18/07/2018 - 15:48

العروس وفساتين الرحمة

هذه المناسبات التي سرعان ما يبدأ عبؤها المالي بعد الفرح مباشرة، ليلقى الأزواج والأهل أنفسهم في محنة وضائقة مالية تعيش معهم لسنوات، قروض بنكية وديون مستقبلية، حيث لا تستطيع "النقوطات" في الفرح سد رمق العروسين في هذه الفترة ولتغطية المصاريف

العروس وفساتين الرحمة

تداهمنا الأعراس كل سنة وموسميا بحلوها وانتظارها والحلم بها، لكل الأهل والشباب وكل أفراد المجتمع، فهي باتت مساحة مهمة للفرح والتجدد في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى، هذه المناسبات الجميلة التي سرعان ما تبدأ الأعباء المالية المترتبة عليها بالظهور بعد الفرح مباشرة، ليلقى الأزواج والأهل أنفسهم في محنة وضائقة مالية تعيش معهم لسنوات، من قروض بنكية وديون مستقبلية، حيث لا تستطيع "النقوطات" في الفرح سد رمق العروسين في هذه الفترة ولتغطية المصاريف.

في هذه المقالة لن أتطرق إلى كافة المصاريف المُبالغ بها والزائد عن حدها والتي ما هي إلا عادات اجتماعية مكتسبة وأغلبها حديثة ولا تنم إلا عن عدم وعي مجتمعي واجتماعي إلى حد التخلف، لا تهدف إلى شيء سوى من أجل المظاهر البالية ولإظهار الذات أمام الآخرين بأننا مقتدرون أو "قائمون بالواجب" أو مميزون أو أفضل من الأخرين، من مأكل ومشرب وزينة عرس وشَعر العروس ومكياجها وورد وفرق موسيقية وتضييفات وحلوى مختلفة وتصوير، وكلها لا تعكس واقعنا الاقتصادي الحقيقي والطبقة المتوسطة العاملة التي تمثل أغلب شرائح مجتمعنا.

هنا سأتطرق إلى موضوع "فستان العروس" والذي يشكل قسطا كبيرا من عبء العرس ومصروفه، فستان العروس الذي بات الحدث في العرس والحديث عن فستان الزفاف (الأبيض عادة واليوم بدأت القاعدة تتغير لتشمل ألوان قريبة على الأبيض) والحديث عنه في المجتمعات، نوع القماش، تصميمه، الطرحة وشكلها ونوعها، هل يفصل خصيصا للعروس أو هو مستأجر ويلبس للمرة الاولى أو الثانية أو الثالثة أو.....، هذا ليس فقط بل يأتي في القائمة فستان سهرة العروس والذي لا يقل أهمية عن فستان الزفاف، هل هو مستأجر لأي مصمم قماشه تكلفته وكل ما ألى ذلك من تباعيات وأعباء.

فساتين العروس:

لهذا الغرض أجرينا بحثا ميدانيا من عدةمناطق في البلاد، ومع أناس خاضوا هذه التجربة الواسعة لفساتين العرائس وسوقها، ومن أوساط وأوضاع مادية متفاوتة، فكانت لنا هذه النتائج والأجوبة:

  • أنا أعمل في مصنع للمعلبات (من منطقة المركز) حصلت على قرض بنكي لكي أقوم بمصاريف العرس سأسدده على مدى 10 سنوات، قيمة كل قسط ربع راتبي الشهري، زوجتي لا تعمل، تكلفة فستان الزفاف للعرس كان 1200 شاقلا، أما فستان السهرة فكلفني 700 شاقل.
  • سيدة مجتمع زوجها مقاول عمار كبير ومقتدر ماديا، حدثتنا عن تكاليف الفساتين للعروس فقالت:" أردت أن تكون ابنتي مميزة في هذا اليوم لا تلبس عروس مثلها من قبل، سافرنا إلى تركيا واشترينا ملابسنا من هناك، تكلفة الفستان الأبيض لوحده 40 ألف شاقل أما فستان السهرة فتكلفته 30 ألف شاقل لمصمم مشهور".
  • يعمل مدرسا وزوجته موظفة بنك (من منطقة الشمال) قالوا" نحن صرفنا كل التوفيرات لدينا، زوجتي وأنا، من أجل الزفاف وتكاليفه وأخدنا قرضين من البنوك، وعن تكلفة فساتين الزفاف فالتكلفة كانت ليس مبالغ بها 12 الف شاقل تكلفة فستان الزفاف مستأجر، وكان يلبس للمرة الأولى وفستان السهرة كلفنا 10 الاف شاقل. وبالمجمل ملابس العرس لكل أفراد عائلتنا كلفنا 100 الف شاقل".
  • طبيب عام وزوجته التي لا تعمل، وضع مادي ميسور (من منطقة حيفا) تقول الزوجة: " ذهبنا إلى الأردن عند أشهر مصمم للأزياء، هناك جرى تصميم الفستان للعروس من قماش مستورد وخاص كلفنا 25 الف شاقل، أما فستان السهرة فتكلفته 23 الف شاقل، وعن تكلفة الملابس للعائلة جميعا لكل الليالي في العرس والتعاليل فكانت التكلفة 200 ألف شاقل.
  • أما زوجة المحامي المتقاعد والتي لا تعمل فقالت : "استأجرت لابنتي فستانا للسهرة لمدة 6 ساعت كلفني 25 ألف شاقلا من أشهر مصمص أزياء عربي في البلاد، أما فستان العرس فمن تل أبيب بالأيجار لمصمم مميز دفعت ثمنه 30 ألف شاقل".

رِفقا بجيوبكم:

نظرة بسيطة للارقام التي ظهرت معنا، 30 ألف شاقل ، 25 الف شاقل، 12 الف شاقل 40 ألف شاقل 23 ألف شاقل ، هذه الأرقام كلها لو حسبناها بالقيمة حسب المدخول الشهري، فقيمة كل فستان حوالي 5- 6 اشهر عمل للعامل المتوسط الدخل، اي تعمل 6 أشهر لتشتري فستانا تلبسه عروس لمرة واحدة ولساعات قليلة, بربكم أليس هذا حرام وبذخ وحرق للشواقل وإرهاق لجيوب الناس والمجتمع والأزواج في المستقبل، فكروا قليلا هل ستزداد الناس قيمة ويعلو قدرها لو لبست بهذه الأسعار الباهظة الثمن، وكل ذلك ليس إلا للناس ومن أجل الناس والتنافس على المظاهر الأخذة بالتزايد يوما بعد يوم، فنرى فلانا في كل مرة يرفع سقفا للمصروفات والعادات المبالغ بها ، فيتبعه آحرون يرفعون سقفا أعلى منه ومن دون تفكير وبسطحية مبالغ بها.

ملاحظة: أغلب الأزواج الجدد الذين تحدثنا معهم ومع أهلهم وعنهم، لا يملكون بيوتا لهم، بل يسكنون بالايجار، أو بيوتهم بسيطة تكاد لا تزيد عن غرفة واحدة ومطبخ، فحري بالأهل  أن يفكروا بتوفير كل هذه المبالغ من أجل دعم أبنائهم وتشجيعهم على شراء دور أو إنشاء بيوت لهم والاكتفاء بمبالغ بسيطة جدا لشراء فساتين وإكسسوارات ستصبح في خبر كان بعد ساعة أو ساعتين من الزمن.

سوسن غطاس

 

 

 

موجهة مجموعات متخصصة بمجال الوالدية

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات