بروفيسور زيد عباسي: محاضر وباحث في كلية الطب- معهد الهندسة التطبيقية - التخنيون ومستشفى رامبام في حيفا
مقدمة:
يدور الحديث مؤخراً عن ازدياد في أعداد المصابين بحالات السعال الديكي السعال الديكي-الشاهوق-(Pertussis-Whooping cough) في البلاد، حيث تم تشخيص أكثر من 600 حالة عام 2023 حتى الآن، ونصفهم تم تشخيصهم خلال شهريّ حزيران وتموز. ومن الجديد ذكره، بأن هناك ارتفاع في مدى انتشار المرض في بلادنا خلال العامين الأخيرين في كافة الأجيال، ولكن أغلب الحالات بين الأطفال ممن هم دون سن العام واليافعين والشباب. وقد دقت وزارة الصحة ناقوس الخطر وطلبت من الجمهور تلقي التطعيم المناسب. فما هو السعال الديكي، مسبباته، مدى انتشاره، طرق الحد من المرض، أعراض المرض، طرق تشخيصه والعلاجات المتوفرة.
مسبب المرض:
السعال الديكي هو مرض جرثومي مُعدي ناجم عن جرثومة .Bordetella pertussis، تنتشر هذه الجرثومة بسهولة بواسطة الرذاذ الناتج عن السعال، العُطاس أو الملامسة، تدخل الجرثومة إلى مجرى التنفس لتظهر أعراض المرض بعد فترة حضانة تتراوح من 7-10 أيام أو أكثر.
مدى انتشار المرض
حتى ثلاثينيات القرن العشرين كان المرض شائعاً حيث إصيب ملايين الأطفال بالسعال الديكي، وكانت نسبة الوفاة مرتفعة بين أفراد هذه الفئة، ولذلك تم تصنيف المرض على أنه مرض أطفال.
لحسن الحظ تم تطوير لقاحات لهذا الوباء مما أدى إلى انخفاض حاد في عدد المصابين والوفيات، ولكن للأسف هناك زيادة في السنوات الأخيرة بأعداد المصابين في العالم، بسبب عزوف بعض الناس عن التطعيم وفتور صلاحية التطعيم بمرور السنين.
ومن الجدير التنويه بأن نسبة الإصابة بالسعال الديكي بين الأطفال الغير مطعمين، تبلغ ثمانية أضعاف نسبتها بين الأطفال المطعمين. والمحزن بأن 1% من الأطفال الذين يصابون بالمرض يموتون منه، وجميع الوفيات في البلاد من بين الأطفال الذين أصيبوا بالمرض حدثت بين غير المطعمين.
طرق الحد من المرض:
- الطريق المثالية للحد من المرض هي التطعيمات. التطعيم ضد السعال الديكي هو اإجراء روتيني في البلاد منذ سنة 1957، ومنذ ذلك الحين انخفضت معدلات الإصابة بنسبة 90%.
- يتلقى الأطفال 5 جرعات، 4 منها في السنة الأولى للحياة بداً من جيل الشهرين، وبعدها يتم إعطاء الجرعة التعزيزيّة الخامسة في جيل 8 سنوات، وجرعة أخرى في الصف الثامن.
- التطعيم بني على أساس بكتيريا سعال ديكي مُماتَه، مدموجة مع لقاح الكزاز والخناق DTaP. يكتسب الأطفال المناعة تدريجياً حتى الوصول إلى المناعة الكاملة بعد عدة أشهر من التطعيم. وللأسف تضعف فعاليّة المناعة المكتسبة من التطعيم بمرور الوقت، مما يساعد على انتشار المرض بين الناس وخصوصاً من خلال الأطفال غير المطعمين.
- يوصى أيضاً بتطعيم النساء الحوامل ضد السعال الديكي في الأسبوع ال- 27-36 للحمل. الأجسام المضادة التي تنتجها المرأة الحامل تنتقل خلال المشيمة إلى الجنين وتعطيه مناعة خلال الأشهر الأولى من حياته.
- هناك بعض التوصيات للحد من المرض وتشمل: تهوئة الغرف والابتعاد عن دخان السجائر والدخان المنبعث من الموافذ، كذلك يجب كم الفم وقت السعال وغسل اليدين درءاً لنشر المرض والامتناع عن الاختلاط بالمصابين بهذا المرض من دون كمامة.
أعراض المرض وتشخيصه:
أعراض المرض تتفاوت بين مراحله المختلفة:
المرحلة الأولى من المرض، التي تمتد بين أسبوع لأسبوعين، يصاب بها الأشخاص بالرشح أو النزل والسعال الخفيف. في هذه المرحلة قد لا يمكن اكتشاف المرض، وذلك لعدم وجود أعراض جديّة مثل ارتفاع في درجة حرارة الجسم، ولكن بمرور الوقت تزداد حدّة السعال.
المرحلة الثانية: يصاب الأشخاص بنوبات حادّة من السعال وبوتيرة عالية، وقد تكون متواصلة لتنتهي بشهيق قوي يسبب نقص الهواء، وما يصاحبه من ازرقاق الوجه ونتوء أوردة الرقبة والعينين، وفي بعض الحالات يتوقف المصاب عن التنفس بعد نوبة سعال حادة، وهذه الظاهرة أكثر شيوعاً عند الأطفال.
المرحلة الثالثة: تنخفض شدة السعال ووتيرته حتى تلاشيها مما يبشر بقرب شفاء المريض.
وبالمجمل
قد يستمر المرض من 6 الى 10 اسابيع. تظهر أعراض المرض على %50 من المصابين بعد 7-10 أيام، وقد تكون فترة الحضانة أطول من هذا.
أعراض المرض تشمل:
- السيلان الأنفي
- احتقان الأنف
- احمرار العيون
- حُمَّى
- سُعَال
- وقد تشتد هذه الأعراض بعد 7-14 يوماً لتشمل: احتقان مخاطي في المجاري الهوائية مما يحفز السعال بشكل غير إرادي.
السعال الشديد بحد ذاته يثير القيء، احمرار الوجه أو ازرقاقه وإرهاق شديد لينتهي بشهقة حادّة الصوت.
- العارض الأخير قد لا يظهر على البعض ويُختصَر الأمر على سعال جاف مُنغِّص. وبين بعض الأطفال قد لا يحدث سعال، بل يقتصر الأمر على ضائقة تنفسيّة أو توقف موضعي للتنفس بين الفينة والأخرى.
-أعراض اخرى نادرة يسببها السعال تشمل تشققات الأضلاع وفتق بطني وتمزق الأوعية الدمويّة في العين أو اللحميّة.
- المضاعفات قد تكون أكثر شدّة عند الأطفال ممن هم دون سن 6 أشهر لتشمل:
- التهاب رئوي
- ضائقة تنفسيّة حادّة
- انقطاع التنفس
- نقص الشهيّة وما يصحبه من جفاف وانخفاض في الوزن.
- تلف في الدماغ نتيجة النزف أو الالتهاب الدماغي.
ولذلك هذه الفئة العمريّة قد تكون أكثر من غيرها بحاجة لمراجعة الطبيب عند الإصابة، وربما التوجه إلى المستشفيات لأنها قد تودي بحياة الأطفال. ولذلك يجب الالتزام بجدول التطعيمات الخمس (شهران، 4 أشهر، 6 أشهر، 15-18 شهر وفي سن 4-6 أعوام).
من الصعب تشخيص المرض لأن أعراضه تشبه أعراض أمراض أخرى ولا سيما الإنفلونزا والرشح وأمراض الجهاز التنفسي. ولكن أحياناً يمكن تشخيص المرض عن طريق الاستماع لصوت السعال.
الإجراء الأكثر مصداقيّة هو إجراء فحص PCR الخاص لجرثومة السعال الديكي، وذلك من خلال أخذ عينة من الفم والبلعوم والزرع المخبري. اختبارات الدم قد تساعد لفحص مستوى كريات الدم البيضاء، وهو عامَّاً وليس خاصاً بالسعال الديكي. قد يحتاج المريض أيضاً لإجراء صورة أشعة سينيّة للرئة في حال الشك بوجود التهاب رئوي أو تجمع سوائل في مجاري الهواء.
طرق العلاج:
تُعطى المضادات الحيويّة (الإيريثروميسين أو الكلاريثوميسين أو ازيثروميسين) لفئات معيّنة بعد تعرضهم لشخص مصاب بالسعال الديكي خلال 21 يوما من حدوث السعال عند المصاب. كذلك يوصى بإعطاء هذا العلاج لأشخاص يقتسمون نفس المسكن مع مصاب بالسعال الديكي، وكذلك الأمر بالنسبة لأشخاص يعانون من أمراض مزمنة كالربو وضعف المناعة أو أطفال من دون سن السنة، والنساء في الثلث الثالث للحمل. يوصى أيضاً بإعطاء المضادات الحيويّة للأشخاص الذين يعملون مع النساء الحوامل والأطفال دون سن ال- 15 شهرٍ، وأقسام الولادة، والأطفال والخُدَّج. قد يشمل العلاج شفط الإفرازات من مجرى التنفس وإعطاء المصابين السوائل ووصلهم بالأكسجين.
تحرير وتقديم: سوسن غطاس موقع والدية برعاية موقع عرب 48
التعليقات