أن تكون عربيا..!! * رشيد حسن

-

أن تكون عربيا..!! * رشيد حسن
يستفيض المفكر العربي ، د.عزمي بشارة ، في كتابه"أن تكون عربيا" ، الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية ، في أيار 2009 ، في الحديث عن الفكر القومي ، والتحديات التي تواجه تجديد هذا الفكر ، وصراع الهويات ، والمتغيرات الأميركية ، وفلسطين والقضية الفلسطينية ، مركزا في كل ذلك ، على ضرورة وجود مشروع قومي ، يشكل بوصلة سياسية للأمة ، لنخبها وأحزابها ، وللشباب حتى لا يضلوا الطريق .

د. بشارة يستعرض بعمق ، معنى أن تكون عربيا ، أو عروبيا ، في هذه المرحلة ، مشخصا الحالة الراهنة بكل آلامها وأوجاعها ، مؤكدا وبكل وضوح لا يحتمل الالتباس أو الغموض ، معنى أن تكون عروبيا ، وبخاصة في أيامنا هذه ، يعني بشكل واع أنك تحمل هوية عربية ، تعتبر نقيضا لتسييس الهويات التفتيتية.

ويضيف ومعناه أيضا ألاّ نجعل الانتماء إلى القومية العربية ، أساس المواطنة ، بل يعني أن العروبة أساس حق تقرير المصير ، وبناء الدولة ، فالعضوية في الدولة - الأمة ، تعني المواطنة المتساوية ، سواء أكان المواطن عربيا أو غير عربي.

ويمضي د.بشارة ببراعة النطاسي ، يشخص الداء ويصف الدواء ، ويستأصل الأورام "إن خير تعبير عن إرادة الأمة ، وأقصر طريق لحق تقرير المصير ، هو الديمقراطية ، وشرطها هو حقوق المواطن ، والحريات المدنية ، ومن يريد أن يكون عروبيا ، يجب أن يسعى إلى التغيير ، عن طريق إرادة الأمة بالديمقراطية ، وهذا لا يعني أن يدعو إلى الديمقراطية ، ويبشر بها فقط ، بل أن يكون صاحب برنامج سياسي واجتماعي ، مطروح للناس كخيار ديمقراطي" ص,70

ويمضي واضعا النقاط على الحروف "في ظروفنا ، لا تبني أمة يتلقى أبناؤها التعليم بمستويات مختلفة ، وبرامج تدريس مختلفة ، ولغات مختلفة ، ويتلقى مرضاها العلاج طبقا لوضعهم الطبقي...لا بد إذن في عصرنا هذا ، من جمع فكرة القومية مع الديمقراطية والعدالة الاجتماعية".

ويستطرد المفكر العربي د.بشارة ، محاولا العودة إلى الأسباب والمسببات..."ولأن الاستعمار وإسرائيل قد حددا موقفا ضد العروبة ، هوية لشعوب ودول المنطقة ، وموقفا ضد الاتحاد العربي ، بفصل الشرق عن الغرب ، ومن السطو المسلح على فلسطين ، ونهاية الاستفراد بكل دولة عربية على حدة ، في شؤون الثروة والثورة والاستراتيجبة ، وأخيرا فيما يسمى بعملية السلام....فأن تكون عروبيا ، يعني بالضرورة أن تدعم المقاومة" ص,71

ويزيد في ايضاح معنى دعم المقاومة "بألاّ نكتفي في التغني بها ، ونترك ممارستها للتيارات الدينية" داعيا العروبيين الوحدوين المعارضين للطائفية و المذهبية أصحاب البرامج أن ينخرطوا في المقاومة بأنفسهم.

ويضيف"أن تكون عروبيا يعني أن تكون قادرا على طرح الفكرة العربية ، بشكل يلتقي مع مصالح الناس ، ويشكل حلا لهمومهم" ، مشيرا بأن الليبراليين الجدد ، ليسوا بديمقراطيين بل هم ممسوسون بلوثة عداء لكل ما هو عربي.

ويصل د.بشارة بعد تشخيص الواقع ، ورسم الخطوط العريضة لآفاق النهوض "يجب أن يتحلى خطابنا بالواقعية ، من أجل تغيير الواقع ، لا من أجل تكريسه ، وبالثورة النقدية ، من أجل ترشيد وعقلنة ، وأنسنة الحلم ، حتى لا يتحول إلى طوبى غاضبة ، أو تقريعية ، أو تبشيرية ، سرعان ما تتحول من الايدلوجية الشاملة إلى الانحلال الشامل.

باختصار...ما أحوج النخب والمثقفين والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني إلى قراءة هذا الكتاب..وما أحوج الأجيال الضائعة إلى الاسترشاد به ، وهي تحاول البحث عن ذاتها وهويتها.

Rasheed_hasan@yahoo.com


"الدستور"

التعليقات