محاميد وكنعان في مقابلتين لـ"فصل المقال": الهجمة تهدف إلى إعادتنا إلى مرحلة "العربي الجيد"

-

محاميد وكنعان في مقابلتين لـ
تستعر الهجمة السلطوية الهادفة إلى النيل من التجمع القاصدة رأس زعيمه الدكتور عزمي بشارة..

فصل المقال التقت اثنين من السياسيين العرب، عضوين سابقين في الكنيست الإسرائيلي وزعيمي حزبين وطنيين هما التحالف الوطني التقدمي، هاشم محاميد، والقومي العربي، محمد حسن كنعان، حيث حلّلا هذا السعر في الهجوم على الحزب ورئيسه، وسبرا أغوار ومكامن ودوافع هذه الهجمة الدنيئة، إسرائيليا وعلى مستوى الجماهير العربية في إسرائيل.
محاميد: موقفنا، كموقف جميع الجماهير العربية، وكل الناس الوطنيين في هذه البلاد، هو أننا نرى في هذه الحملة أن لها أهدافا عديدة وتندمج في الهدف الصهيوني المعلن منذ إقامة دولة إسرائيل، بل قبل قيامها، حيث أن هذه الأهداف لا تبدأ بالفاشي ليبرمن، كما يفكر البعض، وإنما منذ بن غوريون ورابين.. ففي كتاب يوسي غولدشتاين عن رابين منذ العام 56، جاء أن بن غوريون سأل رابين ماذا يمكننا أن نفعل بالعرب؟ وكان جواب رابين، "لا مشكلة" نرحّلهم لأنهم خطر على أمن الدولة اليهودية وأينما تواجدت قرى فلسطينية في هذه البلاد فهي خطر علينا ويجب أن نسعى إلى ترحيل أهلها وتدميرها.. وعليه، فإن هذا يندرج من خلال ما يسمى اليوم "ترانسفير" وما كان يسمى ترحيلا في الماضي.. وهو ترانسفير سياسي وآخر خغرافي لجماهيرنا الفلسطينية في البلاد.

لذلك، فإن ما قاله رئيس المخابرات، ديسكين، مؤخرا، حيث وجّه اتهاماته نحو التجمع الوطني ونحو شخص د. عزمي بشارة ونحو سائر القوى الوطنية في البلاد، بأنه "يجب أن نتصدّى له ونسكته (بشارة و.أ) ويجب أن نضرب هذه القوى ونسكتها حتى لو أنها اتخذت أدوات قانونية ومشروعة في عرف القانون"..

هذه قضية ستدركنا جميعا بالطبع، وهي مسألة عنصرية تهدف إلى إعادتنا إلى مرحلة "عربي جيد" (المقصود كتاب عربي جيد، و.أ) أي أن نخجل عندما ننظر في المرآة إلى أنفسنا.. يريدون لنا أن نعود إلى مرحلة كنا نخجل إذ ننظر إلى أنفسنا بالمرآة.. لكن، وفي يوم الأرض الخالد تحديدا، خلقت شخصية فلسطينية جديدة تملك كبرياء بحيث لا تستطيع أية قوة أن تطبّق نموذج هذا "العربي الجيد" على جماهير شعبنا.
محاميد: أعتقد أنهم يدركون أن أفكار عزمي بشارة، ومنذ عشر سنوات في الأقل، قد هيمنت على الخطاب العربي الفلسطيني، ولقد أرادوا لها أن تكون صرخة في صحراء أو خواء.. لكنها أضحت تعبر عن مشاعر شعب كامل وعن وطنيته وتشبّثه بأرضه وبهويّته وبانتمائه إلى الأمة العربية وإلى فلسطين.

لذا، فإن فكر عزمي بشارة خلق جوّا جديدا في الوسط العربي الفلسطيني بل لدى العرب عامة، كما أنه خلق نقاشا واسعا بين الجماهير اليهودية أيضا، حول ماهية الدولة، وتعريفها، وكيف تكون ديمقراطية وهي يهودية، بل كيف تكون ديمقراطية وهي تحتل وتقمع، وكيف تكون ديمقراطية وهي تستثني 20% من مواطنيها، كيف تكون ديمقراطية والأرض تنتمي إلى عرق معين وإلى مجموعة إثنيّة معيّنة.. وهنا خلق فكر عزمي بشارة نقاشا واسعا بين اليهود أنفسهم، وهنا بدت خطورة فكر عزمي بشارة في نظر المخابرات والقوى الفاشية واليمينية الإسرائيلية، هذه القوى التي تنفر من العيش بسلام مع الجماهير العربية.
محاميد: "إنني في حاجة إلى تنهيدة كبيرة لكي أملك الإجابة على هذا السؤال".. حيث إنني لا أفهم كيف يمكن أن يشارك عربي في مثل هذه الحملة خاصة أن هذه الحملة تندرج في محاولات الحركة الصهيونية والنظام القائم في إسرائيل لتصحيح ما سمّي في حينه "الخطأ التاريخي" بالإبقاء على 150 ألف عربي في مناطق ما يسمى الـ 48.. فهناك مجموعات صهيونية لا تريد أن ترى عربا في هذه البلاد، ولا تريدنا أن نفكّر أو أن نطرح بدائل للفكر الصهيوني..

حيث لا أحد هنا ينادي، لا عزمي بشارة ولا غيره ، بتدمير دولة إسرائيل.. فنحن نريد هذه الدولة أن تصير ديمقراطية لجميع المواطنين.. لكن هؤلاء العرب لا يدركون أنه إذا نحن سكتنا اليوم وتركناهم يستفردون بعزمي بشارة وبالتجمع الوطني، فإنهم سيأكلوننا آحادا ثم جماعات وأحزاب.. ولذا فإنني أستهجن هذه التصرفات التي لا أدري ما هو الثمن الذي يدفع لهذه النوعية من الخلق الذين لا يشبهون البشر سوى أنهم يدبّون على اثنتين..
محاميد: من المفضل أن يخرج الكل منا للتصدي، فالقضية ليست قضية عزمي بشارة، وهي ليست قضية التجمع الوطني، إنها قضيتنا جميعا كشعب يمثل أقلية في وطنها الأصلي.. وهي تشهر سؤال وتثير تساؤل نكون أو لا نكون.. وعليه يجب أن نزيد من تلاحمنا، حيث تجتمع جميع القوى الوطنية والعقلانية على وحدة المصير في هذه المعركة المصيرية التي ستحدّد وجهتنا.. وليعلم الجميع أنهم لن يكتفوا بعزمي بشارة وهم لن يتوقفوا عند التجمع، وقد سبق أن خضنا معركة مشابهة أيام كان الشيخ رائد صلاح مرصودا على بوز مدفعهم فتصدينا وأثبتنا أننا نستطيع أن نفشل أشرس الهجمات.. بوحدتنا وبتلاحمنا.. وهناك حاجة لتسريع عملية إلتقاء وتجميع كافة الأطراف لمواجهة هذه الهجمة المسعورة على جزء عزيز من صميم الحركة الوطنية الفلسطينية.

أقترح مضاعفة مجهودنا الإعلامي، حيث يجدر أن نزيد من حضورنا في الإعلامين العربي والعبري، وذلك من أجل إيضاح ما يجري على الأرض ولإفشال هذه المؤامرة الخبيثة واللعبة الخطيرة التي يشارك فيها، للأسف، بعض من العرب
كما أنني أعتقد أن هنالك حاجة للتفكير سويّة في عقد مؤتمر ضد العنصرية، حيث إننا ضحايا العنصرية.. إذ يتوجب علينا أن ندعو إلى مؤتمر عربي يهودي يناقش موضوع العنصرية المتفاقمة في البلاد، ويناقش، كذلك، سبل التصدي لها.
قال النائب السابق رئيس الحزب القومي العربي، محمد حسن كنعان، في حديث له إلى فصل المقال، "إننا في الحزب القومي العربي سبق وأكّدنا على تضامننا الكامل مع النائب الدكتور عزمي بشارة، وأننا ندين الملاحقة من أي نوع كان.. وخاصة الملاحقة السياسية التي تستهدف التجمع الوطني الديمقراطي وقيادة هذا الحزب"..

وأضاف أنه يعتقدها محاولة لكمّ الأفواه ولمنع التجمع عن ممارسة عمله السياسي بالشكل الذي يرتأيه ضمن برنامجه المعلن على الملأ..

وأعلن أبو حسن "أننا قلبا وقالبا مع حزب التجمع الوطني الديمقراطي في هذه المعركة، ونحن ضد الملاحقة السياسية والشخصية ونعلن تضامننا التام والمطلق مع الأخ عزمي بشارة"..

ورأى كنعان إلى هذه الحملة جاءت كمحاولة لتقويض عمل التجمع ولتخويف القيادات العربية والمواطنين العرب من برنامج هذا الحزب بإظهاره متطرّفا، وذلك لأن برنامجه يشكّل عقبة أمام المؤسّسة الحاكمة ويمكن اعتباره جسرا متينا وأساسي لدى الجماهير العربية في الداخل حيث تعمل هذه الجماهير على بناء ذاتها وكيانها كأقلية قومية فلسطينية عربية في هذه الديار.

ووصف كنعان، في كثير من الإستنكار، إلى العرب الذين يشاركون في الهجمة المسعورة على التجمع وزعيمه، بأنهم يرتكبون خيانة عظمى بحق شعبهم، "حيث أن القضية ليست شخصية بل هي عامة تخص كل مواطن عربي في هذه البلاد، وكل إنسان تجري في دمائه حرارة الإنتماء إلى عروبته وإلى شعبه ووطنه، لا يمكنه أن يشارك في مثل هذه الحملة.. لكن من فقد كل ذلك فلن نستغرب إن هو ارتكب خيانة عظمى في حق وطنه، وعلى شعبنا أن ينبذه كليّا من صفوفه، ومن الأفراح والأتراح ومن مختلف المناسبات.

ويرى أبو حسن إلى وجوب التصدي لهذه الحملة موحّدين بجميع قوانا السياسية الوطنية الفاعلة في الشارع العربي، حيث "أكرّر، زاد كنعان، أن الهجمة اليوم على عزمي والتجمع، وبالأمس كانت موجّهة ضدّ الحركة الإسلامية الجناح الشمالي والشيخ رائد صلاح، وغدا لا أدري من من قيادة الأحزاب ستستهدفه المؤسّسة، وعليه يجب أن تكون هذه المسألة قضية جميع الجماهير العربية بقواها السياسية والوطنية.. ويجدر أن يكون هذا موقف لجنة المتابعة لقضايا الجماهير العربية، ومن المهم أن لا نهزم في هذه المعركة التي هي الأشرس من بين جميع ما تعوّدناه من مواجهات مع المؤسّسة"..

(وليد أيوب- "فصل المقال")

التعليقات