بمشاركة د.عزمي بشارة؛ الندوة القومية الأولى في ذكرى العدوان تؤكد على المقاومة..

د.بشارة يشارك في ندوة المنتدى القومي العربي: "عام على حرب تموز العدوانية"، ويتحدث في "مسرح المدينة" بدعوة من "المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق" عن "تداعيات الحرب على الكيان الإسرائيلي"..

بمشاركة د.عزمي بشارة؛ الندوة القومية الأولى في ذكرى العدوان تؤكد على المقاومة..
شكلت الندوة الاولى التي دعا إليها «المنتدى القومي العربي»، أمس الإثنين، تحت عنوان «عام على حرب تموز العدوانية: انتصار لبنان المقاوم: أبعاد وتفاعلات عربية»، تظاهرة فكرية وسياسية وثقافية كبرى لمناسبة مرور عام على عدوان تموز وانتصار المقاومة.

شارك في الندوة أكثر من 200 شخصية عربية واسلامية وحضرها ممثل رئيس الجمهورية الوزير المستقيل فوزي صلوخ، الرئيس سليم الحص، ممثل مفتي الجمهورية الشيخ ابرهيم الحوت، رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، النائب اسامة سعد، د.عزمي بشارة، رئيس المنتدى محمد المجذوب، الرئيس المؤسس معن بشور، المطران جورج خضر، وشخصيات سياسية ودينية.

ترأس بشور جلسة الافتتاح، فقال: «واكب انتصار لبنان المقاوم الذي صنعه فرسان المقاومة البواسل بإيمانهم وشجاعتهم وكفاءتهم وبتضحياتهم مشهدان لا يمكن اخراجهما من ذاكرة الامة. المشهد الاول هو احتضان لبنان بكل ابنائه وبيئاته والوان الطيف السياسي والاجتماعي لمقاومته لابناء المناطق المستهدفة والمتضررة. والمشهد الثاني هو تلك الهبة الشعبية العربية التي شهدتها كل عاصمة ومدينة وقرية من مغرب الوطن الكبير ومشرقه».

ثم القى المجذوب كلمة عدد فيها «الآثار والتأثيرات الايجابية التي تمخض عنها انتصار المقاومة وهي: تحطيم الاساطير الصهيونية المتمثلة بـ: بقاء اسرائيل الى الأبد واستحالة القضاء عليها، الوساطة او الرعاية او الصداقة الاميركية، التطبيع مع العدو الصهيوني، الاستخبارات الاسرائيلية التي لا تخطىء والارض والطبيعة والظروف غير الملائمة لنشوء المقاومة عربيا ونجاحها. انتزاع انتصار جلل من العدو، اعادة الاعتبار الى عنصر الارادة والصمود والمواجهة ودور القوى والحركات الشعبية، البرهنة على ان الانسان العربي قادر على الجمع بين الايمان والعلم وبين النضال والتكنولوجيا، تكريس المقاومة اللبنانية مثالا يحتذى، اقناع المسؤولين العرب بأن الغطرسة الصهيونية والهيمنة الاميركية واللامبالاة العالمية ليست قدرا لا يرد، إيقاظ الذاكرة الجماعية العربية وتحريك عوامل التململ والتمرد في الروح العربية واحداث زلزال في الكيان الصهيوني تجلى في الاستقالات والانقسامات والخلافات والتداعيات».

وقال الرئيس الحص: «كنا نقول إن اللبنانيين يبحثون دوما عن أمر يختلفون حوله. فإذا بالخبر في لبنان وجهة نظر، وكذلك هو الرقم، وحتى الدستور أضحى وجهة نظر. ثم اكتشفنا أن حصيلة الحرب هي أيضا وجهة نظر. ففي الوقت الذي يعترف العدو بهزيمته الفاضحة عبر ما عرف بتقرير «فينوغراد»، فيتعرض لزلزال سياسي داخلي، لا يرى بعض اللبنانيين في حرب إسرائيل على لبنان، ويا للعجب إلا خطف جنديين إسرائيليين، وإلا ما نجم عن الحرب من قتل وتهجير ودمار، ويتجاهل هؤلاء أن إسرائيل تحتجز مناضلين لبنانيين، لا سبيل للافراج عنهم عمليا سوى عبر عملية تبادل للأسرى، ويتجاهلون أنّ إسرائيل تحتجز نحو عشرة آلاف فلسطيني ولا تسمع اعتراضا على ذلك من إسرائيليين أو من أدعياء الحضارة والحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان في أميركا وبريطانيا وفرنسا وخلافها، لا بل ولا من الحكام العرب، كأنما يجوز لإسرائيل ما لا يجوز للبناني أو لفلسطيني، فما تقدم عليه الدولة الصهيونية مشروع ومستساغ ولو أنه يتعارض مع أبسط الشرائع الإنسانية والقوانين الدولية والقيم الحضارية».

اضاف: «وانفجرت الحرب، فكان أن وظفت فيها الدولة العبرية آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا الحرب الحديثة من وسائل الفتك والتدمير، كان الثمن غاليا وأليما، ولكنه أيضا كان شاهدا على عناد اللبنانيين في الحق وعلى روعة صمودهم، فما لانت لهم قناة حتى النصر المؤزر، وكان النصر في عدم تمكين العدو من التقدم على أرض لبنان على الرغم من تفوقه عدة وعديدا، حاول خلال اليومين الأخيرين من المواجهة احتلال نقطة، مجرد نقطة، على خط الليطاني كي يسجل أنه أحرز تقدما يمكن أن يسميه انتصارا، فما استطاع، فانتهت الحرب حيث بدأت، على تخوم قرى حدودية».

واشار الى «ان المقاومة كانت خارقة، وكان التصدي باهرا، وكان الصمود، صمود الشعب الأبي والمقاتل الباسل على السواء، فائقا. كانت أطول حرب في تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي، دام القتال 33 يوما، أعقبها ثلاثة أسابيع من الحصار الخانق، أما الحصيلة فكانت خيبة القوة التي لم تألف الهزيمة، وكان يقال أنّها القوة التي لا تقهر. لذا كان الصمود، مجرد الصمود، في وجهها نصرا مبينا».

واكد انه «لم يعد أحد منا يستطيع أن يجزم ما إذا كانت حربا إسرائيلية مدعومة أميركيا أم كانت حربا أميركية تنفذها إسرائيل، والشواهد على ذلك متعددة: طوال 33 يوما من القتال لم يصدر كلمة شجب أو استنكار واحدة من مسؤول أميركي إزاء ما كان يتعرض له لبنان من عدوان فاجر ، وكانت محاولات ثلاث لإصدار قرار بوقف النار في مجلس الأمن الدولي فكان المندوب الأميركي الدائم هو الذي حال دون صدورها متعللا بالقول إن أوان وقف النار لم يحن بعد، وكنا نأخذ هذا القول على محمل الضوء الأخضر الأميركي لإسرائيل لمواصلة عدوانها، ثم صدر عن الإدارة الأميركية مرتين خلال تلك الفترة بيان يفيد أن الدولة العظمى سوف تزوِّد إسرائيل بالأسلحة الذكية فيما كنا نتعرض ليلا نهارا لقصف همجي من الجانب الإسرائيلي. من هنا اختلط علينا الأمر فلم نعد ندري ما إذا كانت حربا إسرائيلية تدعمها أميركا أم حربا أميركية تنفذها إسرائيل وكالة».

وقال «لم يكن النصر في هذه الحرب الإنجاز الوحيد في سفر الصراع العربي ـ الإسرائيلي، كان صمود الشعب الفلسطيني الباسل منذ عام 1948 أبلغ شاهد على إرادة المقاومة العنيدة التي يتسلح بها الشعب العربي، فما استسلم، وبعد نحو ستين سنة من النكبة ما زال الفلسطيني يقاوم ويقاوم داخل الأرض المحتلة، لا بل على تخوم عاصمة الدولة العبرية، تحت لافتات المناضلين من حماس وفتح والجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي والجبهة الديموقراطية وخلافها، ما استسلم الشعب الفلسطيني ولن يستسلم، ولكن المؤلم لا بل الفاجع أن أعداء المقاومين استطاعوا جرهم إلى الاقتتال مؤخرا، في ما يشبه الانتحار. فلا غرو إن كان صدام فصيلين فلسطينيين على أرض فلسطين، فيما كان العدو يقصف الفريقين، مدعاة استنكار ورفض من العرب جميعا. لا يحق للمقاومة في حال من الأحوال أن تنتحر، من حيث أن القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية، لا يجوز أن تتقوض أو تتبدد على مذبح نزاعات جانبية».

واعتبر «ان المؤلم والمخزي في آن أننا وقعنا في الفخ الذي نصب لنا، فهل نستدرك ونتدارك ما يبيت لنا. وإذا كان الصمود، مجرد الصمود في وجه أعتى قوة في العالم، انتصارا، فإن إرغام تلك القوة على الإنسحاب من لبنان في عام 2000 تحت مطرقة المقاومة اللبنانية كان بحق مفصلا تاريخيا. فللمرة الأولى يخلي العدو الإسرائيلي أرضا عربية يحتلها دون قيد أو شرط. خرج الاحتلال، أو بالأحرى أخرج، من لبنان من دون أن يوقع بلدنا الصغير على صلح منفرد أو على صك يترتب عليه تفريط ما في حق عربي من قريب أو بعيد، وكان لذلك الانتصار العظيم أثر دامغ على معطيات الصراع العربي ـ الإسرائيلي، فقد جاء مصداقا لحقيقة أن العدو الإسرائيلي ينتصر في حرب تقليدية، بين جيش نظامي وجيش نظامي، ويمنى بالهزيمة في وجه مقاومة شعبية عنيدة. ما كان هذا يوما في حسبانه. وكان الانتصار الثاني التاريخي في حرب إسرائيل على لبنان في صيف العام ,2006 تلك الحرب التي نحتفل بذكراها السنوية الأولى اليوم. خسىء الذين لا يرون عظمة ذلك الانتصار ويحاولون طمسه بالحديث عن التضحيات التي بذلها لبنان وشعبه على فداحتها وعظمتها».

وقال: «شهد العالم حروبا ضارية، فما دفن المنتصر يوما وهج انتصاره تحت ركام الثمن الذي دفعه. دمرت فرنسا في الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن العشرين. ولكن ذلك لم يبدد صورة النصر في نفوس الفرنسيين، ولبنان يرى في شهداء الحرب، حرب صيف العام ,2006 صفحة ناصعة في سفر جهاد الأمة من أجل الحرية والكرامة والعزة. ويرى في شقاء المهجرين شاهدا على تصميم الشعب الأبي على البذل والعطاء بلا حساب من أجل قضية يلتزمها. ويرى في الدمار الهائل الذي حل تعبيرا عن إرادة الشعب المقاوم في تحمل كل التضحيات من أجل الحفاظ على أسمى القيم الوطنية والقومية والإنسانية التي يؤمن بها».

وأكد «ان التاريخ سيسجل أن حرب صيف العام 2006 كانت مفصلا في سياق الصراع العربي ـ الإسرائيلي، مفاده أن التصدي للعدو الصهيوني لا يكون بالجيوش النظامية في حروبٍ تقليدية وإنما يكون بالمقاومة الشعبية العنيدة. كسبت إسرائيل كل حروبها مع جيوش العرب النظامية، نظرا لانعدام التكافؤ بين الجانبين عدة وعديدا، وخسرت في كل مواجهاتها مع المقاومة الشعبية».

وتابع: «ان هذا الدرس هو برسم العرب جميعا، وبالأخص برسم الإنهزاميين الإستسلاميين الذين باتوا يرون، والعياذ بالله، في هزيمة تسمى سلاما، فضيلة لا بل غاية المنى. لن تكون التسوية سلاما إن لم تكن عادلة، أي إن لم تحفظ الحق العربي كاملا غير منقوص. والحق العربي مصون بالقرار 194 وليس بالقرار ,242 فعودة اللاجئين بموجب القرار 194 يجعل من فلسطين قضية وجود. أما تقسيم فلسطين بموجب القرار 242 فيجعل منها قضية حدود، وهي ليست كذلك».

وختم بتوجيه «تحية خالصة من القلب إلى المقاومة وشهدائها، إلى الشعب الصابر الصامد المقاوم في الجنوب وفي كل بقعة من بقاع لبنان حيث واكب المواطن إنجازات المقاومة الخارِقة بوجدانه وبكل ما يملك من دعم معنوي ومادي ، وإلى الجيش اللبناني الباسل وشهدائه الأبرار وقد دلل مجددا على أنه هو الحصن الحصين لوحدة وطننا وبالتالي لوجوده، كانت حرب تموز في حصيلتها المشرفة بحق مفصلا مشهودا في مسار الصراع العربي ـ الإسرائيلي، لذا القول إن الانتصار كان تاريخيا».

وأشار المطران جورج خضر الى «ان الكيان الصهيوني قائم على ارادة الالغاء للآخر وحصره وخنقه على اساس فلسفة عنصرية ذاق يهود اوروبا مرها في الحرب العالمية الثانية وينقلون فاجعتهم الى جعل الاخرين ضحايا». وقال: «عندما انتقدني الاقربون لدفاعي عن المقاومة كان جوابي بسيطا: هل من إمكان غير الرد؟ وهل الاعتداء لا يستدعي هذه البسالة غير المتوقعة والمتقنة كما لم تفعل مقاومة اخرى في العالم؟ هذه ثقافة الحياة وليست بثقافة الموت».

اضاف: «المقاومة تشجع على التنمية والانتاج والذوق الحضاري ولكنها ليست في حد ذاتها كل هذا، وهذا يعني في ما يعني ان يتربى المقاومون فردا فردا تربية على الوحدة».

من جهته، قال د.عزمي بشارة: «أنا ضد أن نتناقش إذا كان لبنان قد انتصر أم لا، ذلك أن النصر أصبح وجهة نظر سياسية، كما الصراع مع إسرائيل بات خاضعا للصراع الرئيسي أي الصراع الداخلي، وان إعلان انتصار المقاومة بات يعني للبعض هزيمة له، لأن هناك فرقا بين تحرير واندحار بعد 17 عاما وبين تحرير وانتصار ودحر بثلاثة وثلاثين يوما. علينا الخروج من هذا النقاش المصطنع، وننظر إلى بسالة وتضحيات الشعب والمقاومين طوال حرب تموز، المقاومة لم تذهب لحرب لكي تربح او تخسر، ولم تختر زمن حرب، ولم تقرر حربا، بل قامت بعملية من نوع منتشر، لكن إسرائيل معروفة أنها هي التي تخطط وتقرر مسبقا سببا للحرب».

وأضاف: «هناك بذور نراها تحصل لضرب المقاومة، من تحالفات مناقضة في العراق، طائفية متعاكسة، تترافق أيضا مع محاولة نشر بذرة طائفية لإحداث حاجز نفسي بين شباب الأمة وهذا النمط».

وقال خالد السفياني: «كانت حرب الند الذي يمتلك الارادة ويمتلك حق الاستشهاد، والند الذي يمتلك كل أسلحة العالم، وفعلا صدق الوعد وتحقق النصر الذي لا يمكن ان يختلف فيه حتى من ينكر النصر على بلده، أما نتائج وتداعيات الانتصار فيمكن ان تخضع للنقاش السياسي». وأعلن «التمسك بخيار المقاومة وثقافتها وحكمتها، فلا يمكن لأحد أن ينزع عن لبنان عروبته واستقلاله ولا يمكن للبنان إلا أن يكون موحدا».

ثم كانت كلمة رعد الذي قال: «عام مضى على الحرب العدوانية الصهيونية ضد لبنان والتي اراد العدو حسمها خلال ثماني ساعات ولكنها امتدت الى 33 يوما بدءا من 12 تموز الى 14 آب من العام ,2006 وكان هدفها الاساسي المباشر انهاء المقاومة ونزع سلاحها، اما وظيفتها فكانت اخضاع لبنان عسكريا وسياسيا واشاعة مناخ الهزيمة في العالم العربي تمهيدا لفرض تسوية تصالحية بين دوله وانظمته وبين الكيان الصهيوني تسمح بتطبيع العلاقات على قاعدة شرعنة الاحتلال، كما تتيح اعادة رسم خريطة المنطقة على نحو يلغي هويتها العربية ويجعلها جزءا من الشرق الاوسط الجديد بحسب ما خططت له الادارة الاميركية».

وأضاف: «كان ذلك كله يتوقف على هزيمة المقاومة في لبنان، لتتخفف بعض الانظمة العربية من الحرج، وليتم ترهيب انظمة اخرى لا تزال في موقع الممانعة، وليتصدر قسم ثالث من الانظمة حملة تسويق التسوية بعدما يكون قد سقط خيار المقاومة في المواجهة نهائيا. وبناء عليه، اوكلت مهمة القيام بالحرب للكيان الصهيوني وتعهد الاميركيون بحشد كل الدعم الدولي الذي شاهدناه ولم يوفروا الاستفادة من المواقف المطلوبة من بعض النظم العربية لتشويه صورة المقاومة لدى الرأي العام العربي والدولي وتطويقها والضغط عليها. لكن الصمود الاسطوري للمقاومة في لبنان اسقط كل اهداف العدوان ووظائفه والمهام التي تم تنسيقها بين المتآمرين والمعتدين والمتواطئين».

وتابع: «لقد استطاعت المقاومة ان تفي بالتزامها وان تقدم النموذج الذي وعدت به، وان تحقق انتصارا تاريخيا واستراتيجيا شكل منعطف تحول كبير لاحداث المنطقة وتطوراتها واستراتيجية النصر يمكن تلمس مظاهرها في عدة تجليات اهمها: اولا انهى نصر المقاومة زيف الاسطورة الصهيونية حول التفوق العسكري في المنطقة. ثانيا حطمت المقاومة بانتصارها المدوي كبرياء العدو حين اصابت بنيته الاساسية التي يشكلها الجيش الصهيوني. ثالثا عجز وفشل الجيش الصهيوني، تصدع الدور الوظيفي للكيان الغاصب سواء في تهديد وارهاب شعوب المنطقة. رابعا: كشف انتصار المقاومة في لبنان ان خيارها هو الخيار الاجدى في مواجهة العدوانية الصهيونية ومشاريعها. خامسا انعكس انتصار لبنان المقاوم تنامي ثقة الشعوب العربية بنفسها وبقدرتها على الصمود والممانعة في وجه التحديات والمخاطر».

وختم: «ان الاميركيين الذين ارادوا كيدا في العراق ولبنان وفلسطين والصومال مستفيدين من اختلال دولي عابر وموقت اخذ يرتد كيدهم نحوهم، وان التغيير الذي ارادوه على حساب مصالحنا قد بدأ يطال مصالحهم ومع رياح المقاومة سينزاح احتلالهم ونفوذهم والرهان سيكون هو دائما على الله وعلى وعي شعوبنا ووحدة خيارها وحسن تخطيط القوى الحية فيها».

بعد ذلك، بدأت الجلسات بمناقشة صباحية لمحور «ابعاد الانتصار اللبناني»، فكانت الجلسة الاولى برئاسة عبد العزيز السيد (الاردن)، وتحدث فيها محمد السعيد ادريس (مصر) عن البعد الاستراتيجي، والبروفسور محمد الحموري (الاردن) عن البعد القانوني، وعبد الوهاب القصاب (العراق)، وعلي فياض (البعد التعبوي).

ثم القى عبد المجيد الرافعي مداخلة حول تطوير الانتصار، فيما قدمت رئيسة «اللجنة العربية لحقوق الانسان» فيوليت داغر ورقة حول فكرة تشكيل محكمة مدنية جزائية لمجرمي الحرب.
أما الجلسة الصباحية الثانية، فترأسها رسول الجشي (البحرين) وتحدثت فيها الفنانة العربية رغدة عن البعد الفني، وعبد العظيم المغربي (مصر) عن البعد الشعبي، وجمال عبد السلام عن البعد الطبي والانساني.
كتب بيسان طي:

خرج المفكر العربي عزمي بشارة في الكلام على حرب تموز 2006 من المتاهات التي يقود إليها النقاش العربي المصطنع المنطلق من سؤال «هل دخلت المقاومة الحرب؟»، في لقاء المنتدى القومي العربي صباح أمس، وفي الندوة المسائية، حيث ذكّر بأن حادثة خطف الجندييْن الإسرائيلييْن تُطرح في إسرائيل بشكل مخالف لكيفية طرحها بين بعض العرب، فهي بالنسبة إليهم محاولة الخطف الرابعة وأن خمسة من الجنود الذين قتلوا خلال تلك العملية قتلوا خلال محاولة ملاحقة المقاومة داخل الأراضي اللبنانية. وفيما ذكّر بشارة بأن الحكومة الإسرائيلية قررت في جلستها المسائية ذلك اليوم اعتبار عملية الخطف سبباً للحرب، شدد على أنّ «من قرر الخروج من الحرب ليس المقاومة، وهذه بديهيات غائبة عن الخطاب العربي».

بشارة كان يتحدث مساءً في مسرح المدينة، بدعوة من المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، عن «تداعيات حرب تموز على المجتمع والدولة في الكيان الإسرائيلي». وقدّم اللقاء مدير المركز الدكتور علي فياض، وحضره الرئيس سليم الحص ونواب وشخصيات سياسية وثقافية.

لم يكن بشارة محايداً حتى في نبرة صوته، فكرّر: «ما حصل أن العدوان الإسرائيلي واجه مقاومة بطولية يجب أن ترفع الأمة العربية رأسها بها»، وانتقد بشارة من رأوا الحرب «مغامرة قام بها حزب الله»، لافتاً إلى أنّ هذا الكلام ناتج من أنّ «فئات وقوى معينة في المجتمعات العربية صارت مستعدة لأن تجاهر بإخضاع الصراع مع إسرائيل للصراعات الداخلية» فلم تحصل الإدانة أو مهاجمة عمليات «الإبادة» التي كانت إسرائيل تنفذها في لبنان من خلال القصف، وقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنّها تريد معاقبة جزء من المجتمع اللبناني ليتعظ الجزء الآخر مع تعميق الشرخ الطائفي.

خلال بداية الحرب، أظهرت استطلاعات الرأي أنّ نسبة تأييد الإسرائيليين لقرار الحرب وصلت إلى 80 في المئة، في 6 آب 2006 انخفض التأييد إلى 50 في المئة، وفي ذلك اليوم قُتل 12 جندياً إسرائيلياً، وفي نهاية العدوان كان المؤيدون لقرار الحرب 40 في المئة والمؤيدون للحكومة الإسرائيلية 17 في المئة. وقد ذكّر بشارة بأن إيهود أولمرت هو الذي اتخذ قرار الحرب بدعم أو إيعاز من الولايات المتحدة، وبأن الإسرائيليين ولجنة فينوغراد لا يتحدثون عن الفشل الأخلاقي في الحرب لكنّهم مهتمون فقط بأسباب هزيمتهم، فقد «واجهت إسرائيل مقاومة بطولية» وهي تجهد حالياً لكي يستعيد الجندي الإسرائيلي مهاراته الفردية.

بشارة، الذي نأى عن الخطاب العربي السائد بشأن الحرب، ابتعد عن التأويلات السائدة حول الرؤية الأمنية في إسرائيل، مذكّراً بأنّ واضعها هو بن غوريون نفسه الذي تحدث عن ضرورة ألاّ تتورط إسرائيل في حرب طويلة وأن تقوم بضربات استباقية وأن تنقل المعركة إلى أرض أعدائها. وركّز بشارة على أهمية التفوق التكنولوجي والارتباط بدولة كبرى، مشيراً إلى أنّ بسالة المقاومين برهنت أنّ التفوق التكنولوجي وحده رغم أهميته الكبيرة، لا يجعل إسرائيل تربح الحرب، وهي حالياً تواجه معضلة انهيار عقيدتها الأمنية وتراجع مهارات الجندي الفرد.

ولفت إلى أنّ إسرائيل لم تعد تستطيع أن تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية أو تشن حرباً على لبنان إلاّ في إطار حرب إقليمية ليست بالضرورة رابحة بالنسبة إليها، ولم تعد قادرة على اتخاذ قرار الحرب وحدها. وأكّد بشارة أنّ «التعويل على النقاشات داخل إسرائيل في الحرب خطأ كبير»، وأنّ وسائل الإعلام تحولت إلى مكان للتعبئة يُصدّر نظريات مخيفة وسخيفة مثل طرح أسئلة خلال العدوان «هل نجعل لبنان خراباًَ أو تلالاً من الرمل؟».

بشارة جدّد التأكيد على أنّ النموذج الذي قدمته المقاومة يجب أن يُدرس في الأمة العربية، فهي صاحبة استراتيجية موحدة، يتفوّق لديها العنصر البشري المقاتل، لكن «دراستها لا تقوم دون التنقية من الحالة الطائفية»، والكلام في هذا الإطار طويل بعدما انتهى بعض المثقفين العرب من التعلق بشعار «الديموقراطية» ليتحدثوا الآن عن «العلمانية» في مواجهة الأصولية، لكنّها «علمانية» يراد بها محاربة التيارات الدينية التي تحارب إسرائيل.

النقاش الذي يدعو إليه بشارة القومي العربي ينطلق من مسلّمات أخرى تفخر بإنجاز المقاومة في لبنان صيف 2006.

التعليقات