جوقة التحريض الرسمية والإعلامية المجنّدة تنضم إلى الملاحقة السياسية ضد بشارة و«التجمع»

يطبّلون ويُزمّرون: جوقة التحريض الرسمية واليمينية و«اليسارية الصهيونية» والإعلامية المجنّدة تنضم إلى الملاحقة السياسية ضد بشارة و«التجمع» نتنياهو: انصراف بشارة لن يأتي إلا بالفائدة على الجميع؛ بن درور يميني: فلينصرف من هنا!! ● نائب بارز في «كديما» يصف رئيس «التجمع الوطني الديمقراطي» بـ «الخائن» ● «قضية بشارة» تجسد «مفترق الطرق» في العلاقات بين اليهود والعرب داخل البلاد

جوقة التحريض الرسمية والإعلامية المجنّدة تنضم إلى الملاحقة السياسية ضد بشارة و«التجمع»
تُبرز التغطية الإعلامية الإسرائيلية للملف المُلفق ضد رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، النائب د. عزمي بشارة، إجماعًا صهيونيًا على أنّ «التخلص» من بشارة يزيل عقبة كبيرة في طريق المؤسسة الإسرائيلية الرسمية لفرض المواطنة الإسرائيلية على عرب الداخل ضمن الحدود التي تحدّدها المؤسسة ذاتها، ومن خلال رفض كل ما جاء في «أوراق المواقف» التي وضعتها جهات عربية بشأن العلاقة بين الأقلية العربية وإسرائيل التي حملت أساساً، برأي الإسرائيليين، الفكر الذي جاء به قبل عشر سنوات بشارة ونخبة من المثقفين، نادى بأن تكون إسرائيل دولة جميع مواطنيها، وهو شعار باتت تتبناه غالبية القوى السياسية العربية.

واتسمت متابعة الإعلام العبري، المجنّد على الدوام في أن يكون بوقًا دعائيًا للمؤسسة الأمنية، بالتحريض والتشفي والشماتة فابتدع عناوين وأخبارًا ابتغت تشويه سمعة بشارة، بعيدًا عن مناقشة أفكاره وطروحات حزبه.

ومن منطلق أنّ يهودية الدولة فوق كل اعتبار، كتب المعلق في «هآرتس»، عوزي بنزيمان، أنّ «قضية بشارة» تعتبر تجسيداً لـ «مفترق الطرق الذي بلغته العلاقات بين اليهود والعرب داخل الخط الأخضر». وأضاف أنّ نقطة التحول تتمثل في «أوراق الموقف» التي صاغتها منظمات عربية مركزية «تشكل مجتمعة الفكر الأيديولوجي والسياسي الواضح الذي يتحدى الطابع الحالي للدولة وبنية نظامها وهويتها الصهيونية». وتابع أنّ هذه الأوراق تؤسّس عملياً للبنية التحتية الفكرية لانتفاضة العرب في إسرائيل ضد دولتهم: «إنه تمرد جرى حتى الآن بوسائل شرعية تماماً، لكن ذلك يمهّد الأرضية لأناس متطرفين ليعملوا بوسائل غير شرعية أيضاً، بدوافع أيديولوجية».

وأشار الكاتب إلى «خطورة أوراق المواقف» وإلى حقيقة أن أكثر من ثلثي العرب يؤيدون ما جاء فيها ونسبة أكبر (86 في المئة) يؤيدون عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، فيما 40 في المئة منهم يدعمون فكرة أن تكون إسرائيل دولة جميع مواطنيها. ودعا الكاتب الغالبية اليهودية إلى التصدي للوثائق العربية بلغتها لتعرض «الرواية الإسرائيلية العادلة التي تتحدث عن جهد شعب صغير في التمسك بوطنه والتوصل إلى سلام مع جيرانه العرب». وتابع أنه ينبغي أن يوضح الموقف اليهودي للأقلية العربية «الخطوط الحُمر لحدود التسوية الممكنة» التي تعتبر حدود العام 1967 حدودًا بين «دولة فلسطينية قومية ودولة إسرائيل الصهيونية». وزاد أنه لن يكون في وسع الغالبية اليهودية التجاوب مع توقعات غالبية العرب لتحويل إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية، «كما أنّ هذه الغالبية تجد صعوبة أكبر في تحمّل فكر عزمي بشارة وسلوكه اللذيْن ينظر إليهما اليهود تجاوزاً وتماثلاً غير مشروع مع أعداء إسرائيل، مثلما حصل في زياراته لسورية وخلال الحرب الثانية على لبنان».

وختم الكاتب محذراً مهدداً بأنّ على النواب العرب التصرف وفقاً لقواعد اللعبة المتاحة في دولة ديمقراطية، «وإلاّ وجدوا أنفسهم حيث بشارة الآن».

تومي لبيد من جهته، رأى الوزير السابق الصحافي تومي لبيد («معريف») أنّ من شأن قيام الحكومة بتغيير سياستها تجاه العرب القائمة على التمييز ضدهم أن يكون الرد هو الفكر الذي يحمله بشارة. وبعد أن سرد الأوضاع المعيشية الصعبة في البلدات العربية، وإن حمّل العرب أنفسهم جزءًا كبيرًا من المسؤولية عنها، قال إنّ المساس الأبرز بالعرب يتمثل في حقيقة أنّ اليهود ينظرون إليهم كمواطنين من الدرجة الثانية. وتابع أنّ عدم المساواة بين العرب واليهود هو ما يتيح لعزمي بشارة وفكره أن يكونا مقبولين لدى المواطنين العرب. وكتب: «إننا بصدد نائب أكثر ذكاءً وثقافة من معظم النواب اليهود والعرب في الكنيست... يجيد التحدث بأربع لغات... يريد إثبات نفسه عبر إبداء مواقف متطرفة... ولم يشهد الكنيست من قبل نائباً عربياً سمح لنفسه بالتحريض على إسرائيل ودعم القضية الفلسطينية وحتى المخربين، مثل عزمي بشارة». وتابع أنّ بشارة يشكل خطرًا «بالذات عندما يجاهر بحقيقة التمييز (الرسمي) ضد الأقلية العربية في إسرائيل». وأضاف أنه «كي يفقد تحريض بشارة أي مفعول» يتحتم على الحكومة أن تضمن للعرب في إسرائيل وتحديداً للشباب المثقف، بأن لا يشعروا بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، «وإلاّ فنحن أمام انتفاضة هنا في البيت ستكون أعنف من سابقاتها».

وكانت الأنباء، منتصف الأسبوع، طغت بصدد نية النائب الدكتور عزمي بشارة الاستقالة من الكنيست، على اهتمامات وسائل الإعلام العبرية كافة. وفي ظل «القيود القضائية» المفروضة على تفاصيل «قضية كبيرة تقع تحت حظر النشر تتعلق بالنائب بشارة»، كما أشارت «ريشت بيت»، تراوحت ردود الفعل السياسية والإعلامية في إسرائيل على نبأ احتمال تقديم بشارة استقالته بين «الترحيب بالتخلص من متطرف»، والدعوة لتشديد قبضة أجهزة الاستخبارات على عرب الداخل. كما شكل الخبر فرصة لنواب من مختلف الأحزاب الصهيونية لتفريغ أحقاد دفينة والشروع في تقديم مشاريع قوانين تحدّ من حريات النواب العرب وترغمهم على «إعلان الولاء لإسرائيل دولة يهودية وديمقراطية» شرطا لدخولهم البرلمان.

وأبرزت وسائل الإعلام محطات بشارة السياسية خصوصاً برنامج حزبه الداعي إلى أن تكون إسرائيل دولة جميع مواطنيها، وهو ما تعتبره الأحزاب الصهيونية تحدياً للطابع اليهودي لإسرائيل «وخطرًا استراتيجيًا على إسرائيل للمدى البعيد»، وهو موقف نُسب إلى رئيس جهاز «الشاباك»، يوفال ديسكين، بأنه قاله لرئيس الحكومة إيهود أولمرت في اجتماع مغلق الشهر الماضي.

ومن المقرر أن يقدم المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، ومسجل الأحزاب، خلال أسبوع، رداً للمحكمة العليا على التماس مُحام إسرائيلي بحل حزب «التجمع» على خلفية سفر نوابه الثلاثة إلى سورية ولبنان، الخريف الماضي، وادعائه أنّ هدف الحزب إلغاء وجود إسرائيل. كما ارتفعت أصوات في الكنيست تطالب بسحب المواطنة من بشارة، وذكّرت بأنّ وزير الداخلية مُخوّل، بأمر إداري، سحب المواطنة من أيّ مواطن، بمن فيهم النواب إذ لا يسري على إجراء كهذا قانون الحصانة البرلمانية.

ولخصت إذاعة الجيش الإسرائيلي في تقديمها للخبر عن بشارة نظرة الإسرائيليين إليه وقالت: «يعتبر رئيس التجمع الوطني الديمقراطي منذ سنوات نائباً متطرفاً في الكنيست الإسرائيلية. لقد تعانق والرئيس السوري بشار الأسد في دمشق وقبّل (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله في بيروت. وفي موازاة ذلك واصل عضويته في الكنيست الإسرائيلية وكاد ينافس على منصب رئيس الحكومة في إسرائيل. لم يُخفِ أبداً نفوره من الصهيونية كما لم يخفِ مطلبه إلغاء إسرائيل كدولة يهودية. خلال السنوات الـ 11 في الكنيست دعا أكثر من مرة العالم العربي إلى مواصلة حربه ضد إسرائيل بمختلف الوسائل، بل أبدى تأييده لمنظمات الإرهاب. ويعتبر برنامج حزبه الأكثر تطرفاً في برامج سائر الأحزاب العربية».

وأعلن زعيم «الليكود» بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، أنّ «ما من أحد زعزع نسيج العلاقات بين اليهود والعرب في إسرائيل مثل بشارة». وأضاف أنّ «انصرافه من الحياة السياسية لن يأتي إلا بالفائدة على الجميع».
ووصف النائب البارز في حزب «كديما»، الشريك الرئيس في الائتلاف الحكومي الحالي، عتانئيل شنلر بشارة، أمس الأول الأربعاء، بأنه خائن!

وقال النائب من حزب «الاتحاد القومي» المتطرف، إيفي إيتام، إنّ النواب العرب عمومًا، وعزمي بشارة تحديدًا، «تجاوزوا الخطوط الحُمر التي تتيحها ديمقراطية برلمانية في وضعنا للمنتخبين من جانب الجمهور». وزاد أنّ «التفاصيل الآن تحت حظر النشر. ما أستطيع قوله هو إننا بصدد قضية خطيرة، لكن ما حصل كان متوقعاً، فأعضاء في الكنيست ينتهكون القانون بشكل فظ ويزورون دولاً عدوة من خلال الاستخفاف التام بقواعد الولاء لدولتهم».

وقال النائب يسرائيل حسون من حزب «إسرائيل بيتنا» إنّ جهاز «شاباك يشير منذ فترة إلى اتجاه حاصل في أوساط العرب في إسرائيل، سِمته الانفصال الذي أصبح الآن شعارا علنياً يشكل فيه النواب العرب رأس حربة».

وقال النائب من «الليكود»، غلعاد أردان، إنّ النشر عن عزمي بشارة «لم يُفاجئنا. دائما رأينا فيه داعماً للكفاح المسلح ضد إسرائيل وساعيا لتقويض يهودية الدولة. هو ليس موالياً ومخلصاً للدولة وغير راغب بوجودها. بشارة يثبت اليوم أنّ كل ما قيل عنه صحيح وربما أكثر من ذلك. عزمي بشارة برأيي هو طابور خامس في الكنيست الإسرائيلية».

وانضمت الوزيرة العمالية المحسوبة على الحمائم يولي تمير إلى من يعتبرون بشارة كمن «تجاوز الخطوط الحمر في دولة ديمقراطية».

وقال النائب اليميني زفولون أورليف إنّ النواب العرب في معركتهم السياسية ضد الطابع اليهودي للدولة «لا يختلفون عمّن يريد من أعدائنا ضعضعة الدولة بالإرهاب أو بالكفاح المسلح.. لذا علينا وضع شروط حدّ أدنى لعضوية الكنيست». وأعلن تقديمه مشروع قانون يمنع من كل من يزور دولة عدوة حق الترشح والانتخاب.


وكتب بن درور يميني في «معريف» أنّ غالبية الإسرائيليين ترى «تماثلاً وتطابقا بين بشارة والعرب في إسرائيل»، معتبراً ذلك «التراجيديا الكبرى». وأضاف انه إذا كان معظم الإسرائيليين يتخذون مواقف مناوئة للعرب، فإنّ بشارة هو السبب الأساس. هذا كان مبتغاه. أراد صراعًا ومواجهة. بشارة الداعم لنصر الله. بشارة الرمز. وإذا كان هذا هو الرمز الذي أنتجه العرب فلينصرفوا من هنا، هو وهم... عليه أن يطير أو يطرد من هنا، سواء بمبادرته أو بمبادرة الدولة. من دون هذا الإقصاء لن يحصل تغيير.. ولنصلِّ من أجل أن يحصل الأمر هذه المرة».
"فصل المقال"

التعليقات