09/11/2022 - 12:33

حرية التعبير للأطفال والعملية الانتخابية

موضوع الانتخابات والعنف نراه ينتقل من الشارع والجو العام إلى البيوت والتربية والعلاقة بين الأولاد والانتخابات، فهم يتأثرون بما يسمعونه من أحاديث عامة وتراشق بالاتهامات والكلام والغضب

حرية التعبير للأطفال والعملية الانتخابية

الصراع الدائر العنيف بين الأحزاب المختلفة، يزداد حدة وتصاعدا في المجتمعات مرة بعد مرة، واخص بالذكر مجتمعنا العربي، يصل التراشق بالكلام المهين، لمجرد الاختلاف بالرأي لحد انعدام قبول الآخر ورأيه وحرية اختياره، ممكن أن يتوصل الأمر لاستعمال العنف الجسدي حتى ورفع السلاح في الحالات المتطرفة.
ما شهدناه بالانتخابات الأخيرة كان شيئا ملفتا للانتباه، وكانت مواقع التواصل الاجتماعية في حالة حرب و"ساحة وغى" بين الأطراف المتنازعة، من استعمال مصطلحات التخوين والاتهام بالعمالة والاستفزازات بين الأفراد المختلفة الرأي والتحريض، تجعل الجميع في حالة استنفار كامل للدفاع كل عن رأيه بأنه هو الصواب فقط وان الحقيقة كلها لديه هو وينتقصها من المتنافسين الآخرين.

هذا هو حال الانتخابات كمظهر من مظاهر "الديمقراطية العنيفة المستفزة" التي تثير الاشمئزاز والترقب والتوتر والتعصب للرأي.
الحق الديمقراطي في الاختيار هو أمر مطلوب وشرعي ومهم وحضاري، فنحن نجد ذلك واضحا في البيوت حين يكون في البيت الواحد عدة أراء متضاربة بالنسبة لمواقفها الحزبية المختلفة، فالأمر طبيعي ومطلوب وحضاري، دون أن يؤدي ذلك لنزاعات عائلية وحساسيات شخصية، فيتوجب على الأفراد احترام الرأي المختلف، وليس بالضرورة قبوله، ويجب ألا يفسد للود قضية، فنرى الأب يختلف في وجهة نظره عن الأم، والأولاد لهم آراء مختلفة، ينقسم البيت إلى ميول وأفكار متعددة مختلفة، وهذا ينم عن وعي لحرية الاختيار وأهميتها دون المس في حرية الآخرين.

ما نراه  في المجتمع يختلف تماما، غير محترِمٍ لحقوق الآخر بالاختلاف، الشيء الذي يؤدي للعنف بشتى أشكاله.        

كيف يؤثر ذلك على الأولاد وخاصة في استغلال الأطفال بالانتخابات العامة:

 

 

 

 

موضوع الانتخابات والعنف نراه ينتقل من الشارع والجو العام إلى البيوت والتربية والعلاقة بين الأولاد http://cms.arab48.com/news/edit/1256380 والانتخابات، فهم يتأثرون بما يسمعونه من أحاديث عامة وتراشق بالاتهامات والكلام والغضب والعصبية والتعبير عن الآراء والأقوال الفظة بين الكبار، ويحملون ذلك رسالة مخطوءة عن احترام الرأي المختلف الذي يصبو إليه في التربية معظم الأهل في العملية التربوية.

أمثلة: 
-  أصبح دارجا ان نرى الأطفال وهم يدخلون مع أهلهم من أجل أخذ صورة في عملية الاقتراع، إما لشارة اختيار الأهل للقوائم المرشحة، أو وضع المغلف بعد عملية التصويت في صندوق الاقتراع، ولا أعرف الحكمة من ذلك، هل هو تدريب لعملية الاقتراع؟ أم هو التباهي بالقائمة التي اختارها الأهل؟ هل هو تسليم المبدأ بالوراثة، "أهلا لولد" على نمط المثل أبا عن جد، أتركوهم في هذه المرحلة بعيدين عن هذا المشهد، فسوف يأتي الوقت الذي يسمح لهم بتشكيل هويتهم وحريتهم بالتعبير والوعي في الجيل المناسبة لذلك.
- نقطة أخرى سائدة وهي استغلال الأطفال في الدعايات الانتخابية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي والشاشات، وذلك بتلقين الأطفال ما يمليه عليهم الكبار، يلفظون كلمات لا يدركون مضمونها ولا يفقهون ما الفرق بين هذه القائمة أو تلك، يعني يرددون كالببغاوات تماما، وفي هذا تعدٍ على حقوق الطفل واستغلاله بهدف الانتخابات.
- استغلال الأطفال بتوزيع النشرات الانتخابية الورقية في الشوارع وفي ازدحام السيارات، الشيء الذي يشكل خطرا على الأطفال، وفي أغلب الأحيان يكون التوزيع مقابل دفع مادي للأطفال، وهذا لا يتلاءم مع حقوق الطفل للحفاظ على أمنه وأمانه.


- في كثير من الأحيان يتلقى الطفل الموزِّع  للإهانات حين توزيع المناشير من معارضي مبدأ هذا المنشور،  للإهانة الكلامية أو العنف الجسدي، دون أن يفهم الطفل لماذا حصل ذلك، فهو لا حول له ولا قوة إلا كونه ينفذ أوامر الكبار لا يفهمها ولا يدرك ما الفرق بين هذا الحزب أو ذاك، فهو يقع ضحية بين هؤلاء ومن خلال الصراعات ولعبة الكبار أو الأهل، أوليس هذا استغلالا له وتعدِّ على حقوقه.
كل موضوع الانتخاب وتمييز الطفل لرغباته وخياراته الحرة، هي عملية تربوية تبدأ من جيل مبكرة وبوتيرة تناسب جيله وإدراكه، يستطيع التمييز بين لعبة وأخرى أو غرض وآخر كبداية، ومن ثم تبدأ لديه القدره على التمييز لما يريد حقا عن وعي وإدراك ومسؤولية عن تلك القرارات، وليس بالتلقين أو فرض الرأي من الأهل. وهذه من الأسس الأولية للتربية السليمة والتي تربي فعلا على حرية الاختيار واللعبة الديمقراطية.   

 

بقلم: سوسن غطاس موجهة مجموعات أهل تخصص والدية    

التعليقات