي عاجز عن الحركة؟! أنا مشلولُ الأطراف والقلب، أحلُم دائمًا بممارسة الحب مع فتاة سمراء فاتنة، لكنّهن ساقطات! يرفضنني لأنّني بشع!

شبحان... / يَردينا حجاجرة

"الرقص مع القدر" - لوحة لزياد الجزائري

- أشعُر بالسأم!

أتعرف؟ أؤمن أنّه كلّما كان الفرد سعيدًا، كلّما قلّ اهتمامه بهذه السعادة. يبدو الأمر غريبًا للوهلة الأولى، أليس كذلك؟ أو ربّما هو ضربٌ من الجنون! لا، لا، هو ليس كذلك، المسألة تتعلّق فقط بقدرتنا على استيعاب الفرح، نحن لسنا معتادين على البهجة، أنا، على الأقل، أصحو كل صباح بملامح بومة كما تدّعي، تؤمن أنت أن البومة نذير شؤم، كما هو رأي الأغلبية بطبيعة الحال، وأعتقد أنا أنّها أجمل طائر رسمهُ الله. هل رسم الله مخلوقاته أم أنّه صوّرها في لحظة تجلٍّ؟ أو لحظة حزن ربّما!

- حزن! كيف تجرئين على إلصاق صفة الحزن بالرب!

- هدّئ من روعك! الله صديقي. لا تنظر إليّ هكذا! نعم، إنّه الصديق المفضّل لديّ. أتدري؟

- هففف! ألا تملّين من الكلام؟! أرجوكِ! أنا رجلٌ بائس لا قدرة لدي على مجاراتكِ. رجلٌ يأكلُ نفسه كل يوم أكثر من سابقهِ. أنا شيء هامشي لا يقوى على الوقوف في الوسط، لا يجرؤ على اختراق القوانين الغبية المحيطة بنا، أتدرين؟ أحيانًا تنتابني رغبة ملحّة في البصق على الآخرين!

- هذه وقاحة!

- وقاحة؟ الوقاحة أن تكوني أمامي وتمتنعي عن الاقتراب منّي. ألم تنتبهي أنّي عاجز عن الحركة؟! أنا مشلولُ الأطراف والقلب، أحلُم دائمًا بممارسة الحب مع فتاة سمراء فاتنة، لكنّهن ساقطات! يرفضنني لأنّني بشع!

- أنت لستَ بشعًا.

- أنا أحبّكِ!

- ألم تدرك بعد أنّي امرأة من رماد؟ قاربتْ على لفظِ نفْسِها من النافذة؟ أنا أموت في الدقيقة ألف مرّة! لا أحد يشعر بي، أتقيّأ خيباتي في كل مرّة أراك فيها، أحاول جاهدةً عدم إظهار ذلك لك، لكنّك تقرأني دون عناء.

- في الحقيقة أنتِ خيبتي، وسعادتي أيضًا. أؤمن أنّ السعادة تقترن بالخيبة، لا نشعر بأحدهما بشكل جيّد إذا لم نجرّب كليهما.

- أتدري؟ لطالما رغبت بك بجنون. أنت كشبحٍ يلاحقني في كل مكان، تقفز من تحت السرير وتستقر على خصري، تُخرج يدك من تحت الغطاء لتضعها على وجهي، تقبّل أصابعي وتختفي! أصحو مرتعبة! أبحث عنك في أرجاء الغرفة، في الخزانة وفي خيطان ملابسي.

- هل فكّرتِ يومًا أن تكوني إلهًا؟ تخلقين ما تشائين وتسيّرين العالم على إصبعين؟ تصنعين ما شئت من البشر، تختارين ألوانهم وأفكارهم وثقافاتهم ودياناتهم وقلوبهم! تتحكّمين بغرائزهم ومشاعرهم، تضعين لهم برنامجًا للقاء أحبّائهم وتعاقبين الرجال منهم لو أخطأوا بحقّ نسائهم!

- تبدو فكرة جنونية.

- لا يا صغيرتي، إنّ أصعب ما في العالم هو أن يكون المرء إلهًا.

التعليقات