الموقف الوطني ليس بحاجة لمعلومات.. / حنين زعبي

-

الموقف الوطني ليس بحاجة لمعلومات.. / حنين زعبي

ليس صحيحًا أنّ الشعوب لا تختار معاركها؛ بلى، الشعوب تختار معاركها، وقد اختار شعبنا الفلسطيني في البلاد معركته، وحدّد لها سقفا واضحًا: لا تفريط في العلاقة بيننا وبين وطننا، ولا نقبل بكيان سياسي في هذا الوطن يبني هويته على أساس نفي علاقتنا بهذا الوطن.

وقد كانت عمليات التخويف والترهيب وزرع أذرع السلطة دائمًا جزءًا من قواعد اللعبة السياسية، وكانت دائما تهدف إلى إضعاف التيارات الوطنية وجمهورها.

لكن شيئا جديدا حصل الآن؛ لم يعد يكفي التخويف والترهيب، ففي عزّهما استطاعت التيارات الوطنية عمومًا رفع سقفها السياسيّ إلى حدّ غير قابل للمقايضة بـ "حقوق مدنية خدماتية"، ضمن ما يُعرف بمطلب "المساواة".

وضمن قوانين اللعبة القديمة صلُب عود المجتمع العربي – وطبعا رغما عنها وليس بفضلها – ووصل المجتمعان العربي واليهودي إلى حدّ التناقض الأكبر، بالذات بعد الهزيمة العسكرية الإسرائيلية في الحرب على لبنان؛ مجتمع عربي أظهر قوة وصلابة ووضوح رؤية أنتجت وثائق تعدّت السقف الإسرائيلي بكثير، ويدعو في برامجه السياسية لتوجه بديل لانسداد الأفق السياسي. هذا، مقابل مجتمع يهودي منغلق على نفسه يرفض أيّ احترام لمحيطه، ومصدوم من خسارة عسكرية، ويعاني قلة حيلة وانسداد أفق سياسي كاملين.

شيء جديد حصل الآن، والمطلوب ليس التخويف أو العقاب أو الجزر، فقط، المطلوب ليس أقلّ من "التصفية السياسية" للمُتهمين. ولأننا لا نستطيع أن نتهم كل العرب وأن نزجّهم في زنزانة أصغر من وطنهم فلنطالب برأس الحربة والمشاغب الأكبر، "التجمع الوطني الديمقراطي" ورئيسه عزمي بشارة، بعد أن تم استهداف الشيخ رائد صلاح.

المعركة هي معركة الفلسطينيين في الداخل، أجل، لكنّ السلطات تستطيع أن تستكفي برأس واحد، أشارت له وصوّبت عليه. بالتالي، من يريد الدفاع عن شعبه، وعن السقف السياسي الذي اختاره هذا الشعب، وعن منجزات الحركة الوطنية في الداخل بكاملها، عليه أن يرى أن الملاحقة السياسية للتجمع الوطني ولعزمي بشارة هي جزء من حملة واسعة ضد الجماهير العربية كلها وضد قواها الوطنية. وأن هدف الحملة هو قمع البعد الوطني في عملنا السياسي، ومهمة كل الوطنيين الشرفاء الوقوف في وجهها بحزم وصرامة ووحدة صف حقيقية.

نحن على ثقة بأن جميع القوى الوطنية واعية لخطورة المعركة، وواعية لأن تتصدى لكل عملية تقسيم بين معتدل ومتطرف، فالحملة العنصرية تستهدفنا جميعا، والتصدي لها مهمة جمعية.

الدفاع عن منجزات نضالنا السياسي والدفاع عن شعبنا، يمرّان عبر الدفاع عمّن صوّبوا هدفهم عليه. الحركات الوطنية لا تقدم كبش فداء عنها. كما أنّ المسألة ليست مسألة "معلومات ننتظرها"، فالقضية قضية موقف سياسي وطني، وليست قضية معلومات. لا يحتاج ابن الشعب لمعلومات كي يقف مع شعبه، ومع قيادته الوطنية.

التعليقات